فى حقيقة الواقع العربى بمركبه الاجتماعى والسياسى والاقتصادى والثقافى رأسيا وأفقيا يفتقد إعمال العقل النقدى الموضوعى فى كافة فاعليات الحياة، وامتدت ماهية وضغوط السمع والطاعة إلى كينوينة إخضاع المجتمع العربى للقوى الاستغلال والقهر بل وامتدت لتنخضع لقوى الاحتلال والقوى الأجنبية التى أصبحت تتحكم فى مستقبليات المجتمع العربى، وحيث أصبح الاستبداد رغم كونها ظاهرة قديمة إلا أنها تمييزت باستمراريتها بشكل التصرف المطلق والانفراد بالتحكم بقوة فى كافة شؤون المجتمعات العربية واغتصاب كافة السلطات وصولا إلى الاستبداد غير المقيد الواسع النطاق وإحكام أهواء السلطة والبعد عن التبصر العقلى وبسط وفرض أنواع الولاء للسلطات القائمة المتحكمة، ومن هذه الخاصية انطلق المقاوم والمفكر سلامة كيلة نحو تأكيد حرية التساؤل النقدى حول مشروعية السلطة بأنواعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومركزا على نقد الاقتصاد السياسى والمتمثل فى الليبرالية المتوحشة خاصة كما يرى بعد أن دفعت عبر الانفتاح الاقتصادي والخصخصة إلى تدمير الصناعات القائمة وتراجع الزراعة، وتحويل النشاط الاقتصادي نحو قطاعات العقارات والخدمات والسياحة والاستيراد والبنوك والبورصة ووصولا إلى أن كافة القوى السياسية الحاكمة كما يرى قامت استغلال الثورات لكي تعزّز من سيطرتها، ومن قدرة قاعدتها الطبقية، ولم تكن معنية بمطالب الشعب، سواء تعلق الأمر بالحرية والديمقراطية، أو تعلق بمطالب البطالة والفقر والتهميش، مع تكرار النظم التى قامت الثورات الشعبية ضدها ولتصير كجزء من الرأسمالية المافياوية المسيطرة.
ويرفض المفكر سلامة كيلة سيطرة التنظير على فاعليات الواقع بقدر ما يدعو إلى مواجهة الواقع فيؤكد أن النشاط الثوري هو عمل تقني يحتاج إلى الوعي،وأنه لا بد من بلورة رؤية لـ«صيرورة الواقع» من أجل فهم الخطوات العملية لكي يصبح الصراع الطبقة واعياً، وينتظم في آليات تجعل الطبقة قوة منظمة.
فهذا هو ما يضيفه الحزب في الصراع الطبقي لكي يقود إلى انتصار العمال والفلاحين الفقراء ومن ثم يرى أن النظرية ليست لغواً، وليست بحثاً أكاديمياً، ولا هي بحث في التاريخ النظري وفي الصراعات التي شهدها، وليست درساً في الفلسفة التي هي ضرورة كمدخل، بل النظرية بحث في الواقعالنظرية ليست لغواً، وليست بحثاً أكاديمياً، ولا هي بحث في التاريخ النظري وفي الصراعات التي شهدها، وليست درساً في الفلسفة التي هي ضرورة كمدخل، بل النظرية بحث في الواقع وفي صيرورة تطور الصراع الطبقي من أجل تسلم السلطة، ومن ثم لتأسيس مجتمع بديل.
فالقوة إذن ليست فى التنظير ولكن فى الوعى والفعل من أجل الوجود وتأكيد الوجود وصيرورته الثورية وممارساتها، ومن هذا المنطلق أكد على أن نجاح الثورة الثورية متوقف على أن تقدم إستراتيجية جديدة، تنطلق من حتمية انتصار الثورة، وتعتمد على الشعب وأن كل ميل طائفي هو خطوة نحو تدمير الثورة، وكل سعي لفرض منطق أيديولوجي طائفي على الثورة وحصرها فيه هو تدمير لها.
اقرأ/ي أيضا: تناقضات الزمان القبيح
وطالب بعزل كل من يعمل على فرض هذا الميل، ولكونه يتمييز بالعقلية النقدية فأنه على لم يوافق اليساريين العرب والشيوعيين السوريين ويسارى العالم فى رفضهم للثورة السورية ولجرائم النظام السورى ورأى أن الثورة السورية ثورة ثرية وفيها من البطولات قدر ما فيها من الوحشية التي مارستها السلطة، وهي حقيقية، بمعنى أنها شهدت أقسى المواجهة من قبل الطبقة المسيطرة ضد الشعب الذي بذل أقصى البطولة.
ويعري كيلة مواقف الأطراف الرافضة للثورة السورية سواء كانت دولة عالمية أو اقليمية أو هيئات يسارية، من أي قيم أخلاقية، خصوصا أولئك المدعين لمقاومة الإمبريالية والمعادين لها وللممانعين ضدها، ويرى أن مواقفهم لم تبنى إلا على المصالح المتبادلة مع النظام الحاكم، أو فهم سيء لحقيقة الثورة السورية العظيمة. ويطرح كيلة تساؤلات موضوعية عدة، حول أسباب وقوف الشيوعين ضد السوريين في ثورتهم التي خرجت ضد الجوع والظلم و مطالبة بالحرية وإسقاط نظام استمر ببمارسة مافيويته أعواما طوال، قبل أن يدمر سوريا باقتصاد ريعي أنضب مواردها، وحول الكثير من خيرها لطغمة من التجار التابعين للنظام في دائرة ضيقة، معظمها من العائلة الحاكمة.ويوجه كيلة انتقاده إلى الرافضين للثورة، ويرى أن ما يحكمهم نظرة سياسية رسمت في الاتحاد السوفياتي أثناء صراعه مع الامبريالية وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي المتآمرة على العالم، وكل عدو لها هو صديق لمن عادته، العكس صحيح، وبذلك أصبحت سوريا “نظام الأسد” في نظرهم دولة المقاومة والممانعة، في مواجهة الخطر الأمريكي الامبريالي.
اقرأ/ي أيضا: ماهية وجوهر لاهوت العنصرية الإسرائيلية
ويؤرخ كيلة في بحثه الماركسي للثورة السورية فتنطلق لديه من دمشق 15 اذار ، وتتبلور في درعا ب 18 آذار من عام 2011 ، وتتوسع لتصل كل سوريا تقريبا، الا ان التوسع كان بطيئا ما أعطى النظام الفرصة لقمعها وتصويرها كما شاء على أنها ثورة سلفية اصولية إخوانية، تحارب الأديان الأخرى، ضد المقاومة والممانعة.كما يرى كيلة أن الثورة أصيب بوباء الجهاديين الأصوليين المتمثلين بعناصر القاعدة والمرسلين من قبل دول بعينها إلى سوريا من أجل إظهار الثورة على أنها حرب أصولية طائفية. و يرى كيلة في نهاية كتابه البحثي أن أي خلاف دولي حول طبيعة الصراع في سوريا و المساعي لحل سواء سياسيا او عسكريا انما تصب في خانة واحدة وهي إفشال الثورة السورية ، وإطالة أمد المعركة إما من خلال دعم النظام أو دعم بعض الأطراف المحسوبة على المعارضة بما يشوه الثورة السورية.