يراهن مراقبون على دور أميركي في دفع جهود الحل التفاوضي للأزمة الممتدة منذ عقد من الزمن، وذلك في ضوء الجولات الأخيرة التي أجراها المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي.
“(في الاتحاد الأفريقي) الأمر متداخل ومتشابك، فمن جهة يرعى النفوذ الإثيوبي داخل المنظمة دوراً لا يستهان به في تجميد التوصل إلى حل يرضي أطراف الأزمة، ومن جانب آخر فالمنظمة محملة بملفات كثيرة وشديدة التعقيد سواء على المستوى الأمني والسياسي والعسكري والاقتصادي والبيئي، لم تراوح مكانها لأسباب عديدة أبرزها غياب الإرادة السياسية لدى المنظمة وأعضائها”
دعا السيسي نظيره الأميركي خلال لقائهما في شرم الشيخ إلى اضطلاع الولايات المتحدة “بدور مؤثر” لحلحلة أزمة سد النهضة.
على رغم كمية الكهرباء المحدودة المولدة فعلياً من السد حتى الآن، فقد وقعت إثيوبيا اتفاقات توريد مع كينيا والسودان وجيبوتي وأرض الصومال وتنزانيا وجنوب السودان.
* * * *
بينما سلط مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية الضوء على محورية الأمن المائي في العمل المناخي الدولي، وإطلاق “وثيقة إعلان القاهرة” للمياه خلال ختام فعاليات المؤتمر وفق ما أعلنه وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، عملت إثيوبيا على إظهار سد النهضة كمفتاح للتعاون الإقليمي في مجال الطاقة المتجددة بحسب ما ذكر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في شرم الشيخ، وسط مطالبة القيادة المصرية لإثيوبيا “بإظهار حسن النيات” في شأن أزمة السد.
ودشنت إثيوبيا فعاليات وتحركات عدة خلال الأيام الماضية انصبت على مشروع سد النهضة، منذ ركوب حكومة آبي أحمد وجبهة تحرير شعب تيغراي قطار السلام بتوقيع اتفاق برعاية أفريقية وأميركية في بريتوريا عاصمة جنوب أفريقيا أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في حين واصلت مصر وشركاؤها الدوليون وعلى رأسهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حث أديس أبابا على استئناف المفاوضات المتوقفة بين مصر والسودان وإثيوبيا من أجل الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة، بينما اختارت الأخيرة مواصلة ما تعده مصر والسودان “خطوات أحادية مرفوضة” تخرق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم عام 2015 بين البلدان الثلاثة، وصولاً إلى إعلان أخير بتصدير الكهرباء الإثيوبية إلى كينيا المجاورة.
وقبيل أسابيع قليلة من موعد انعقاد القمة الأميركية-الأفريقية في واشنطن خلال منتصف ديسمبر (كانون الأول) المقبل، التي دعت إليها الولايات المتحدة قادة الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، جدد الرئيس الأميركي جو بايدن تأكيد دعم بلاده أمن مصر المائي وحقوقها المائية في نهر النيل، خلال لقاء جمعه بنظيره المصري على هامش قمة المناخ في شرم الشيخ في أول زيارة للرئيس الأميركي إلى مصر منذ توليه منصبه قبل عامين.
ويراهن مراقبون على دور أميركي في دفع جهود الحل التفاوضي للأزمة الممتدة منذ عقد من الزمن، وذلك في ضوء الجولات الأخيرة التي أجراها المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر خلال الأشهر الماضية في المنطقة، لتفعيل دور واشنطن في ملف الاستقرار الإقليمي المتعلق بأزمة سد النهضة والحرب المستمرة منذ عامين في شمال إثيوبيا، تزامناً مع إطلاق وبدء تنفيذ البيت الأبيض خطة عمله الأولى من نوعها في شأن الأمن المائي العالمي.
مباراة دبلوماسية هادئة
هدأت حدة المبارزة الكلامية بين أطراف أزمة سد النهضة، لكن الهدوء على المستوى الخطابي لم يكتم ضجيج الحراك الدبلوماسي الكثيف من جانب الأطراف المباشرة للأزمة والأطراف المعنية بها، حيث يحشد كل طرف ما يلزمه من دعم الأطراف الإقليمية والدولية لموقفه، لتتجدد بين الحين والآخر تصريحات المسؤولين في القاهرة والخرطوم لتأكيد إصرارهم على التوصل إلى حل نهائي لهذه الأزمة من دون مزيد من تأخير يحملون الطرف الإثيوبي مسؤوليته.
وقال رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان في كلمة ألقاها في قاعدة المرخيات العسكرية الإثنين 14 نوفمبر الحالي، إن مساعي بلاده لن تتوقف لمعالجة القضايا العالقة بين السودان وإثيوبيا حول الحدود وسد النهضة.
لتعلن الرئاسة المصرية في اليوم التالي اجتماع السيسي مع وزير الري المصري هاني سويلم لمتابعة الموقف المائي لمشروعات استصلاح الأراضي بمنطقة توشكى جنوب الوادي، وذلك “وفق حصة مصر المائية الثابتة من إيراد نهر النيل والبالغة 55 ملياراً ونصف المليار متر مكعب سنوياً”، بحسب بيان أوضح كذلك أن الرئيس المصري دعا إلى ترشيد استهلاك المياه والاستفادة القصوى من كل مصادرها المتاحة بالبلاد، وذلك بالتوازي مع مختلف الآليات القائمة لتعظيم الاستفادة من مصادر المياه المختلفة ولزيادة رقعة الأراضي الزراعية، فيما ذكر سويلم في تصريحات على هامش مؤتمر المناخ أن مصر تأمل في اتفاق قريب في شأن أزمة السد، موضحاً أن المياه التي يتم احتجازها أمام السد الإثيوبي، مستقطعة من حصتي دولتي المصب مصر والسودان، لكنه شدد على أن حصة مصر المائية “مؤمنة بشكل جيد”.
وعقب إعلان الاتحاد الأوروبي بذله جهوداً لدفع أطراف الأزمة إلى استئناف المفاوضات، بحسب ما أعلن رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في مصر كريستيان برغر في تصريحات سابقة لـ”اندبندنت عربية”، دعت هيروت زمني سفيرة إثيوبيا لدى بلجيكا ومندوبة بلادها لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل المتخصصين في سياسات المياه إلى مؤتمر بعنوان “سد النهضة كآلية للتعاون الإقليمي” بمشاركة أعضاء من الفريق الإثيوبي التفاوضي حول سد النهضة من بينهم السفير إبراهيم إدريس إبراهيم والمهندس جيديون أسفاو المعني بملف الملء.
وتزامناً، نظمت الجاليات الإثيوبية في الولايات المتحدة وكندا فعاليات عدة لدعم استكمال مشروع سد النهضة، بمشاركة وزير المياه والري الإثيوبي هبتامو إتافا الذي أكد في ندوة عبر الإنترنت يوم الخميس دور خريجي الجامعات الغربية ومجتمع الشتات الإثيوبي في الخارج في دعم السد، فيما ذكرت الجالية الإثيوبية في الولايات المتحدة على “تويتر” أن بلادها بدأت في تصدير “الطاقة الخضراء” إلى دول الجوار وسوف تستمر في ذلك مع اكتمال مشروع السد.
وفي المقابل، شارك نواب وسياسيون مصريون وأميركيون خلال الأيام الماضية في فعاليات مؤتمر نظمه “المجلس الوطني للعلاقات الأميركية – العربية”، ومقره واشنطن، حيث أكد وكيل مجلس النواب المصري محمد أبو العينين أهمية وجود دور أميركي لحل أزمة سد النهضة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لديها “مفتاح حل الأزمة ولديها القدرة على الضغط على إثيوبيا من أجل التفاوض بحسن نية وبإرادة سياسية جادة وفى إطار زمني محدد للوصول إلى اتفاق جديد يحقق مصالح الدول الثلاث”، محذراً من أن عدم اتخاذ خطوات لتسوية الأزمة ينذر بصراعات جديدة.
من سيقود المفاوضات المحتملة؟
وبعد عامين من العزلة الإقليمية والدولية والانتقادات الدولية بسبب الحرب التي شنتها حكومة أديس أبابا في إقليم تيغراي الشمالي، وصف وزير الخارجية الإثيوبي، ديميكي ميكونين في اجتماع مع قيادات وزارته يوم الجمعة 18 نوفمبر الحالي، اتفاق بريتوريا للسلام مع جبهة تحرير شعب تيغراي بأنه “انتصار أفريقي”، معتبراً الاتفاق أيضاً تأكيداً لالتزام إثيوبيا الراسخ بمبدأ “الحل الأفريقي للمشكلات الأفريقية”، في تأكيد جديد لثبات الموقف الإثيوبي في شأن رعاية الاتحاد الأفريقي حصراً للقضايا السياسية والأمنية التي تؤرق أديس أبابا.
وتعتقد الباحثة المصرية مايسة عبدالعاطي أن الأسباب المباشرة لتعثر الأزمة تعود إلى الرفض الدائم من الجانب الإثيوبي لكل ما يطرح من خيارات مصرية أو سودانية في شأن حلحلة أزمة طال أمدها لأكثر من عشر سنوات في شأن التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لقواعد ملء وتشغيل السد هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى ترفض أديس أبابا طلب مصر الوساطة المباشرة للمفاوضات من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والبنك الدولي والأمم المتحدة بجانب الاتحاد الأفريقي الذي تتمسك به إثيوبيا وحده دون سواه، وترفض الأطراف الدولية الأربعة الأخرى، هذا إضافة إلى تأزم الصراع الداخلي في إثيوبيا وتصاعد حدة النزاعات المسلحة، مما دفع بالنظام الإثيوبي إلى التعجيل بالانتهاء من مشروع سد النهضة وفرض الأمر الواقع.
وأشارت إلى أن موقف أديس أبابا يعكس انعدام رغبتها في التوصل إلى حل يرضي أطراف الأزمة بل والاتجاه للتصعيد بعد إعلانها الملء الثالث في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، وهو ما يتناقض مع مبادئ وقواعد القوانين الدولية، بسبب سعي إثيوبيا المستمر بإرادة منفردة ومن دون تنسيق أو تشاور مع دولتي المصب بإلحاق أضرار جوهرية وملموسة، فضلاً عن مواصلة التعنت الإثيوبي في شأن عدم التنسيق والتشاور بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، وعدم الانتهاء من دراسة أخطار بناء السد واحتمالات انهياره، والتأثيرات البيئية في حياة الكائنات في محيط السد وبحيرة التخزين المحيطة، فضلاً عن عدم التحقق من معدل الأمان وثبات الجسم الرئيس والإنشاءات الأساسية للسد وعديد من القضايا الفنية الأخرى، مما ينذر بأحد أكبر التهديدات للأمن الإقليمي التي تكفل إشعال الوضع وامتداد آثاره غير المحمودة في وقت لا يستطيع العالم تحمل كلفة تداعيات الأزمة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.
أما بالنسبة إلى دور الاتحاد الأفريقي كمنظمة إقليمية ترعى المفاوضات بين أطراف أزمة سد النهضة، على رغم تجميد المفاوضات بين الدول الثلاث منذ أبريل (نيسان) 2021، فترى الباحثة أن “الأمر متداخل ومتشابك، فمن جهة يرعى النفوذ الإثيوبي داخل المنظمة دوراً لا يستهان به في تجميد التوصل إلى حل يرضي أطراف الأزمة، ومن جانب آخر فالمنظمة محملة بملفات كثيرة وشديدة التعقيد سواء على المستوى الأمني والسياسي والعسكري والاقتصادي والبيئي، لم تراوح مكانها لأسباب عديدة أبرزها غياب الإرادة السياسية لدى المنظمة وأعضائها لإنجاح الدور الفعلي للمنظمة وتحقيق أهدافها التي أنشئت من أجلها، فضلاً عن تأزم الوضع الاقتصادي الدولي جراء الجائحة والحرب الروسية – الأوكرانية، مما خلق أعباء إضافية أصابت العالم بالشلل وبالتبعية امتدت آثارها إلى قدرة منظمة الاتحاد الأفريقي على إدارة ملفاته”.
دور أميركي
وفي سياق الحديث المتواتر حول دور أميركي في دفع المفاوضات مجدداً، رأت باحثة العلوم السياسية بجامعة السويس مايسة عبدالعاطي أن اللقاءات الرسمية والدبلوماسية بين مسؤولين مصريين والوفود الأميركية المشاركة في قمة المناخ حققت نتائج إيجابية في تحريك ملف سد النهضة المتأزم، بخاصة اللقاء اللافت بين الرئيس المصري ونانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي، إضافة إلى لقاء الرئيس الأميركي الذي جاء من الولايات المتحدة محملاً بآثار المشهد الضبابي لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس، والذي يفرض على الإدارة الأميركية، التي تتأرجح بين ملفاتها الداخلية وأزمات العالم الخارجية، أن تفطن إلى ضرورة تقديم الدعم الفعلي وليس الوعود فقط للدول الحليفة لها بالمنطقة مثل مصر، والضغط على إثيوبيا لتحسين الموقف التفاوضي لمصر، والتمسك بطلب القاهرة الداعي إلى ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لأطراف الأزمة من دون إلحاق الضرر بأي من أطرافه.
وأعربت عبدالعاطي عن اعتقادها بأن الانطباع الأول لما خرج من شرم الشيخ قد يعطي صورة متفائلة عن إمكان استئناف المفاوضات بين أطراف أزمة سد النهضة الإثيوبي، لكنه تفاؤل نسبي وحذر مرهون بأبعاد أخرى تتداخل في التفاعلات بين أطراف الأزمة وحلفائهم، ويأتي التأييد الأميركي الأخير وسط حضور القاهرة في تحقيق الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، على حد وصفها.
ودعا السيسي نظيره الأميركي خلال لقائهما في شرم الشيخ إلى اضطلاع الولايات المتحدة “بدور مؤثر” لحلحلة أزمة سد النهضة، مؤكداً تمسك مصر بالحفاظ على أمنها المائي للأجيال الحالية والقادمة من خلال التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد يضمن الأمن المائي لمصر، وذلك وفقاً لمبادئ القانون الدولي لتحقيق المصالح المشتركة لجميع الأطراف.
ويشار إلى أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب سبق أن توصلت في فبراير (شباط) 2020 إلى مسودة اتفاق شامل حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي بعد مفاوضات شاقة في واشنطن بين الدول الثلاث برعاية وزير الخزانة الأميركي السابق ستيفن منوتشين والبنك الدولي، لكن أديس أبابا امتنعت عن توقيع الاتفاق، ووقعته مصر من طرف واحد، فيما اتهمت إدارة ترمب إثيوبيا آنذاك بانتهاك الاتفاق الذي تم التوصل إليه.
إثيوبيا تصدر الكهرباء
وبدأت كينيا التي حازت على صفقة مدتها 25 عاماً لشراء الكهرباء من جارتها الشمالية إثيوبيا، في استيراد الكهرباء الإثيوبية هذا الأسبوع، وذلك بعد مرور أقل من ثلاثة أشهر على إعلان أديس أبابا تشغيل توربين ثان في إنتاج الكهرباء من السد الذي أعلنت تشغيله جزئياً في فبراير الماضي، وهو ما عدته مصر في حينه “إمعاناً من الجانب الإثيوبي في خرق التزاماته بمقتضى اتفاق إعلان المبادئ لسنة 2015، الموقع من قبل رئيس الوزراء الإثيوبي”، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية.
وأعلن السفير الإثيوبي لدى كينيا باشا ديبيلي على “تويتر” يوم الجمعة 18 نوفمبر الحالي، إطلاق مشروع تصدير الكهرباء بين كينيا وإثيوبيا، مؤكداً أنه “مشروع محوري موجه نحو تحويل العلاقات الدبلوماسية بين إثيوبيا وكينيا متعددة الأوجه”.
ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن دانيال كيبتو المدير العام لهيئة الطاقة الكينية قوله “بعد بدء التشغيل، ستبلغ وارداتنا الأولية 150 ميغاوات ثم سترتفع إلى 300 ميغاوات في السنوات الثلاث المقبلة”.
وذكرت وكالة بلومبيرغ الأميركية نقلاً عن شركة الكهرباء الإثيوبية أن أديس أبابا بدأت في تصدير الكهرباء إلى كينيا المجاورة بعد أسبوع من اختبار خط نقل جديد، تكلفته 500 مليون دولار ولديه القدرة على نقل 2000 ميغاواط من الكهرباء، مما قد يكسب إثيوبيا ما يصل إلى 100 مليون دولار سنوياً.
وأضافت الوكالة أن مشروع السد الإثيوبي أثار توترات مع دولتي المصب مصر والسودان، موضحة أن السد الذي تبلغ تكلفته خمسة مليارات دولار قادر على توليد 5150 ميغاواط من الكهرباء بمجرد اكتماله المحتمل في عام 2024.
وعلى رغم كمية الكهرباء المحدودة المولدة فعلياً من السد حتى الآن، فقد وقعت إثيوبيا اتفاقات توريد مع كينيا والسودان وجيبوتي وأرض الصومال وتنزانيا وجنوب السودان، وحققت دولة القرن الأفريقي 95.4 مليون دولار فقط من صادرات الكهرباء العام الماضي.
المصدر: إندبندنت عربية
موضوعات تهمك: