هي أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس العامرية إحدىٰ السابقات إلىٰ الإسلام.. أسلمت رضي الله عنها في بداية الدعوة مع زوجها السَّكران بن عمرو رضي الله عنه، وهاجرت معه في الهجرة الثانية إلىٰ بلاد الحبشة، بعد ما اشتدَّ عليهما أذىٰ المشركين، وكان عدد المهاجرين حينذاك ثلاثة وثمانين رجلًا وتسع نسوة.
وقيل: مات زوجها في بلاد الحبشة، وقيل: مات بعد أن رجعا إلىٰ مكة قبل الهجرة إلىٰ المدينة المنوَّرة.
وبعد وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها خَطبت السيدةُ خولة بنت حكيم أُمَّنا سودة لسيِّدنا رسول الله ﷺ.
فتزوجها ﷺ وهي في السادسة والستين من عمرها؛ إكرامًا لها، وهي السابقة إلىٰ الإسلام، الصٍّدِّيقة، المُهاجرة، فكانت ثاني زوجاته ﷺ.
ولم يتزوج سيّدنا رسول الله ﷺ معها امرأة نحوًا من ثلاث سنين.
وقد كانت رضي الله عنها كريمة المعشر، تُضفي السعادة والبهجة علىٰ قلب سيّدنا رسول الله ﷺ؛ فقد أورد ابن سعد في طبقاته: أنَّها صلّت خلف النبي ﷺ ذات مرّة في تهجّده، فثقلت عليها الصلاة؛ لطول صلاته ﷺ، فلما أصبحت قالت له ﷺ: «صَلَّيْتُ خَلْفَكَ الْبَارِحَةَ، فَرَكَعْتَ بِي حَتَّىٰ أَمْسَكْتُ بِأَنْفِي مَخَافَةَ أَنْ يَقْطُرَ الدَّمُ» فَضَحِكَ ﷺ، وَكَانَتْ تُضْحِكُهُ الْأَحْيَانَ بِالشَّيْءِ.
وكانت رضي الله عنها سخيَّة معطاءة تحب الصدقة حتىٰ إن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث إليها بدراهم في غرارة (وعاء يوضع فيه الأطعمة)، فقالت: ما هذه؟ قالوا: دراهم، قالت: في غرارة مثل التمر؟ ففرقتها بين المساكين.
كما وهبت رضي الله عنها يومها من رسول الله ﷺ للسيدة عائشة رضي الله عنها بعد أن كبرت سِنُّها، عن طيب نفس منها.
وقد روت رضي الله عنها عن رسول الله ﷺ خمسة أحاديث، وشهدت معه ﷺ يومَ خيبر، وحَجَّةَ الوداع.
ثم لازمت بيتها بعد أن لحق سيّدنا رسول الله ﷺ بالرفيق الأعلى، ولم تحج بعده إلىٰ أن تُوفِّيت في خلافة سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما عام 54 للهجرة بعد أن أوصت ببيتها للسيدة عائشة رضي الله عنهما وعن أمَّهاتنا أمَّهاتِ المؤمنين.