هناك اقتراحات عدة مطروحة، بينها أن يتم تعويض كمية المياه التي ستفقدها مصر بسبب السد، عبر بيعها تلك الكمية من إثيوبيا.
دبلوماسي مصري سابق: حرص المبعوث الأميركي على زيارة الإمارات، يؤكد أن أبوظبي سوف تلعب دوراً مهماً في الخطة الأميركية الخاصة بالأزمة.
مبدأ “تسليع المياه”، مرفوض بشكل قاطع من جانب مصر، ولطالما عبّرت مؤسسة الري والدبلوماسية المصرية عن هذه العقيدة الرافضة لذلك المبدأ.
مبادئ القانون الدولي أقرتها الأمم المتحدة في 1958 أكدت أن نظام الأنهار والبحيرات الذي ينتمي إلى حوض صرف واحد، يجب معاملته كوحدة متكاملة، لا أجزاء منفصلة.
“لم تستطع إثيوبيا إكمال السد إلا بمساعدة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومن ورائهما دول كبرى تتحكم بهما، لذا يجب التعامل بحذر شديد مع أي محاولة أميركية لحل أزمة سد النهضة”.
* * *
طرحت زيارة المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر إلى مصر والإمارات وإثيوبيا، والتي بدأت الأحد الماضي، وتستمر حتى بعد غدٍ الإثنين، لـ”الدفع باتجاه حل دبلوماسي لأزمة سد النهضة”، بحسب الخارجية الأميركية، أسئلة حول السيناريوهات الأميركية المطروحة للتعامل مع هذا الملف.
كما أثارت تساؤلات عمّا إذا كان في جعبة هامر، شيء جديد، بخصوص تلك الأزمة المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن.
وقالت الخارجية الأميركية في بيان إن هامر “سيقدم دعم الولايات المتحدة للتوصل إلى حل دبلوماسي للقضايا المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي الكبير (سد النهضة) بما يحقق مصالح جميع الأطراف ويساهم في منطقة أكثر سلاماً وازدهاراً”.
وأضافت أنه “سيتشاور في أديس أبابا أيضاً مع الاتحاد الأفريقي، الذي تجري تحت رعايته محادثات سد النهضة”. وبحسب السفارة الأميركية في القاهرة، فقد التقى هامر “كبار المسؤولين في الحكومة المصرية الإثنين الماضي للدفع نحو حل دبلوماسي بشأن سد النهضة”.
سد النهضة: مصر ترفض سيناريو “تسليع المياه”
مسؤول سابق في وزارة الموارد المائية والري في مصر، وعضو سابق في وفد التفاوض المصري حول سد النهضة، قال إن “هناك سيناريوهات عدة مطروحة حالياً للتعامل مع أزمة سد النهضة، بينها اقتراح أن يتم تعويض كمية المياه التي ستفقدها مصر بسبب سد النهضة، عبر بيعها تلك الكمية من إثيوبيا بثمن قليل لفترة مؤقتة تدفعه الإمارات، وقد تمتد تلك الفترة من 10 إلى 20 عاماً، على أن يتم بعدها الاتفاق على أسعار جديدة”.
وأكد المسؤول أن مبدأ “تسليع المياه”، مرفوض بشكل قاطع من جانب مصر، ولطالما عبّرت كل من مؤسسة الري والدبلوماسية المصرية عن هذه العقيدة الرافضة لذلك المبدأ.
ويأتي ذلك استناداً إلى مبادئ القانون الدولي التي أقرتها الأمم المتحدة في عام 1958 في دورتها 48، والتي أكدت أن نظام الأنهار والبحيرات الذي ينتمى إلى حوض صرف واحد، يجب معاملته كوحدة متكاملة، وليس كأجزاء منفصلة.
كما نصّت المبادئ على أن كل دولة مشتركة في نظام مائي دولي لها الحق في نصيب معقول من الاستخدامات المقيدة لمياه حوض الصرف، وأن على الدول المشاركة في النهر احترام الحقوق القانونية للدول الأخرى المشاركة فيه. وذلك بالإضافة إلى اتفاقية استخدام المجاري المائية في غير الشؤون الملاحية عام 1997.
وتابع المسؤول أن “سياسات صندوق النقد والبنك الدولي، والتي تحددها الدول المتحكمة أصلاً في المؤسستين، فرضت إرادتها على مصر والمنطقة العربية، واقعاً ينذر بالخطر، وهو ما تجلى في السد الذي شيدته إثيوبيا على منابع نهر النيل لتحتجز كميات ضخمة من المياه التي تأتي إلى دولتي المصب السودان ومصر، وجعل مصر تلجأ إلى السحب أخيراً كميات ضخمة من خزان السد العالي”.
وأكد المسؤول أن “هذا السد لم تستطع إثيوبيا إكماله إلا بمساعدة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومن ورائهما الدول الكبرى المتحكمة في سياسات المؤسستين، ولذلك فإن أي محاولة أميركية لإيجاد حل لأزمة سد النهضة، يجب التعامل معها بحذر شديد، لأنها بطبيعة الحال سوف تساهم بشكل غير مباشر في أن تظل دول المنطقة العربية تعيش في إطار التبعية لسياسات واشنطن، من خلال التحكم في موارد المياه، التي تعد أهم الأسلحة الاقتصادية المستقبلية للسيطرة على الدول”.
من جهته، أكد دبلوماسي مصري سابق، وخبير في الشؤون الأفريقية، أن “موقف مصر ثابت وقاطع برفض أي حل يقوم على فكرة بيع المياه”، لكنه لم يستبعد في الوقت ذاته أن “يتم طرح الفكرة في المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة”.
واستغرب الدبلوماسي السابق “التصريحات الأميركية الأخيرة حول زيارة مايك هامر، والتي أشارت إلى الإمارات كمحطة ضمن جولته في المنطقة والتي لا تشمل السودان”. وقال المصدر إن “حرص المبعوث الأميركي على زيارة الإمارات، يؤكد أن أبوظبي سوف تلعب دوراً مهماً في الخطة الأميركية الخاصة بالأزمة”.
ولفت المصدر إلى أن “الحديث عن فكرة بيع إثيوبيا حصة من المياه إلى مصر، بتمويل إماراتي، أمر من الصعب تحقيقه حالياً، لكنه يمكن أن يطرح كفكرة على طاولة المفاوضات، تشكل سابقة في هذا الملف، يمكن اللجوء إليها في المستقبل”.
اقتراح أميركي: اتفاق لتلافي الأضرار
وأضاف المصدر أن “من ضمن سيناريوهات حل أزمة سد النهضة، من الجانب الأميركي، هو التوصل إلى اتفاق جزئي بين مصر وإثيوبيا، يمكّن مصر من الحصول على معلومات حول تشغيل سد النهضة، تساعدها في تلافي الأضرار الناجمة عن حجز المياه من قبل إثيوبيا، وإيجاد طريقة لمعالجة ذلك بواسطة السد العالي”.
في الوقت ذاته، أكد الدبلوماسي، أن “الرهان المصري على دور أميركي في الضغط على إثيوبيا لدفعها إلى التوقيع على اتفاق قانوني ملزم وشامل بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، رهان خاسر”.
وقال إن “أديس أبابا لن يثنيها كائن من كان عن موقفها الرافض لتوقيع أي اتفاق مع مصر والسودان بعد إعلان المبادئ الخاص بسد النهضة الذي وقعته كل من مصر والسودان وإثيوبيا في العاصمة السودانية الخرطوم في عام 2015”.
المصدر: العربي الجديد
موضوعات تهمك: