جرت 11 عملية تصويت لاختيار رئيس مجلس النواب في 3 أيام دون أي نتيجة
هي المرة الأولى منذ 100 عام التي لم يتم فيها انتخاب رئيس المجلس في الاقتراع الأول.
في حال عدم حصول أي تقدّم، يبقى مجلس النواب الجديد حتى اختيار الرئيس هيئة ناخبة فقط بدون صلاحيات سوى انتخاب رئيسه.
الجلسات تجهضها أقلية تمكّنت من لعب دور بيضة القبان، لأنّ هامش الأغلبية الجمهورية بالمجلس ضعيف (10 نواب) مما أعطى معظمهم (5-7) من عتاة اليمين الكلمة الفصل في حسم رئاسة المجلس.
* * *
يوافق اليوم الجمعة الذكرى السنوية الثانية لاقتحام مبنى الكونغرس الأميركي. الأقلية الجمهورية الترامبية آنذاك في مجلسي النواب والشيوخ صوتت ضد التصديق على نتائج انتخابات الرئاسة 2020. أما الآن، فإنّ المشهد يتكرر بصيغة ثانية، وكأن تلك الأزمة لم تنته بعد، إذ إنّ ذات الأقلية تمنع اليوم انتخاب رئيس لمجلس النواب، ولو من حزبها.
وفشلت محاولة الأقلية الجمهورية في 2021، لكنها نجحت حتى الآن في منع انتخاب رئيس للمجلس بعد 3 أيام تخللتها 11 عملية تصويت. وكأن البرلمان اللبناني الذي يشهد حالة مماثلة هذه الأيام قد انتقل من بيروت إلى واشنطن.
الجلسات تجهضها أقلية تمكّنت من لعب دور بيضة القبان، لأنّ هامش الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ضعيف (فقط 10 نواب) وبما أعطى معظمهم (5 إلى 7) من عتاة اليمين المتصلّب الكلمة الفصل في حسم موضوع رئاسة المجلس.
بذلك دخلت قضية انتخاب رئيس المجلس في دوامة التعطيل على يد الجمهوريين الذين كانوا من المفترض أن يحسموا الموضوع منذ الثلاثاء الماضي، وبدأوا في ترجمة أجندتهم التشريعية، لكنهم اختاروا الشغور الذي يتوقّع أن تتكرر فصوله اليوم الجمعة مع عودة المجلس إلى استئناف جلسات الانتخاب من غير أي بوادر حلحلة حتى اللحظة، وبما يترك الوضع على حاله لأمد لا يستبعد أن يستمر فترة أسابيع أو أكثر، في ظل الاحتمالات الواردة كافة.
وفي حال عدم حصول أي تقدّم، يبقى مجلس النواب الجديد حتى اختيار الرئيس هيئة ناخبة فقط بدون صلاحيات سوى انتخاب رئيسه.
وتأتي عقدة انتخابات الرئيس، بحسب ما هو معلن، نتيجة لخلاف عميق بين الممانعين والمرشح كيفن مكارثي، مع أنه ليس بعيداً عنهم في السياسات والتوجهات، ثم إنه قدّم لهم من التنازلات والوعود والضمانات ما يكفي، حسب التسريبات التي تمررها أوساطه. إلا أنّ ذلك لم يزحزحهم قيد شعرة خلال 11 دورة تصويت (خمس منها جرت يوم الخميس).
والمعروف أنّ هؤلاء من أشدّ الموالين لترامب الذي كان بإمكانه، لو أراد، تجيير أصواتهم لمكارثي، لكنه لم يفعل، لأنّ هذه العصبة من المحسوبين على خندقه كانت وما زالت رمحه للإمعان في تفجير الحزب الجمهوري الذي لا يقل عداء ترامب له عن حدة خصومته مع إدارة جو بايدن.
وتفاقمت هذه العداوة وصارت متبادلة بشكل صريح في الآونة الأخيرة وتحولت إلى حرب سياسية بين الطرفين، خاصة بعد الانتخابات النصفية التي دفع الحزب الجمهوري فيها ثمناً باهظاً بسبب تدخل ترامب فيها!
إذ إنّ معظم المرشحين للكونغرس الذين اختارهم ترامب أو جاهر بتأييدهم هُزموا، مع أنّ دوائرهم الانتخابية كانت تميل غالباً نحو الجمهوريين، وهو ما حوّل ترامب إلى عبء على الحزب الجمهوري، رغم احتفاظه بتأييد شريحة لا بأس بها من قاعدته، ولو أنها تضاءلت أخيراً.
ودفع النزيف الانتخابي الكثير من قيادات الحزب الجمهوري (مثل السناتور ميتش ماكونيل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ) إلى كسر صمتها ووضع فاصل بينها وبين ترامب، تمهيداً لمعركة كسر عظم ضده في انتخابات التصفية الحزبية لانتخابات الرئاسة 2024.
وزادت معركة رئاسة مجلس النواب في إضعاف الحزب الجمهوري وبما قد يوصله منهكاً إلى الاستحقاق الرئاسي. فالحزب لن يقوى على الفوز بالرئاسة مع ترامب بحسب كافة المؤشرات والمعطيات المتعلقة بوضعه، لو حسم معركة الترشيح لصالحه. كما أنه لا يقوى على استرجاع الرئاسة بدونه لو بقيت الموالاة له في صفوف الجمهوريين على حالها.
جماعة ترامب على ضآلة وزنها كسبت الجولة حتى الآن في مجلس النواب. تسببت بخلق مأزق حكم لم تعرفه واشنطن منذ مائة سنة. آنذاك استمر الجمود لمدة شهرين وأخذ 9 دورات تصويت لتجاوزه. اليوم وصل العدد إلى 11 دورة في 3 أيام، فهل في ذلك ما يؤشر إلى أزمة من نوع تلك التي تطلّبت 133 دورة امتدت على شهرين في سنة 1856؟
المصدر: العربي الجديد
موضوعات تهمك:
أميركا: أزمة رئاسة مجلس النواب.. الجمهوري ممزّق والكونغرس معلّق