تصدر دونالد ترامب الرئيس الأمريكي الجمهوري التي تنتهي ولايته الأولى والأخيرة على الأقل في تلك الانتخابات الجارية، في 20 يناير المقبل، وذلك بعد إثارته المعتادة للجدل، والتي تأتي تلك المرة بما يخص الانتخابات الرئاسية، زاعما أنه هو الفائز وبفارق أصوات كبير.
وإذا ما تم التفكير في شخصية رجل مثل دونالد ترامب فإنه لا ينبغي التفكير سوى فيما أقدم عليه، يحاول قلب الطاولة بكل ما يستطيع من قوة، ويلوح بالاجراءات القانونية، مؤكدا أنه سيلجأ للمحاكم لإثبات فوزه، لكنه في داخل نفسه يعي جيدا أنه مهزوم لكنه لا يريد التسليم لتلك الحقيقة، كما ألمح مستشاروه لذلك، حيث أكدوا أنه في حال تأكد أنه لم يعد ما يفعله في المعارك القانونية للفوز فسيسلم ترامب للهزيمة ويقبل بتسليم السلطة.
لكن هل ينتهي بذلك مشروع “دونالد ترامب”؟
قد يستقيل ترامب قبل يناير غاضبا؟ هكذا سؤال يجب أن يراود المتابعين للتصريحات الترامبية، بالطبع يمكن ذلك إذا ما حوصر قانونيا وانتخابيا بالهزيمة، لكنه في الوقت ذاته لن ينتهي وسيبقى. لماذا؟
لأن ترامب خلق سياسة من نوع جديد ناددرة الحدوث، حيث أن الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة، وإن كان ينتمي للحزب الجمهوري، إلا أن أفكاره وما أقدم على فعله لا يشبه ما ترمي إليه سياسات الحزب اليميني، وإن كان يتلاقى مع الحزب في بعض الأفكار، أو حتى أنه متمسك ومتشدد في تلك الافكار إلا ان القضية الأهم هي ان الترامبية ليست مجرد أفكار وإنما هي مجموعة من العوامل الأخرى تسوقها تلك الأفكار.
شكل دونالد ترامب تيار سياسي “فج” في كل شئ، في التصريحات في التعامل مع الحلفاء والتعامل مع الأعداء، شخصية عجيبة نرجسية، وفي نفس الوقت عنصرية أشد العنصرية ضد الآخر، أيا كان هو الآخر، مع جهل كبير بكل الآخرين عدا القريبين جدا منهم.
دونالد ترامب أيضا شخصية عنيدة لا تبرح أن تدخل شيئا إلا وتدخله بـ”رأسها”، ومثالا على ذلك ما أقدم عليه مع طهران بداية من الغاء الاتفاق والتهدئة، إلى العداء الواضح الذي انتهى بضربة عسكرية متهورة لم تتمكن طهران التي تجعجع ليل نهار، عليها، وهو ما يؤكد أن ترامب فاعل وليس مجرد متكلم، وهو الأمر الغريب على السياسة التي تعتبر فن الكلام أكثر منه الفعل في أحيان كثيرة.
لقد نفذ الرئيس الجمهوري المتطرف كل وعد قدمه في الحملة الانتخابية عام 2016 ضد هيلاري كلينتون، فعل كل شئء ممكن لإسرائيل، قلل التواجد العسكري لبلاده، الضرائب، انهاء قرارات اوباما، حتى بما يتعلق بإيران أهم وعد انتخابي لم يألو جهدا في حصارها وتوجيه الضربات تلو الأخرى لها.
كل هذا وأكثر يعني ان ترامب يحمل مشروعا جديدا ومختلفا، لكنه يبدو أن الناخب الأمريكي قد وجده قد استنفذ كل ذلك لينقلب عليه، عدا الترامبيون، الذي يقبعون في الشوارع في انتظار معجزة من السماء تتدخل لحبيب المسيح من أجل إنقاذه من الخسارة.
دونالد ترامب لن ينتهي
لن يتوقف ترامب عن ممارسة السياسة التي لا يعرف عنها الكثير والتي دخلها بالصدفة البحتة، ربما يشكل حزب ترامبي جديد ينال من خلاله عدد لا بأس به من أنصاره في الحزب الجمهوري، وغيرهم، لن يتوقف على ما يبدو عن انتقاد جو بايدن والحزب الديمقراطي.
وقد يخوض ترامب الانتخابات المقبلة في نوفمبر عام 2024، لكي يعاود الحصول على منصبه الذي خسره، وهو ما سيكون بمثابة انتخابات تكسير عظام.
وقد لا يحدث كل ذلك ويغضب دونالد ترامب مثل الأطفال ويرحل عن البيت الأبيض دون رجعة للحياة السياسية، لكن مريديه قد يشكلون حزبا باسمه يمارسون به أفكاره المجنونة للأبد.
موضوعات تهمك: