الجنرال المتمرد خليفة حفتر يعيش وقت سيؤثر على تاريخه العسكري والسياسي، كما سيؤثر في مصير الملايين من أبناء الشعب الليبي، وسط رفضه اتفاق ليبيا في موسكو بالإضافة لرفضه للتهدئة أو السلام بين قواته التابعة لبرلمان شرق ليبيا وحكومة الوفاق الوطني الشرعية المعترف بها دوليا والتي طلبت دعما تركيا مؤخرا وأرسلت تركيا وحدات عسكرية لمواجهة الهجمات التي قودها الجنرال المتقاعد على العاصمة طرابلس ومدن أخرى.
الجنرال المتمرد يسعى من أجل السيطرة على طرابلس وباقي المدن الواقعة تحت حكومة الوفاق الوطني لفرض حكم عسكري شمولي على البلاد وهو ما سيضر بالمصالح الليبية في البحر المتوسط على حساب انتهاء حكومة الوفاق التي تعمل مع أنقرة من أجل الحفاظ على حقوق ليبيا في منطقة شرق البحر المتوسط، وهو الأمر الذي يفيد مصالح مصر هي الأخرى إلا أن الدعم الذي تتلقاه قوات شرق ليبيا ومصر على السواء يتعارض مع رؤية تركيا التي تتعارض مع مصالح الاحتلال الإسرائيلي الراغب في الاستيلاء على حقول الغاز في منطقة شرق المتوسط.
اتفاق ليبيا في موسكو يفشل لهذا السبب؟
فشل اتفاق ليبيا في العاصمة الروسية موسكو والذي كان متوقفا على توقيع وفد قوات شرق ليبيا التابعة للجنرال المتمرد خليفة حفتر إلا أنه لم يفعل، بعدما وقعت حكومة الوفاق الوطني على الاتفاق لوقف إطلاق النار وامتثال الحل السلمي من أجل حل الأزمة القائمة.
وكان حفتر قد طلب مهلة لصباح الثلاثاء من أجل إعطاء رد نهائي قبل أن يغادر الوفد صباحا دون إعطاء أي رد، بينما أعلن رفض الاتفاق عندما وصل إلى ليبيا وسط قواعده العسكرية.
وتتلقى قوات الجنرال المتمرد دعما عسكريا من عدة جهات، فإلى جانب روسيا التي دعمت المبادرة التركية لوقف إطلاق النار، تتلقى القوات دعما إماراتيا ومصريا بالإضافة لدعم غربي غير معلن، إلى جانب الدعم اللوجيستي والسياسي والغطاء الذي تمنحه إيطاليا للجنرال المتمرد خلال استقباله مرة وراء الأخرى العاصمة روما.
وكما توقعنا وأشار تحليلنا في تقرير سابق، أن يكون الأمر فشل بإيعاز إماراتي، فقد ذكر تقرير صحفي لموقع الجزيرة نت قال فيه أن إماراتيين وصلوا مقر إقامة حفتر في موسكو إبان وصوله من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، حيث أكد التقرير نقلا عن عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بلقاسم دبرز، أن السفير الإماراتي لدى موسكو، حيث حضر الوفد الإماراتي إلى مقر حفتر أثناء المفاوضات ولم يغادروه حتى رحيله حفتر والوفد المرافق له من موسكو صباح الثلاثاء.
من جهة أخرى فإن مصادر مقربة من حفتر كشفت عن أن الإمارات اشترطت على الجنرال المتمرد أن لا يتم الاتفاق بدعم تركيا بالذات.
الجنرال المتمرد حفتر يرتعد!
بعد رفض الجنرال المتمرد توقيع الاتفاق في العاصمة الروسية موسكو أرسل الرئيس التركي تهديدات واضحة في تصريحات له، للجنرال قائلا أنه لا يمكن أن يصمت تجاه ما يحدث في ليبيا، حيث أن تدخل تركيا منعا لاستيلاء المتمرد الانقلابي خليفة حفتر على ليبيا بالكامل، مشيرا إلى أنه وافق في البداية على اتفاق الهدنة لكنه راوغ وهرب من موسكو دون توقيع الاتفاق.
وأكد الرئيس التركي أنه سيقوم بتلقينه الدرس اللازم في حال شن هجمات جديدة على قوات الحكومة التي يرأسها فايز السراج، مشيرا إلى أن ليبيا كانت لعصور طويلة جزءا هاما من الدولة العثمانية وحاليا هي دولة شقيقة لديها مصالح مشتركة مع تركيا، لذلك لن تقف تركيا مكتوفة الأيدي أمام ما يجري هناك.
وشدد الرئيس في تصريحاته على ما فعله حفتر، أنه لا يمكن لأحد أن ينتظر من تركيا ترك ليبيا وحدها الذي طلبوا العون من أنقرة، مشيرا إلى أن نصرة أحفاد أجداد تركيا في الشمال الإفريقي أمر واجب ومن صميم مهامهم، حيث أن أبناء كور أوغلو، سواء عندهم مع تركمان سوريا والعراق وأتراك البلقان وأتراك الأهسكا في القوقاز، مشيرا إلى وعي تركيا بمسؤوليتها التاريخية تجاه ليبيا وإخوتها من العرب حيث وقفوا إلى جانب تركيا في أحلك ظروفها، وعلى تركيا رد الجميل.
كان ذلك ملخص لأبرز تصريحات الرئيس التركي، فيما قالت مصادر مقربة من حفتر أنه تلقى تلك الكلمات في أشد غضبه، متوعدا بتشديد الهجمات، إلا أنه لاقى خوفا شديدا من تزايد القوة العسكرية لقوات حفتر مع وجود الخبراء العسكريين الأتراك.
وأشارت المصادر إلى أن حفتر طلب مزيدا من الدعم من قبل داعميه لمزيد من التصعيد، خوفا من الوعيد الذي أعلنه الرئيس التركي، إلا أنه طلب منه التهدئة حتى مؤتمر برلين المقبل.
وقال مصدر آخر في حكومة حفتر، أن قوات حفتر تلقت دعوة من دول غربية من أجل إبداء مرونة في مفاوضات برلين المقبلة، فيما سيتم تقليل التواجد السياسي التركي ضمن داعمين كثر للمفاوضات ولن تنفرد مع روسيا برعاية الاتفاق، مما يفوت الفرصة على تركيا في ليبيا لمزيد من الظهور في الكادر الليبي مثله مثل سوريا.
وأشار المصدر إلى أنه بالرغم من وعود غربية لحفتر تؤكد له أنه سيلقي دعما سياسيا أكبر وصناعة اتفاق مشابه للذي عقد في روسيا، إلا أنه مازال قلقا حيث يطمح في السيطرة على كامل ليبيا منفردا، ويخشى من أن تلك التأجيلات السياسية باتفاق هدنة طويل يمنح الفرصة لتركيا لزيادة الدعم المقدم لحكومة الوفاق الوطني، إلا أنه لا يمكن التملص من الالتزام بما يقوله الداعمون الأجانب في الوقت الراهن وهو ما يثير قلقه من عدم استغلال الفرصة للمباغتة قبل التدخل التركي بكامل ثقله وفي اللحظة ذاتها لا يستطيع التحرك في مساحة أكبر من المساحة الممنوحة.
من جهتها قال مصدر في حكومة الوفاق الوطني، أن الحكومة كانت تفضل الاتفاق التركي الذي سيكون بمثابة حل فعلي في الوقت الراهن، مؤكدا على أن الحكومة قلقة من الذهاب في جولات مطولة تعطي إمكانيات أكبر للمراوغة والمماطلة.
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة