ليس غريباً أن إيلون ماسك على غرار مالك “أمازون” جيف بيزوس، حقق الأرباح الأعلى خلال الأشهر الأخيرة التي خيمت عليها كوابيس كوفيد-19.
قد لا يكون امتلاك تويتر بعيداً عن رغبة ماسك بإطلاق العنان لآراء ومواقف إشكالية بما فيها تلك التي تروج لخطابات الكراهية والعنصرية والفاشية والتطرف.
ما الأسباب الفعلية التي دعت مستثمر عملاق مثله لبذل مساع محمومة لامتلاك منصة تويتر التي لا توحي مبدئيا بوعود مؤكدة لأرباح طائلة تليق بـ44 مليار سددها ثمناً لتويتر.
الحصيلة تخفيف الرقابة الراهنة على مضامين التغريدات واكتساب استثمارات تبدأ بالعضوية المدفوعة بالمنصة ولا تنتهي عند شبكات دعاية تجارية وصناعية فائقة المردود.
* * *
أخيراً نجح رجل الأعمال الأمريكي الملياردير إيلون ماسك في الاستحواذ على شركة تويتر، منصة التواصل الاجتماعي الأهم والأوسع انتشاراً وتأثيراً في مختلف شرائح الرأي العام على امتداد العالم، مقابل صفقة فلكية بقيمة 44 مليار دولار بلغ إسهامه الشخصي فيها 21 مليار دولار واستكمل المليارات المتبقية عبر قروض من مصارف كبرى في طليعتها بنك مورغان ستانلي.
وماسك هو الرجل الأغنى في العالم اليوم حسب تقديرات منابر معنية برصد كبار المليارديرات، إذْ تُقدّر ثروته بـ270 مليار دولار، أي ما يعادل حجم اقتصاد بلد مثل فنلندا، وتتركز أعماله في صناعة السيارات الكهربائية وارتياد الفضاء وبورصات التكنولوجيا العالية، عبر شركات عديدة أشهرها «تيسلا» و»سبيسX».
وهذا يطرح السؤال المشروع حول الأسباب الفعلية التي أسالت لعاب مستثمر عملاق مثله ودفعته إلى بذل مساع محمومة لامتلاك منصة «تويتر»، التي لا توحي من حيث المبدأ بوعود مؤكدة حول جني أرباح طائلة تليق بالمليارات الـ44 التي سددها ثمناً للصفقة.
ماسك من جانبه يعلن أنه حريص على الارتقاء بطاقات المنصة الكامنة وتطوير أدوارها الراهنة بحيث تتوطد مكانتها كـ”ساحة المدينة” في الديمقراطية المعاصرة، وجعلها أكثر استعداداً لاستقبال حرية التعبير عن الرأي و»مناقشة الأمور الحيوية لمستقبل البشرية».
أما المضمون الآخر الخفي وراء هذه الشعارات فإنه قد لا يكون بعيداً عن رغبة ماسك في إطلاق العنان للآراء والمواقف الإشكالية، بما في ذلك تلك التي تروج لخطابات الكراهية والعنصرية والفاشية والتطرف.
والأرجح أن الحصيلة، في هذا التوجه نحو تخفيف الرقابة الراهنة على مضامين التغريدات، هو اكتساب استثمارات شتى يمكن أن تبدأ من العضوية المدفوعة في المنصة ولا تنتهي عند شبكات الدعاية التجارية والصناعية فائقة المردود.
هذا إلى جانب الخطورة السياسية خلف تلويح ماسك بأن تطوير المنصة وفتح خوارزمياتها يعني أيضاً أن على تويتر الالتزام بقوانين الدول التي تقدم خدماتها فيها، ومن السهولة أن يهبط هذا الخيار إلى مستوى منح الأنظمة الاستبدادية الحق في ممارسة الرقابة كما يحلو لها.
هذا يفسر القلق الذي أعربت عنه منظمات حقوقية دولية مثل “العفو الدولية” و”هيومان رايتس ووتش” حول انفلات مراقبة المحتوى على المنصة وأخطار تفشي دعوات العنف والتمييز والتطرف، فضلاً عن عواقب سيطرة أي جهة منفردة على منصة حساسة مثل تويتر.
قلق من طراز آخر تردد أنه انتاب البيت الأبيض، من منطلق أن صداقة شخصية تجمع ماسك مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ومن المرجح استطراداً أن يعيد تفعيل حسابه الذي أوقفته إدارة «تويتر» على خلفية احتلال مبنى الكابيتول مطلع العام.
ويبقى أن الأكثر مشروعية وإلحاحاً هو التفكير في أحوال قرابة 330 مليون مستخدم للمنصة على ضوء البرمجيات الجديدة التي يزمع ماسك إدخالها في الفرصة الأقرب، وأوهام التوازن المزعوم بين ساحة الحرية ومتجر الاستثمار، خاصة وأن المنصة باتت شركة لا تخضع لهيئة إدارية أو جهاز محاسبة أعلى.
وليس غريباً أن ماسك، على غرار مالك «أمازون» جيف بيزوس، حقق الأرباح الأعلى خلال الأشهر الأخيرة التي خيمت عليها كوابيس كوفيد-19.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: