قدرة بغداد في المبادرة عالية، في حين أن حدود المبادرة سترسمها أنقرة وطهران.
تسعى بغداد للتحول إلى بؤرة تلتقي فيها المصالح الاقتصادية للقوى الاقليمية والاقتصادية في الاقليم.
العراق يبحث عن مخرج جيوسياسي من بوابة الاقتصاد ليبتعد عن بيئة الصراع الاقليمي على موقعه وثرواته.
يجد التاجر التركي صعوبة في تجاوز كردستان العراق نحو الداخل العراقي لكن التاجر والمستثمر الايراني يجد طريقه عميقاً عبر مشاريع الطاقة والغاز.
يتوقع ان تحقق توجهات العراق نجاحا جزئيا لحاجة الاطراف الإقليمية للرافعة العراقية للخروج من أزمات كورونا الاقتصادية وديون وعقوبات ضد إيران وتركيا.
شراكة مقترحة قد يمتد أثرها نحو أذربيجان ودول آسيا الوسطى وباكستان مستقبلاً، فطهران منفتحة على باكستان عبر معبر إسلام آباد – مرسين وعلى أذربيجان.
* * *
بقلم: حازم عياد
بلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران 13 مليار دولار تمر عبر تسعة معابر حدودية؛ في حين بلغ التبادل التجاري بين العراق وتركيا 21 مليار دولار عبر معبر واحد.
ورغم أن التاجر التركي يجد صعوبة في تجاوز كردستان العراق نحو الداخل العراقي؛ فان التاجر والمستثمر الايراني يجد طريقه عميقاً عبر مشاريع الطاقة والغاز.
تركيا تطمح لرفع عدد المعابر بين العراق وتركيا إلى خمسة، في حين يطمح العراق، وعلى لسان الناطق باسم وزارة التجارة العراقية محمد حنون، لتشكيل كتلة اقتصادية إقليمية تضم العراق وتركيا وإيران، لتصبح قوة تتيح لها منافسة التجمعات الاقتصادية حول العالم، بحسب الناطق باسم وزارة التجارة العراقي.
المقترح العراقي قدمه وزير التجارة علاء أحمد حسن عبيد لنظيره التركي محمد موش خلال منتدى الأعمال العراقي التركي للاستثمار والمقاولات الذي استضافته اسطنبول يوم أول أمس، فالعراق يسعى حثيثاً لأن يتحول إلى ساحة للشراكة والتعاون الإقليمي بديلا للتنافس والتصارع، وموقع العراق وعلاقاته وشراكاته مع كل من طهران وأنقره يفتح له الباب للعب دور كبير في تشكيل هذا التجمع.
لن يكون الأمر مستغرباً أن يشق المقترح العراقي طريقه للعواصم الاقليمية طهران وأنقرة اللتين تجمعهما شراكة تجارية تقارب التسعة مليار دولار، وطموحات لأن تبلغ 30 مليار دولار، فالبلدان إيران وتركيا معنيان بتطوير العلاقات فيما بينهما على أسس اقتصادية؛ بما يسمح للبلدين تجاوز عوامل التوتر نحو عناصر التعاون بينهما.
شراكة من الممكن أن يمتد أثرها نحو أذربيجان ودول آسيا الوسطى وباكستان مستقبلاً، فطهران منفتحة على دول باكستان عبر معبر إسلام آباد – مرسين، كما أنها منفتحة على أذربيجان، إذ استقبلت مساء اليوم الأحد نائب رئيس الوزراء الأذربيجاني شاهين مصطفاييف في طهران، في أول زيارة يقوم بها مسؤول آذربایجاني على رأس وفد رفيع المستوى، بعد سوء التفاهم الأخير بين البلدين.
المقترح العراقي يملك فرصاً قوية للنجاح بسوق يفوق الـ200 مليون نسمة، وقابل للتوسع نحو 400 مليون نسمة؛ تطلعات منسجمة مع توجهات السياسة الايرانية التركية لمواجهة التحديات الاقتصادية.
والأهم أنها تبتعد بالعراق عن مناخات التوتر الاقليمي والمشاريع الاشكالية التطبيعية التي تورطت بها بعض الدول العربية؛ إذ تقف “إسرائيل” عائقاً قوياً أمام محاولات تطوير العلاقة مع الجيران العرب؛ بسبب الانفتاح المرضي لبعض الدول على الكيان الإسرائيلي، والمترافق مع معارضة قوية للمكونات السياسية العراقية لهذه التوجهات، فالعراق آخر ما يرغب به صاعق جديد في ساحته الداخلية.
ختاماً.. العراق يبحث عن مخرج جيوسياسي من البوابة الاقتصادية، مخرج يبعده عن بيئة التصارع الاقليمي على موقعه وثرواته؛ ليتحول إلى بؤر تلتقي فيه المصالح الاقتصادية للقوى الاقليمية والاقتصادية في الاقليم؛ توجهات يتوقع ان يحقق فيها العراق نجاحا جزئيا لحاجة الاطراف الاقليمية الفاعلة للرافعة العراقية للخروج من أزمة كورونا الاقتصادية، وأزمة الديون والعقوبات التي تعاني منها إيران وتركيا..
قدرة العراق في المبادرة عالية، في حين أن حدود المبادرة سترسمها تركيا وإيران.
* حازم عياد كاتب صحفي أردني
المصدر| السبيل الأردنية
موضوعات تهمك: