حضور فلسطيني بالكنيست المنحل لم يرتقِ لمستوى تحديات كبرى تواجه شعب فلسطيني، مما يشمل القائمة المشتركة كالقائمة الموحدة مع الفارق.
ائتلاف تمّ تلفيقه لإسقاط حكومة نتنياهو ينهار على قواعد الكيان الصهيوني الاستيطانية والعنصرية، أياً كانت هوية الحكومات وتسميات زائفة من يمين أو يسار.
لا جديد أن تنهار حكومة بالكيان الصهيوني، وانهيار هذا الائتلاف الراهن الذي يحكم منذ سنة لا يبدو تطوراً مفاجئاً، بالنظر لطبيعة الكيان الاحتلالي الاستيطاني العنصري المعسكر حتى النواجذ.
* * *
ليس جديداً أن تنهار حكومة في دولة الاحتلال الإسرائيلي، وحتى انهيار هذا الائتلاف الراهن عجيب الخلائط الذي يحكم منذ سنة لا يبدو تطوراً مفاجئاً، بالنظر دائماً إلى طبيعة هذا الكيان الاحتلالي الاستيطاني العنصري المعسكر حتى النواجذ، وما يتخلق في داخله وحوله من عناصر لا تحث على التماسك بقدر ما تستولد التفكك، ولا تلائم الديمقراطية المزعومة بقدر ما تجافيها وتدفع إلى نقائضها.
وهكذا يضطر الائتلاف الراهن إلى حل الكنيست بوصفه الإجراء الأقصى المتبقي، ليس فقط بسبب الانشقاقات التي تعاقبت لأكثر من سبب حتى إذا دار حول خبز الخميرة أيام السبت، بل أساساً لأن الحكومة ستصبح نهاية هذا الشهر عاجزة عن توفير التغطية «القانونية» للاستيطان والاحتلال بموجب التشريعات التي تتيح تطبيق القوانين الإسرائيلية على المستوطنات.
في عبارة أخرى، ليست مفارقة أن الائتلاف الذي تمّ تلفيقه كيفما اتفق لإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو إنما ينهار اليوم على القواعد ذاتها التي أقامت بنية الكيان الصهيوني الاستيطانية والعنصرية، أياً كانت هوية الحكومات موزعة بين تسميات زائفة تصف اليمين أو الوسط أو اليسار.
وللمرة الخامسة خلال ثلاث سنوات سوف يجد الناخبون بالكيان الصهيوني أنفسهم أمام صندوق اقتراع لا يحيلهم إلى خيارات فارقة أو متمايزة بل يلقي بهم أكثر فأكثر في متاهات الحيرة إزاء ائتلافات تعيد إنتاج معطياتها، أي تسترجع مشكلاتها المستعصية الموروثة ذاتها، حتى في ذروة ادعاءات ممثليها بأنهم يحملون التغيير.
ولا يُستغرب والحال هذه أن يطلّ نتنياهو برأسه مجدداً، وكأنه لا يخاطب الإسرائيليين من داخل أروقة المحاكم حيث اضطر إلى الرضوخ لنصح محاميه والاعتراف بتهمتَيْ الاحتيال وخيانة الأمانة، بل هو ذاته الذي ترأس الحكومة طيلة 12 سنة وهو الذي يعود اليوم إلى رفع شعار «سأعود قريباً».
وفي جانب آخر من هذا الاستعصاء المعلن، لن يأتي يائير لبيد رئيس الحكومة الجديد بأي جديد جوهري على المعادلة الاحتلالية والاستيطانية إياها، وذلك لأن مبدأ التناوب في المنصب مع نفتالي بينيت كان في الأصل صفقة فاسدة قبل أن تكون هشة، فكيف وقد تعاقبت فصولها بضغط من انهيار الائتلاف داخلياً.
هذا بالإضافة إلى معضلات أخرى سياسية واجتماعية واقتصادية وعسكرية، لا تختصرها فقط عربدة الاحتلال في محيط الأقصى وسائر القدس المحتلة، أو الحرب على غزة، أو اغتيال الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، بل فضحها كذلك فشل دولة الاحتلال في استثمار الحدّ الأقصى المتاح من الاتفاقيات مع الدول العربية التي هرولت إلى التطبيع.
إلى هذا يُفترض أن الانتخابات المقبلة فرصة جديدة أمام القوى الفلسطينية التي سوف تشارك فيها، إذ قد لا يؤتى بجديد في التذكير بأن الحضور الفلسطيني في الكنيست المنحل لم يرتقِ بالقدر الكافي إلى مستوى التحديات الكبرى التي واجهت وتواجه الشعب الفلسطيني من النهر إلى البحر، وهذه حال تشمل القائمة المشتركة مثل القائمة الموحدة، مع حفظ الفوارق هنا وهناك.
ولعل المغزى الأبرز تختصره حقيقة أن حل الكنيست هو مظهر جديد في منظومة احتلال عنصرية مستدامة الاستعصاء.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: