حزب الله وإسرائيل: “توازن خوف” .. رؤية مؤرخ إسرائيلي عن الواقع الحالي للمقاومة وإسرائيل.
رأى المؤرّخ الإسرائيليّ، البروفيسور أوري بار يوسف، من جامعة حيفا، أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خبير في الإرهاب، ولكن لديه فهم أيضًا في التفكير الاستراتيجيّ الذي تطوّر في فترة الحرب الباردة، لافتًا إلى أنّ في مركزه وقف مفهوم “توازن الرعب”، الذي ارتكز على القدرة النوويّة، مُضيفًا في الوقت عينه أنّه صحيح عدم وجود قدرةٍ لحزب الله وفي هذه المرحلة أيضًا لإيران، ولكن في أعقاب التطورّات التكنولوجيّة للعقود الأخيرة، فإنّ إنتاج الصواريخ أرخص وأسهل ممّا كان في الماضي، ويُمكِن تطوير مستوى دقتها بصورة سهلة نسبيًا، مُحذّرًا من أنّ النتيجة العملية هي “توازن خوف” تقليدي: الضاحية الجنوبيّة في بيروت مقابل «مقر وزارة الأمن الإسرائيليّة في تل أبيب، ومطار الحريري مقابل مطار بن غوريون الدوليّ، أيْ مطار اللد، على حدّ تعبيره.
وشنّ المؤرّخ هجومًا لاذعًا على نتنياهو عندما أّد أنّه يصعُب التفكير بوجود زعيمٍ آخرٍ في تاريخ إسرائيل آمن بأنّه، بالكلام الفارغ وبالصور الملونة، يستطيع أنْ يُبعِد عن إسرائيل الأخطار الحقيقيّة التي تُواجِهها، مُشيرًا إلى أنّه لم يكن أحد ممّن سبق نتنياهو قادرًا على الخطابة مثله، ولكنهم جميعًا أدركوا بأنّه وبالكلام فقط لن يخدموا الدولة ولا أمن مواطنيها، بحسب تعبيره.
ولفت في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة إلى أنّه حتى الفترة الأخيرة عرضت إسرائيل سرًا، على جهاتٍ مختلفةٍ في العالم، معلومات استخباراتيّة حساسّة عن إيران ومصانع صواريخ حزب الله، من أجل دفعهم للعمل، ولكنّهم آثروا السكوت وعدم العمل، مُضيفًا أنّ نتنياهو آمن بالتسويق كحلٍّ لكلّ شيءٍ، لذا عرض المعلومات السريّة في الأمم المتحدة، وماذا بعد؟ لم يحصل أيّ شيءٍ، لأنّ الدول الأخرى ترى في المصالحة مع إيران أنّها الطريقة لحلّ المشكلة.
وشدّدّ المؤرّخ على أنّ نتنياهو أنْ يعرف أيضًا بأنّه خلافًا للتهديدات الأمنيّة التي واجهتها إسرائيل طوال سنوات وجودها، فإنّها اليوم، ليس لديها ردٌّ عسكريٌ جيّدٌ على تهديدات مئات أوْ آلاف الصواريخ الثقيلة، جزء منها موجودة بيد حزب الله وموجه نحوها، مُضيفًا أنّه أمام تهديد كهذا لم نقف في يومٍ ما في الماضي، ومن المعقول أنّ مئات الصواريخ في الحرب القادمة لن تصيب المنشآت الإستراتيجيّة لإسرائيل فحسب، بل ستتجاوزها إلى العديد من الأبراج السكنية في تل أبيب، لافتًا إلى أنّ “عقيدة الضاحية” تمّ وضعها في إسرائيل، ولكنّ حزب الله يستطيع أيضًا أن يطبقها تحت عنوان “عقيدة وزارة الأمن”.
وأردف المؤرّخ قائلاً إنّ نتنياهو أيضًا يعرف بالتأكيد أنّه نظرًا لأن رئيسة الوزراء السابقة قدّرت بأنّ لإسرائيل ردًا عسكريًا جيدًا على التهديدات العربيّة، فإنها لم توظف جهودًا كبيرة في تشجيع اتفاقٍ سياسيٍّ كوسيلةٍ لتحييد هذه التهديدات، ولكن ما كان منطقيًا في 1973 ليس منطقيًا اليوم، مُشيرًا إلى أنّ المستوى السياسيّ والمستوىّ العسكري يرَوْن في صواريخ حزب الله تهديدًا هامًا، الذي على أبعد تقدير لديها رد جزئيّ عليها، وبالتالي من شأن إسرائيل في الحرب القادمة أنْ تدفع الثمن الأثقل منذ 1948، على حدّ تعبيره.
وتابع المؤرّخ الإسرائيليّ قائلاً إنّ التاريخ يُعلّم أنّ الوسيلة لمواجهة ميزان الخوف تمرّ بالحوار، وببناء ثقةٍ وبإيجاد حلولٍ عمليةٍ للتهديدات العسكرية، مُشيرًا في الوقت عينه إلى أنّه مع كلّ الاحترام لبلاغة نتنياهو في الأمم المُتحدّة، من الواضح أنّ ثمة مصلحة لإسرائيل ولإيران وحزب الله لمنع مواجهةٍ عسكريّةٍ تجبي منهم ثمنًا باهظًا جدًا، وهذا الأمر أساس جيد لبداية عملية حوار، بحسب قوله.
واختتم البروفيسور بار يوسف تحليله بالقول إنّه عوضًا عن دسّ إصبعٍ آخرٍ في وجه قيادة الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، وبدلاً من تهديد الأمين العّام لحزب الله، حسن نصر الله، بضربةٍ قاضيةٍ لا يستطيع تصورّها، كان الأجدر برئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو أنْ يُفكّر أكثر قليلاً عبر التاريخ، والذي تعلِّم أنّ الطريقة التي يعمل بها من شأنها أنْ تقوده إلى كارثةٍ، لهذا يتحتّم عليه أنْ يبحث عن طرقٍ بديلةٍ، بحسب تعبير المؤرّخ الإسرائيليّ.
المصدر: رأي اليوم