حزب الله المليشيات اللبنانية ذات الولاء الإيراني يبرز اسمها على السطح خلال الساعات الأخيرة وذلك مع إعلان ألمانيا اعتبار المليشيا الإرهابية الداعمة لنظام بشار الأسد كمنظمة إرهابية، معلنا ملاحقة المكاتب ذات الصلة بها والمساجد والشخصيات أيضا، وذلك بعد سنوات من قرار دول الاتحاد الأوروبي الاعضاء اعتبار جناح حزب الله العسكري كمنظمة إرهابية فقط.
لا يخفى على القاصي والداني جرائم مليشيات حزب الله والمليشيات الإيرانية الإرهابية إلى جانب جرائم نظام الأسد وروسيا، من قصف منازل السوريين بكافة أنواع الأسلحة من البدائية إلى الكيماوي، إلى الحصار والتجويع والتعذيب والأسر والإخفاء والقتل والاغتصاب وغيرها من أبشع الجرائم التي مرت على الإنسانية، إلا أن المليشيات الإرهابية ليست حفنة من القتلة فقط فلهم أنشطة أخرى.
من المعروف أن الشيطان الإيراني يقدم إلى مليشياته وأذرعه المنتشرة في الشرق الأوسط الداعم الكامل ماليا وعسكريا وعتادا، في تمويل من كافة الأنحاء، إلا أن الأمر ربما بعد العقوبات الأمريكية غير المسبوقة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم مع طهران، أصبح أكثر صعوبة، فبات نشاط المليشيات الإرهابية مرهونا بالمال المحجوب من داعمهم الأول بسبب ضائقته المالية بعد العقوبات المفروضة عليهم، فصارت المليشيا الإرهابية تعمل على إيجاد مصادر دخل لكي تصرف على الإرهاب التي تنتجه زائد التربح الذي كانت تناله قياداته والتي يحسمونها من التمويل على جانب آخر، فكان الحل أن يتم فتح فرع مافيوي داخل المليشيا فجزء يعمل على الإرهاب والقتل ومشتقاته في سوريا ولبنان، والثانية يعملون على تجارة المخدرات.
مركز تجارة مخدرات
في وقت سابق أعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية، إحباط محاولة واحدة من أكبر عمليات التهريب للمخدرات داخل أراضي المملكة حيث كانت تلك العملية الإجرامية تتضمن 19 مليون قرص من المخدر “إمفاتين”. وتم إلقاء القبض على أربعة أشخاص متورطين هم مواطن سعودي ومواطن بنغلاديشي ومواطنين سوريين، ووفقا لتقارير صحفية فإن ما أعلنته السلطات السعودية من معلومات تؤكد أن مصدر تلك المخدرات هي سوريا وبالتحديد أحد أكبر ممولي النظام المسيطر على المادة التي لا تنتج سوى في سوريا ويسيطر على صناعتها واحد من أجزاء نظام الأسد.
أما في مصر فقد أعلنت السلطات المصرية ضبط كمية من مخدر الحشيش، على متن باخرة قادمة من سوريا ومتجهة نحو ليبيا وتبين فيما بعد أن تلك الباخرة على متنها شحنة المخدرات البالغة 4 أطنان من مادة الحشيش. وذلك في 12 إبريل الماضي، وتلك لم تكن الحادثة الأولى، حيث تمكنت السلطات المصرية في ميناء بورسعيد من إحباط تهريب كمية من المخدرات وذلك في 19 يناير الماضي.
ولم تكن السعودية فقد، ففي شهر فبراير الماضي أعلنت شرطة دبي إحباط أكبر عملية نوعية لتهريب المخدرات داخل البلاد حيث أن تلك العملية الإجرامية كانت تتضمن تهريب مخدر الكبتاغون حيث بلغت قيمة الشحنة 1.8 مليار درهم إماراتي، وكانت كمية المضبوطات قد بلغت خمسة اطنان وهو ما يعادل أكثر من 35 مليون حبة كبتاغون تم تهريبها من ميناء اللاذقية في سوريا كما تم ضبط أربعة أشخاص عرب ينتمون لعصابة دولية محترفة في تجارة المخدرات.
أما في الأردن فقد أعلنت السلطات الأردنية تهريب كمية من المخدرات قادمة من سوريا وذلك في الثامن من ديسمبر الماضي، وذلك في سيارة قادمة من الأراضي السورية، وتم وقتها ضبط مليوني و703 ألف حبة مخدر من النوع كبتاغون، بالإضافة إلى 12 ألف و12 كف حشيش، و22 ألف و250 حبة من مخدر لاريكا، بالإضافة إلى 17 ألف حبة مخدرة من أنواع مختلفة.
الأمر لم يكن في المخدرات فقط، فقد أعلنت السلطات الأردنية أيضا في نهاية يوليو الماضي 2019، أعلنت السلطات الأردنية إحباط تهريب كمية من الأسلحة إلى دولة أوروبية من دولة عربية مجاورة، في وقت لم يحدد التقرير سوريا بعينها، إلا أن كل الشواهد تشير إلى ذلك.
كما حدث الأمر ذاته مع اليونان حيث اعلنت إدارة الجرائم المالية أن خفر السواحل وضباط مكافحة المخدرات في الموانئ اليونانية تمكنوا من ضبط ثلاث حاويئة مليئة بـ33 مليون قرص كبتاغون، والتي تبلغ قيمتها حوالي 660 مليون دولار أمريكي. كما أعلنت اليونان أيضا في منتصف ديسمبر الماضي ضبط سفينة محملة بالمخدرات ترفع علم نظام الأسد وكانت في طريقها إلى ليبيا، حيث عثرت السلطات اليونانية على ستة أطنان من مخدر الحشيش وثلاثة ملايين قرص مخدر في السفينة.
فنية حزب الله ليست في القتل فقط
مصادر مطلعة مقربة من الوضع في سوريا قالت أن عدد من كبار الاقتصاديين الناهبين للبلد في نظام الأسد يعملون مع المليشيات الإرهابية على جلب المخدرات وتهريبها ومن بينهم أسماء كبيرة في نظام بشار، حيث تبين أنه وفقا للمصادر تحصل مليشيا حزب الله على المخدرات بمساعدة من مليشيات شيعية إرهابية موالية لإيران إلا أنها لم تشكل شبكة للقتل هذه المرة وإنما صنعت شبكة لتهريب المخدرات تأتي من شرق آسيا إلى سوريا ومنها إلى أوروبا والدول العربية، في وقت تحدثت مصادر أخرى عن وجود أماكن في سوريا تنتج تلك المخدرات تحت رعاية تلك الشخصيات.
يبدو أن تلك الكميات من المخدرات كافية لإظهار مدى عمل أذرع وأفراد نظام وعائلة الأسد في عمليات تهريب المخدرات بالتعاون مع داعميه من المليشيات الشيعية الإرهابية، حيث تبين من خلال دراسة اعدها مركز الدراسات في مؤسسة أنا إنسان السوري، أن مليشيات حزب الله تعمل بالتعاون مع عناصر النظام في الفرقة الرابعة حيث أدخلت معدات لتصنيع مخدر حبوب الكبتاغون والتي تعرف باسم المكابس حيث ادخلت تلك المعدات إلى ريف درعا الجنوبي.
كما تؤكد الدراسة أن تلك الحبوب المخدرة تم تصنيعها وتوزيعها على فئة الشباب داخل الأراضي السورية، كما تم تقديمها للمرتزقة التابعين للمليشيات الإرهابية في صفوف نظام الأسد أو عناصر مليشيات حزب الله بالإضافة إلى العمل على تهريبها،
بالطبع الأمر لم يكن مقتصرا على المليشيا التابعة لحسن نصر الله فقط، بل هناك الشيطان الأكبر الصانع لكل هؤلاء وهو إيران، حيث كشفت مجلة بوليتيكو الأمريكية في تحقيق لها نشر عام 2017 والمكون من ثلاثة أجزاء أنشطة حزب الله في تجارة المخدرات وذلك عن طريق الدعم الإيراني، والذي يتحدث عن أن باراك أوباما الرئيس الأمريكي السابق عطل مثل تلك التحقيقات لإبرام الاتفاق النووي مع طهران.
ونشر التحقيق تحت اسم “مشروع كساندرا” والذي يكشف أنشطة المليشيا الإرهابية في تجارة السلاح والمخدرات وتنظيف الأموال.
لم تكن المليشيا لتهرب تلك المخدرات إلا بفنية وعقلية متطورة وتلك العقلية التي تعرف صناعة الموت والإرهاب تعرف بالتأكيد كيفية صناعة أي جريمة أخرى، فوفقا للمعلومات الواردة عن بيانات الدول التي تمكنت من ضبط المخدرات فإن للمليشيات طريقة المافيا في التهريب، فمثلا في تهريب المخدرات إلى المملكة العربية السعودية تبين أنه تم تخزين المخدرات في مشروبة عشبة المتة، والذي يحمل ماركة “خارطة الخضراء” التي لا تصنع سوى في سوريا ومسؤول عنها بشكل مباشر أحد ربيبي نظام الأسد.
ليس هذا فقط، بالمخدرات التي تم تهريبها إلى الإمارات تم تخبأتها داخل أسلاك معدنية ضخمة، بينما في المخدرات المهربة إلى مصر فقد تمت تخبأتها في عبوات شركة ميلك مان المملوكة لربيب النظام الأسدي وقريب عائلة الأسد رامي مخلوف.
أما في مصر فقد تم اكتشاف المخدرات في صناديق بها التفاح السوري وتم تخبأتها أسفل التفاح، بينما تم اكتشاف المخدرات وفقا لتقارير أخرى مخبأة في المخلل.
كل تلك الأحداث معروفة لكن الأمر الذي يلفت الانتباه هو أن تلك العمليات لم تكن خارج سوريا فقط فقد كان داخلها، حيث تم اكتشاف كمية من المخدرات مخبأة في أحبال الستائر التي يتم ربطها في منتصف الستائر وتصنف كإكسوار، وذلك وفقا لما نشرته داخلية نظام الأسد، وتم اعتقال رئيس إدارة المخدرات في نظام الأسد رائد خزام بسبب تسهيل عملية تهريب المخدرات وإتلاف الأدلة عندما تقع عصابات التهريب، وهذا الأمر تم في أغسطس الماضي، أي قبل أشهر من الحوادث المذكورة التي بدأت في شهر ديسمبر، وهو ما يعني أنه تم تأميم عمليات التهريب وأصبح حاميها بالفعل حراميها أو قاتليها بمعنى أدق.
موضوعات تهمك: