“ذا هيل”: استمرار بن سلمان ليس في مصلحة العلاقات الأمريكية-السعودية
مدير «سي آي إيه» السابق: من المستحيل خروج فريق قتل إلى إسطنبول بدون موافقة محمد بن سلمان. كما أن تفسير الحكومة أن العملية هي محاولة اختطاف لم يكن مقنعا، وبل وتعتبر هذه القصة التي هدف منها التغطية على الجريمة
* * *
كتب مدير وكالة الإستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) السابق مايكل هايدن مقالا في موقع صحيفة “ذا هيل” والتي يقوم بتغطية أخبار الكونغرس جاء فيه إن السعودية اعترفت بعد فترة طويلة من الإنكار بأن جمال خاشقجي قتل في القنصلية السعودية بإسطنبول متسائلا إن مقتله خلق للولايات المتحدة مأزقا:
ماذا نفعل بمقتل معارض سعودي وكاتب عمود في صحيفة “واشنطن بوست”، وماذا يعني هذا للسياسة والسياسات الأمريكية وقيمها؟
وأجاب “ليس لدي إكسير سحري لتبسيط المشكلة. ولكن يجب هناك بعض الامور التي يجب أن تظل حاضرة في ذهننا. الأول هذا أمر مثير للغضب حتى لو كان خاشقجي المسيح الدجال، ومحاولات تصوير جمال خاشقجي بأنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين ومرافق لأسامة بن لادن مخجلة.
فمعرفته بالإخوان المسلمين عندما كان شابا ليس شيئا غريبا في العالم العربي خاصة للشباب الجادين الذين لم يولدوا في السلطة. واتصالاته مع أسامة بن لادن كصحافي لم تكن تختلف عن تلك التي أقامها معه صحافي سي أن أن بيتر بيرغين. ففي وقت مقتله كان جمال خاشقجي كاتبا جادا يحاول الدفع بإصلاح ذا معنى في بلده. وكان يمثل تأثيرا “ليبرايا” كما نقول”.
أما الأمر الثاني يتعلق بكيفية مناسبة هذه الحادثة “بالمنتج العام” للسعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان التي تعرضت للضغوط بعد “اليقظة العربية” وصعود إيران في العواصم العربية من بغداد إلى دمشق وصنعاء وبيروت.
وللرد على هذا قام ولي العهد الشاب باختطاف رئيس الوزراء اللبناني وأثر على الوحدة الخليجية بحصار قطر وشن الحرب في اليمن واحتجز مئات المؤثرين والأمراء في فندق ريتز كارلتون واحتجز الناشطات النسويات اللاتي طالبن بنفس الإصلاح الذي دعا إليه.
وقد تم التسامح مع بعض هذه التصرفات باعتباره تعجل شاب أو قيل إنها ضرورية لخروج البلاد من ماضيها المتحجر. إلا أن هذه تمت بدون رقابة مؤسساتية على العائلة المالكة فيما أدى صعوده السريع باتجاه العرش لتمزيق إيمان العائلة بالتوافق.
ويقول إن قتل المعارضين في الخارج هي فعل يمكن أن تقوم به القيادة الإيرانية أكثر مما تفعله العائلة السعودية ولكن ليس من الواضح كم هي سلطتها على ولي عهدها المتهور والقاسي.
وأضاف المسؤول السابق إنه من المستحيل خروج فريق قتل إلى إسطنبول بدون موافقة محمد بن سلمان. كما أن تفسير الحكومة أن العملية هي محاولة اختطاف لم يكن مقنعا، وبل وتعتبر هذه القصة التي هدف منها التغطية على الجريمة تعتبر إحراجا للكثير من السعوديين خاصة من سافروا أو عاشوا في الغرب.
وشبّه زائر للمملكة قبل فترة المزاج فيها بذلك الذي ساد الولايات المتحدة بعد انتهاكات سجن أبو غريب. وقد تمزقت هذه القصة الضعيفة بعدما كشف عن أدلة جديدة عن الجريمة.
ويرى هايدن أن تركيا لم تكن عرابا صادقا في الدراما لأنها سجنت صحافيين حاولوا قول الحقيقة مثل خاشقجي، كما ان تركيا منافس إقليمي قوي للسعودية. ولهذا قصد من تسريب المعلومات هو التأثير أكثر من قول الحقيقة والكشف عما جرى لخاشقجي.
ويتساءل هايدن عن مناسبة ما جرى للصحافي للموقف الأمريكي عن المملكة وولي عهدها. ويقول إن العلاقة مع السعودية تعود إلى ما بعد الحرب العالمية حيث حصل فرانكلين روزفلت على وعد من الملك عبدالعزيز بتوفير النفط مقابل الدفاع عن المملكة.
ولأن الأمريكيين يقتربون من استقلالهم في مجال الطاقة، يشعر السعوديون بالقلق على الوعد الأمريكي السابق. ويشير إلى أن الأمير بندر بن سلطان، سفير السعودية في واشنطن أنهى لقاء معه في أثناء زيارة له للمملكة قبل 10 أعوام بتقديم صورة لذلك اللقاء التاريخي.
ويرى هايدن أن النفط السعودي لا يزال مهما للدول الاخرى مع أن أهمية المملكة تعززت بالنسبة للولايات المتحدة من خلال مساهمتها بالسياسة ضد إيران والعملية السلمية في الشرق الأوسط. ويضيف إن هذه أسباب مهمة لتبرير العلاقة القوية مع المملكة لكنها لا تبرر تسرع الإدارة في أسابيعها الأولى تبني السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان.
وكشف الصحافي المخضرم بوب وودورد في كتابه “غضب” كيف قام جاريد كوشنر، صهر الرئيس بدفع الأطراف المترددة في البنتاغون ومجلس الأمن القومي والخارجية للموافقة على زيارة ترامب الأولى للسعودية.
وكان ريكس تيلرسون، وزير الخارجية واتش أر ماكمستر، مستشار الأمن القومي ووزير الدفاع جيمس ماتيس مع الحذر في بناء العلاقات.
ويشير هايدن إلى الزيارة وما قام به ترامب في الرياض هو أنه رد على الاستقبال الباذخ بتبني محمد بن سلمان ووقع على عقود ورقية لشراء السلاح وشيطن إيران.
وأقام كوشنر علاقة وطيدة مع محمد بن سلمان لدرجة أن واشنطن لم تعين سفيرا لها في الرياض. وأشار هايدن إلى مواقف إدارة ترامب من قتل خاشقجي حاولت في البداية الدفاع عن السعودية وصفقات السلاح قبل أن تبدأ بالتعبير عن القلق ومن ثم إرسال جينا هاسبل، مديرة “سي آي إيه” الحالية لأنقرة في محاولة لإسكات تركيا ووقف التسريبات.
ويعتقد هايدن أن الطريقة الوحيدة لإنقاذ العلاقات الأمريكية-السعودية هو الحد من العلاقة مع ولي العهد السعودي. ومع أن أمريكا لا تختار ملك المستقبل إلا أنها تستطيع تحديد كيفية التعامل معه. فلدى ولي العهد حزمة، فلو نجا من مؤامرات القصر فلن ينج من ردة الفعل السلبية في واشنطن خاصة مع رد الكونغرس وربما المحاكم.
وأشار هايدن أن السعودية كان لها ثلاث أمراء في ولاية العهد في أقل من أربعة أعوام. فالملك سلمان أطاح بالأمير مقرن وعين مكانه الامير محمد بن نايف ليطيح به ويعين ابنه محمد مكانه. ويقول إن ملوك السعودية السابقين كانوا إخوة من أبناء الملك عبد العزيز وسيكون الملك المقبل من الجيل الثاني، ويجب أن لا يكون محمد بن سلمان وربما اقتضت عافية واستمرار العلاقات مع الولايات المتحدة أن لا يكون.
المصدر: “ذا هيل” – ترجمة القدس العربي