المحتويات
حميدتي ومناجم الذهب التي لا تلمع
أعلن قائد قوات الدعم السريع في السودان وعضو المجلس السيادي محمد حمدان دقلو الشهير باسم حميدتي بامتلاكه مناجم ذهب في البلاد.
وقال القائد العسكري السوداني، بحسب ما نقلت صحيفة التحرير السودانية، أن له مناجم ذهب، مشيرا إلى أنه لا يوجد ما يمنع من التقيب عن الذهب، مشيرا إلى أنه مثل أي سوداني التجارة محدودة جدا بالبلاد.
وأشار إلى أن تجارته لا تساوي شئ مع تجار الذهب الآخرين.
وأوضح حميدتي أنه لم يسعى خلف كرسي الحكم وليس له رغبة في الأمر، لافتا إلى أنه لم يكن من المتوقع أن يصل إلى منصب نائب رئيس المجلس السيادي، مضيفا “لكنها الأقدار”.
حميدتي الحاكم الفعلي
وقالت الباحثة سارة مجذوب، في تقرير لها نشره موقع “أوريان 21” إبان مجازر الخرطوم التي نفذتها مليشيات الدعم السريع التي يقودها حميتي، أن الرجل يعد قوة اقتصادية وعسكرية سودانية كبيرة، مشيرة إلى أنه الحاكم الفعلي للبلاد.
وقالت مجذوب، أن حميدتي فرض نفسه بالقوة على السودان بعد إزاحة البشير، من الناحية العسكرية كقائد أكبر مليشيا في السودان، ضمها للجيش النظامي كأمر واقع، وكقوة اقتصادية حيث يملك نسبة ضخمة من المناجم في البلاد، مشيرة أنه كان قوة كبيرة في مسألة تقريب البشير بأوروبا والولايات المتحدة من خلال إغلاق الجنوب أمام المهاجرين غير النظاميين المتدفين من إفريقيا، عن طريق المليشيا العسكرية.
ويعمل حميدتي إلى جانب البرهان الذي تولى المجلس السيادي، والذي عمل على إشراك المليشيا مع القوات النظامية في التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن.
وترى الباحثة أن حميدتي حصل على شرعية دولية كرجل المرحلة في البلاد من خلال الظهور أمام ممثلي الاتحاد الأوروبي وسفراء فرنسا وبريطانيا وهولندا وممثلي الدبلوماسية الأمريكية، ولقاءه بابن سلمان ولي عهد الرياض والحاكم الفعلي للمملكة.
وتشير إلى أن الجنرال السوداني يقوم بفعل كل كبيرة وصغيرة على كافة الجبهات السياسية والعسكرية ويتعامل كرجل دولة يلقي محاضرات ويتهدد الثوار كما أطلق السجناء هو نفسه، قبل أن يتراجع خطوة ويقبل التوصل إلى اتفاق مع قوى التغيير والحرية.
حميدتي فرانكشتاين الخرطوم
وأكدت الباحثة أنه لا يؤجد لدى حميدتي ما يؤهله لذلك الصعود المفاجئ في السودان، خصوصا وأنه لا يتمتع بأي لباقة تذكر، كما أنها ترى أنه مجرد تاجر للماشية وحام للقوافل بين غربي السودان وتشاد وشرق ليبيا، لكنها تشير إلى أنه هيأ نفسه بشكل تدريجي بداية من 2010 للوصول إلى منصب زعيم الجنجويد كبديل لرجل دارفور القوي موسى هلال، الذي تم اعتقاله من قبل البشير عام 2017، وبرعاية مخابراتية وأمنية توصل الجنرال صاحب مناجم الذهب إلى مكانته العسكرية الحالية، حيث أصبحت المليشيات أهم من الجيش وفاقت صلاحياتها صلاحيات الجيش بعدما أولاها البشير ثقته في تحسين المظهر الخارجي واستعطافه من خلال العديد من الملفات أبرزها ملف المهاجرين غير النظاميين.
وكان حميدتي بحسب التقرير كيان مستقل تابع للرئيس مباشرة ويتمتع بميزانية هي الأكبر، ليكون فيما بعد حاكم المناطق الهامشية للبلاد، وكأول حرس حدود في مناطق حدودية مع إريتريا وتشاد وإثيوبيا، واستعرض قواته هناك مما دفع الاتحاد الأوروبي للعمل معه بشكل مباشر لحماية مصالح أوروبا الحدودية من الهجرة غير النظامية من منابعها ذاتها.
ومن خلال شركات مناجم الذهب في جبل عامر شمالي دارفور عمل حميدتي على تكوين إمبراطورية، لينمي بها قواته، لتؤدي الأدوار كاملة من خلال عمر البشير مباشرة، بحسب ما صرح في 2016 بأن القوات تقوم بأدوار الجيش والشرطة والإدارة المحلية.
وكان حميدتي قد أعلن في وقت سابق لمدير مكتب نيويورك تايمز في القاهرة أنه يرى حتمية وصوله للسلطة وإلا ستضيع البلاد، فيما يعتبر السودانيون حميدتي حاكما فعليا للبلاد برغم كل التطورات والاتفاق الذي جرى مؤخرا.
لماذا لا يلمع ذهب حميدتي؟
تكمن القضية هنا في أن كل ما يملكه حميدتي ويسيطر عليه من مناجم ذهب، غير معروف حتى الآن مدى حجمه، في ظل تلقيه دعما إماراتيا واسعا، مما يعني أن قوته في الصعود سيتم تقاسمها مع جهات أجنبية.
يسعى محمد حمدان دقلو من خلال دعما خارجيا في صنع ديكتاتورية عسكرية نيوليبرالية تحظى بدعم خليجي خاصة من الإمارات والسعودية، في ظل توافق حكومة المجلس السيادي الجديدة، التي أعلن رئيسها في أول خطاب له أنه يحتاج دعم وسائل الإعلام في تمرير خطوات اقتصادية صعبة لاحقا.
مناجم الذهب قد لا تلمع في السودان، وإن لمعت فيه فستكون مخبئة بين جنبات المليشيا التي تفتعل النظامية إجبارا.
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة