لن يعود الهدوء إلا بشرطين: عدم منع أي فلسطيني من دخول الأقصى في أي وقت من أي مكان بفلسطين؛ وعدم السماح لأي يهودي من دخوله في أي وقت كان.
خلا البيان الوزاري من أي أدوات أو آليات لتنفيذه وتبعات أو تهديد للاحتلال حال عدم التزامه بقدسية المسجد وحرية العبادة للمسلمين ومنع دخول المستوطنين.
طالب البيان الوزاري الاحتلال بعودة المسجد الأقصى لوضعه قبل 200 عام وإغلاق باب المغاربة الذي يُنفِّذ منه المستوطنون اقتحاماتهم اليومية للمسجد الأقصى المبارك.
التعريف الأردني للحرم القدسي الشريف: مساحته البالغة 144 دونما مكان عبادة خالص للمسلمين وتكون زيارة غير المسلمين بتنظيم من إدارة الأوقاف الإسلامية.
ربط الأمور بالعشر الأواخر من رمضان فخ يجب ألا نقع فيه فالاحتلال أعلن مسبقًا أنه لن يسمح بدخول اليهود المسجد الأقصى في العشر الأواخر وفترة عيد الفصح اليهودي قد انتهت أصلا.
* * *
بقلم: عبدالله المجالي
خلص الاجتماع الوزاري الذي عقد في عمان إلى بيان هام، لكنه كما العادة، يفتقر إلى آليات تنفيذ.
البيان الوزاري طالب الاحتلال بعودة الوضع في المسجد الأقصى إلى ما كان عليه قبل عام 200 وإغلاق باب المغاربة التي ينفذ منه المستوطنون اقتحاماتهم اليومية للمسجد الأقصى المبارك، ما يعني أن العرب انتبهوا للمخطط الصهيوني الرامي لتقسيم الأقصى زمانيا، وهو ما رسخه الاحتلال طيلة العشرين عاما الماضية وزادت وتيرته خلال الأعوام القليلة الماضية.
البيان رسخ التعريف الأردني للحرم القدسي الشريف بمساحته البالغة مائة وأربعة وأربعين دونماً، هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وتكون الزيارة لغير المسلمين له بتنظيم من إدارة الأوقاف الإسلامية، التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية الأردنية، بصفتها الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة جميع شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه.
ذلك الوضع ينتهك يوميا من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني، حيث دأبت قوات الاحتلال على اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه لطرد المصلين والمرابطين منه للسماح للمستوطنين باقتحامه وممارسة طقوسهم الدينية هناك. أكثر من ذلك فقد اقتحمت القوات الصهيونية المسجد القبلي ودنسوا المسجد بأحذيتهم، وألقوا قنابل الغاز فيه.
ورغم أنه لا يقلل من أهمية الاجتماع غياب وزراء خارجية الجزائر والسعودية والإمارات، إلا أن البيان كما أسلفنا خلا من أي أدوات أو آليات لتنفيذه، كما أنه خلا من أي تبعات أو تهديد للاحتلال في حال عدم التزامه بقدسية المسجد وحرية العبادة للمسلمين ومنع دخول المستوطنين واليهود المتطرفين إليه.
وإمعانًا في تجاهل المطالب والبيانات العربية فقد اقتحمت قوات الاحتلال، وربما بالتزامن مع الاجتماع الوزاري العربي، باحات المسجد لطرد المصلين والمسلمين من باحاته لتأمين اقتحام المستوطنين.
ما يقلق هو تصريح وزير الخارجية أيمن الصفدي الذي قد يعتبر تفريغًا للبيان العربي من مضمونه، حيث طالب في مؤتمره الصحفي بـ”عدم السماح لغير المسلمين بدخول المسجد الأقصى خلال الأيام العشر الأواخر من الشهر الفضيل”، مضيفا: “إذا ما تم ذلك، فنعتقد أنه سيسهم في إعادة التهدئة ووقف التوتر والعنف الذي نراه يؤذي المدنيين والشعب الفلسطيني الشقيق ويحول دون قيامهم بواجباتهم الدينية خلا الشهر المبارك”.
إن ربط الأمور بالعشر الأواخر من رمضان هو فخ لا يجب أن نقع فيه، فالاحتلال أعلن مسبقًا أنه لن يسمح لدخول اليهود المسجد الأقصى في العشر الأواخر من رمضان، ناهيك أن فترة عيد الفصح اليهودي قد انتهت أصلا.
يجب أن نعترف أن الهدوء لن يعود لساحات المسجد الأقصى إلا بشرطين أساسيين:
الأول: عدم منع أي فلسطيني من دخول المسجد الأقصى المبارك في أي وقت وعلى مدار 24 ساعة، سواء كان من سكان القدس أو الضفة الغربية أو قطاع غزة أو الداخل الفلسطيني عام 48.
والثاني: عدم السماح لأي مستوطن أو متطرف يهودي من دخول المسجد الأقصى المبارك في أي وقت وعلى مدار 24 ساعة.
إن أي تفاوض بشأن تلك الشروط هو بمثابة اعتراف بحق اليهود في المسجد الأقصى.
أما بالنسبة للمرابطين في الأقصى وللمقاومة وللشعب الفلسطيني فيحق لهم أن يفرحوا بما حققوه في معركة ذبح القرابين ومسيرة الأعلام، لكنه نصر صغير وسط معارك كثيرة تحتاج إلى صبر وإعداد واستمرار لليقظة والتصدي والرباط، وعدم السماح لحلول آنية وتهدئة وقتية أن تجعلكم تركنوا وتضعوا أسلحتكم، “وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً”. صدق الله العظيم.
* عبد الله المجالي كاتب صحفي أردني
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: