«جميع القوانين الروسية بما فيها تلك المتعلقة باستخدام الأسلحة النووية تسري على كافة الأرضي التابعة لروسيا».
تدفّق كبير للروس نحو بلدان مثل تركيا وفنلندا وكازاخستان وبيلاروسيا، هربا من تجنيدهم، وربما من مخاطر الحرب النووية التي هدد بها رئيسهم العالم.
تسرّع شديد في إجراء الاستفتاءات بمناطق معارك غادرها مئات الآلاف من سكانها وأعلنت روسيا مرّات مشاركتها في تنسيق إجلاءعشرات الآلاف من سكانها.
تتعارض وقائع تصويت 90% من سكان المناطق مع المنطق البسيط ويظهر تفكك السرديّة الروسية عن “الإرادة الشعبية” باسترجاع ما حدث بمناطق حررتها أوكرانيا.،
* * *
جرت «استفتاءات» في مناطق أوكرانية تخضع للهيمنة الروسية على عجل شديد، وخلال ثلاثة أيام من بدء تلك الإجراءات فحسب أعلنت موسكو أن أغلبية تصل إلى 99% من سكان تلك الأقاليم قد صوّتت لصالح الانضمام إلى روسيا.
تبع ذلك حفل خطب فيه الرئيس فلاديمير بوتين وأعلن فيه إلحاق أقاليم لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، بروسيا.
أصبح سكان تلك المناطق من «مواطني روسيا إلى الأبد»، على حد قول بوتين، الذي طلب من الحكومة الأوكرانية (التي وصفها بـ«نظام كييف») «احترام الإرادة الشعبية»… وإلا: «سنقوم بكل شيء للدفاع عن أراضينا».
أعاد بوتين هذه الجملة التي استخدمها في خطابه الذي أعلن فيه تعبئة 300 ألف جندي احتياط روسي، وتكفّل باقي المسؤولين بتظهيرها بالأبيض والأسود.
فقد أعلن ديمتري مدفيديف، رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، صراحة أن موسكو ستستخدم كل سلاح في ترسانتها، بما في ذلك الأسلحة النووية الاستراتيجية لحماية الأراضي الأوكرانية التي تنضم لروسيا.
وكرّر ذلك وزير خارجيته سيرغي لافروف، خلال خطابه الأخير في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث قال إن «جميع القوانين الروسية بما فيها تلك المتعلقة باستخدام الأسلحة النووية تسري على كافة الأرضي التابعة لروسيا».
تحمل هذه الوقائع والتصريحات المرتبطة بها مجموعة من المفارقات المثيرة، بدءا من التسرّع الشديد الذي جرى في تنظيم تلك الاستفتاءات في مناطق حربية عمليا، غادرها مئات الآلاف من سكانها، وقد أعلنت موسكو، عدة مرّات، مشاركتها في تنسيق عمليات إجلاء لعشرات الآلاف من سكان تلك المناطق، كما حصل مع 140 ألف مدني غادروا مدينة ماريوبول، وليس هؤلاء غير جزء بسيط من 13 مليون أوكرانيّ فرّوا من بلادهم.
المفارقة الأخرى في هذا السياق، أنه ما أن أعلن بوتين عن بدء «التعبئة الجزئية»، حتى تعالت صيحات عن الاعتباطية والأخطاء الفادحة في طريقة تجنيد المدنيين، وعن استهدافها للمناطق الفقيرة، وعن حصول عمليات احتجاج، بما فيها هجوم على مركز تجنيد، وصولا إلى تدفّق كبير للروس نحو بلدان مثل تركيا وفنلندا وكازاخستان وبيلاروسيا، هربا من تجنيدهم، وربما من مخاطر الحرب النووية التي هدد بها رئيسهم العالم.
تتعارض وقائع تصويت 90% من سكان المناطق، مع المنطق البسيط.
يتكشّف تفكك هذه السرديّة الروسية عن «الإرادة الشعبية» حين نسترجع ما حدث في المناطق التي تمكّن الأوكرانيون من تحريرها، والتي تكشّفت عن مقابر جماعية تضم المئات من القتلى، وهو ما يدفع للسؤال عن «السكان» الذين صوّتوا، وتحت أية ظروف، ويتّضح تهافت كل الدعاية الروسية على ضوء محاولات آلاف الروس «الأصليين» مغادرة بلدهم الأمّ، وكذلك الاحتجاجات الشعبية التي حصلت داخل روسيا ضد التجنيد والحرب في أوكرانيا.
لا تؤدي جمل مثل «الإرادة الشعبية» و«حق تقرير المصير» غير تظهير صور المقابر الجماعية المكتشفة في المناطق التي تراجع عنها الجيش الروسي، وصور الروس الهاربين من التجنيد إلى أي بلد يستقبلهم، ولا يبقى من تصريحات المسؤولين الروس سوى التهديدات باستخدام الأسلحة النووية.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: