استمرار موجة التظاهرات في “السودان”، حيث شهد شرق السودان خروج الألاف من المتظاهرين إلى شوارع العاصمة، تنديدًا بارتفاع الأسعار في البلاد، وأدت إلى سقوط قتيل في هذه الاحتجاجات، وبناءا عليه تم تأجيل الدراسة بجميع المدارس الحكومية والأجنبية والخاصة لمرحلتي الأساس والثانوي اعتبارا من الأحد المقبل، إلى حين إشعار آخر .
يأتي هذا بعد تدهور الأحوال الاقتصادية فيها، منذا انفصال “جنوب السودان” عنها وتدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار السلع مما أثار غضب المواطنين، خاصة بعد رفع أسعار “الخبر”، وخرجت تظاهرات منددة تطالب بخفض الأسعار.
استمرار الاحتجاجات يأجل الدراسة
أعلنت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم، الجمعة، تعليق الدراسة بجميع المدارس الحكومية والأجنبية والخاصة لمرحلتي الأساس والثانوي اعتبارا من الأحد المقبل، إلى حين إشعار آخر.
وجاء القرار بحسب الوزارة “حفاظا علي أرواح الطلاب”، على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت في عدد من المدن السودانية، بينها العاصمة الخرطوم يومي الأربعاء والخميس.
واستخدمت قوات الشرطة في الخرطوم الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين المنددين بالغلاء، وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
واتهمت الحكومة السودانية الجمعة، من أسمتهم بـ”المندسين”، “بإبعاد المظاهرات السلمية عن مسارها وتحويلها إلى نشاط تخريبي”.
وقال الناطق باسم الحكومة السودانية، بشارة جمعة: المظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحولت بفعل المندسين إلي نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير وحرق بعض مقار الشرطة”.
ونقلت وكالة السودان للأنباء “سونا” عن جمعة قوله، إن “جهات سياسية استغلت الاحتجاجات التي سقط فيها ثمانية قتلى على الأقل خلال اليومين الماضيين”.
وأضاف: “برزت بعض الجهات السياسية في محاولة لاستغلال هذه الأوضاع لزعزعة الأمن والاستقرار تحقيقا لأجندتهم السياسية، وهو الأمر الذي وضح جليا في بياناتهم المنشورة”.
ولفت جمعة إلى أن “الاحتجاجات التي شهدتها عدة مدن خلال اليومين الماضيين تعاملت معها قوات الشرطة والأمن بصورة حضارية دون كبحها أو اعتراضها بحكم أن المواطنين يمارسون حقا دستوريا مكفولا لهم، وبحكم أن الأزمة معلومة للحكومة وتعكف على معالجتها”.
وكانت لجنة أمن ولاية نهر النيل شمالي السودان قد أعلنت مساء الأربعاء الماضي حالة الطوارئ بمدينة عطبرة، وفرض حظر تجول، على خلفية اندلاع مظاهرات احتجاجية، بالمدينة نددت بغلاء أسعار السلع الأساسية وانعدام الخبز والوقود بالمدينة.
وقال الناطق الرسمي باسم حكومة الولاية، إبراهيم مختار في تصريحات صحفية، إن اجتماع لجنة أمن الولاية “أعلن حالة الطوارئ وحظر التجوال لحين إشعار آخر”.
الشرطة السودانية تطلق الغاز المسيل للدموع
وقامت الشرطة السودانية، اليوم الجمعة،باطلاق الغاز المسيل للدموع على عشرات المتظاهرين في ظل استمرار المظاهرات لليوم الثالث على التوالي
في عدد من المدن في أنحاء البلاد منهم أم درمان وشمال كردفان وعطبرة احتجاجا على ارتفاع أسعار الخبز والوقود.
وبحسب بي بي سي، هناك مئات الأشخاص خرجوا أيضا في مدينة ربك عاصمة ولاية النيل الابيض جنوب الخرطوم ورددوا شعارات منددة بسياسات الحكومة، وأن الاشتباكات تجددت في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل شمال الخرطوم، حيث خرج المئات وهم يطالبون بإسقاط الحكومة قبل أن تفرقهم قوات الأمن.
وقال شهود عيان لبي بي سي إن بعض المحتجين الغاضبين أضرموا النيران في عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة من بينها مقر حزب الموتمر الوطني الحاكم.
وقالت وكالة رويترز نقلا عن شهود عيان إن مظاهرات صغيرة أخرى حدثت في سبع ضواح على الأقل بالعاصمة الخرطوم بعد صلاة الجمعة لكنها تفرقت سريعا، فيما اعتقلت الأجهزة الأمنية عددا من المشاركين في الاحتجاجات.
في غضون ذلك، أعلنت السلطات في ولاية الخرطوم تعليق الدراسة لمرحلتي الأساسي والثانوي لأجل غير مسمى.
وقال تلفزيون الولاية الحكومي إن التعليق يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد المقبل.
وبدأت المظاهرات الأربعاء في مدينة عطبرة، التي أعلنت فيها حالة الطوارئ بعد ذلك.
كما أعلنت السلطات في ولاية القضارف حالة الطوارئ وفرض حظر التجوال من السادسة مساءا وحتى السادسة صباحا.
“ارتفاع سعر الخبز” يشعل شرارة التظاهرات
ومنذ أن دعى زعيم المعارضة البارز الصادق المهدي إلى انتقال ديمقراطي للسلطة أمام آلاف من مؤيديه الذين كانوا في استقباله، بعد عودته إلى السودان بعد غياب لمدة عام، بدأت المظاهرات في مدينة عطبرة الأربعاء ثم انتشرت إلى القضارف، والعاصمة الخرطوم ومدن سودانية أخرى الخميس احتجاجا على الغلاء.
وكانت الشرارة مع ارتفاع سعر الخبز في الآونة الأخيرة، وترددت توقعات بارتفاعه أكثر بسبب رفع الدعم الحكومي المتوقع، وأحرق المحتجون عددا من المقار الحكومية والخاصة، من بينها مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
وقال شهود عيان إن المحتجين هتفوا بشعارات تطالب بإسقاط حكومة الرئيس عمر البشير، وإن الشرطة السودانية أطلقت الغاز المسيل للدموع على أكثر من 500 محتج على بعد نحو كيلومتر واحد من قصر الرئاسة في العاصمة الخرطوم الخميس.
كما ردد المتظاهرون شعارات تطالب بإسقاط النظام وحمل بعضهم الأعلام السودانية، واندلعت احتجاجات أخرى شارك فيها المئات في مدينة دنقلا أقصى شمال البلاد.
الحكومة ترفض الفوضى.. وشهود:تم قطع الانترنت
وعبر حزب المؤتمر الوطني الحاكم عن أسفه لمحاولات بعض القوى السياسية – على حد تعبيره – إثارة المعارضة، وتقويض أمن البلاد واستقرارها، وقدرات الشعب، وتخريب الممتلكات.
وقال مسؤول الإعلام في الحزب إن حق التعبير عن الرأي يكفله الدستور، لكن التخريب غير مقبول، وأضاف أن ما فعله بعض المتظاهرين في عطبرة لا يتماشى والتظاهر السلمي.
وقال بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في السودان لبي بي سي إن خدمة الانترنت قد انقطعت عن فيسبوك وواتس اب وتويتر، مشيرين الى انهم لم يتمكنوا من التواصل عبرها منذ التاسعة من مساء الخميس.
وعاد زعيم حزب الأمة القومي المعارض، الصادق المهدي، إلى العاصمة الخرطوم بعد مكوثه لنحو عام في منفاه الاختياري في العاصمة البريطانية لندن.
ورحب حزب المؤتمر الوطني الحاكم بعودة المهدي، ودعاه إلى المشاركة في خوض الانتخابات المقررة عام 2020 وفي لجنة تشكيل الدستور.
لكن حزب الأمة المعارض استبق وصول زعيمه معلنا عدم مشاركته في حوار مع الحكومة بشأن الانتخابات.
وكان المهدي، الذي يرأس أيضا تحالف نداء السودان المعارض، قد توجه إلى لندن بعض أن منعته السلطات المصرية من دخول أراضيها.
تعليق الحكومة على التظاهرات
قالت الحكومة السودانية إن المظاهرات السلمية خرجت عن مسارها بفعل من وصفوا بـ”المندسين”، وأوضح الناطق الرسمي باسم الحكومة بشارة جمعة في بيان نقلته وكالة السودان للأنباء إن “المظاهرات السلمية انحرفت عن مسارها وتحولت بفعل المندسين إلى نشاط تخريبي استهدف المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة بالحرق والتدمير وحرق بعض مقار الشرطة”، مشيرًا أن قوات الشرطة والأمن تعاملت بصورة حضارية مع المحتجين دون اعتراضهم.
وقتل ثمانية أشخاص، على الأقل، وأصيب العشرات خلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد على ارتفاع أسعار الخبز والوقود، وحذر بيان الحكومة من أنها لن تتهاون مع أي محاولات للتخريب والفوضى.
وقال إنها اتخذت قرارا بتثبيت سعر الخبز بجنيه واحد مع الاستمرار في دعم الخبز والوقود، مشيرة الى أن الحكومة تبذل الجهود لتوفير السلع وحل مشكلة شُح السيولة النقدية.
انفصال “جنوب السودان”
انفصلت “جنوب السودان” عن السودان بتاريخ 9 يوليو 2011، وتسمى عاصمتها الحالية جوبا، وهي أيضا أكبر مدنها، وكان مخططا أن يتم تغيير العاصمة إلى رامشيل التي تقع في مكان أكثر مركزية وذلك قبل اندلاع الحرب الأهلية، يحد جنوب السودان السودان في الشمال وإثيوبيا من الشرق، وكينيا من الجنوب الشرقي، وأوغندا إلى الجنوب، وجمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الجنوب الغربي، وجمهورية أفريقيا الوسطى إلى الغرب. ويشمل منطقة مستنقعات شاسعة من السد، التي شكلتها النيل الأبيض والمعروف محليا باسم بحر الجبل.
أصبح جنوب السودان دولة مستقلة، في أعقاب الاستفتاء الذي حصل على موافقة بنسبة 98.83٪ من الأصوات، وهي دولة عضو في الأمم المتحدة،و في الاتحاد الأفريقي، وفي جماعة شرق أفريقيا، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية. وفي يوليو 2012، وقعت جنوب السودان لاتفاقيات جنيف.
أزمات اقتصادية منذ الأتقسام
تعيش السودان حالة اقتصادية خانقة بعد قرار الانقسام، على عكس المتوقع وبالرغم من إعلان الرئيس السودانى عمر البشير عن حل حكومة الإنقاذ الوطني، وتشكيل حكومة جديدة مؤلّفة من 21 وزيرًا برئاسة معتز موسى عبد الله الذى تولى كذلك حقيبة المالية بعد اعتذار عبدالله حمدوك عن عدم تولى الوزارة في محاولة منه لحل الأزمة
وفى فترة قصيرة تضاعفت أسعار السلع الغذائية فى السودان وتراجعت قيمة الجنيه السودانى بشكل كبير مقابل الدولار حيث خفض البنك المركزى السودانى سعر الجنيه مرتين، وأصبح الدولار يعادل 28 جنيها فى مقابل الدولار الذى بلغ 41 جنيها فى السوق السوداء.
تأثير الإعلان بأنها ترعى الإرهاب على الاقتصاد
واشتدت الأزمة الاقتصادية والمالية فى السودان على عكس التوقعات بتحسنها بعد رفع الولايات المتحدة فى أكتوبر الماضى العقوبات التى كانت تفرضها على السودان منذ عقود بزعم انه دولة «راعية للإرهاب».
ويشير مراقبون إلى أن الحكومة السودانية لم تحسن الاستفادة من رفع هذه العقوبات بسبب تحفظ البنوك العالمية عن التعامل مع نظيراتها السودانية.
ويرى مراقبون أن سبب المحنة الاقتصادية والمالية الحالية فى السودان ازمة سياسية داخلية وإقليمية، تتعلق الأولى بسيناريوهات الانتخابات الرئاسية وحسابات وتوازنات مصالح قيادات فى الحزب الحاكم والبرلمان وخاصة بشأن تعديل الدستور والأغلبية المطلوبة لاتخاذ هذه الخطوة.
تأثير الأزمة على الصعيد الاقليمى
الرئيس البشير قال إن «الظروف الاقتصادية الحالية أفرزها الحصار الاقتصادى ومخطط إغلاق للبلاد من نوافذ الموارد الخارجية” ، ففى ظل الانقسام الذى تشهده المنطقة حاول السودان أن يحافظ على علاقاته ومصالحه مع أطراف متنازعة بالمنطقة سعيا لمزيد من المكاسب، أو على الأقل عدم فقدان القائم منها غير أن ذلك لم يتحقق بل ربما عاد بنتائج عكسية منها عدم عمل حلفائه على إنقاذه من هذه الأزمة مع قدرتهم على ذلك.
عذراً التعليقات مغلقة