بقلم: عقاب يحيى
كثير من الأخوة يطالبون ي بتوسيع الإئتلاف، ويعتقدون أن ذلك يجعله أكثر تمثيلاً لأطياف الشعب السوري، والحراك الثوري، وانه -عندها-
يصبح إئتلافاً جامعاً. الكلام صحيح من حيث المبدأ، ونظرياً.. لكن لو ألقينا نظرة فاحصة على المفردات لتوقفنا مطولاً عند حيثيات التوسيع، ونتائجه..
الثورة فتحت الشهية لقيام عشرات، بل مئات التشكيلات السياسية، وأشباهها من التيارات والتحالفات.. وكل منها يتعبر نفسه الأكثر تمثيلاً، وهناك من يتحدث عن الانتشار الواسع في عموم المحافظات والمناطق والقرى، ويضيف إليها علاقته بالعمل العسكري، ووجود كتائب، أو جهات تابعة لتشكيله، يضاف إلى ذلك مفردات تقع تحت عنوان “الحراك الثوري” الذي كان في السابق محدداً بالهيئات التي قامت، كالهيئة العامة للثورة، ولجان التنسيق، والمجلس الأعلى للثورة، والمزاحمة التي حصلت من قبل مسميات التنسيقيات المنتشرة بكثافة في عموم القطر، وتجد أحيانا في القرية الواحدة أكثر من تنسيقية.. وهكذا في المناطق والقرى.
الآن ضعف حضور تلك الهيئات والتنسيقيات، وحلّ مكان معظمها ما يعرف بالعمل المسلح، وما يعرف اليوم بالحراك الثوري.
المجلس الوطني وهو يعتقد أنه يقوم بإعادة الهيكلة والتوسعة واجه فيضاً من الطلبات، والضغوط.. فتوسع، وبعناوين أنه أدخل عشرات الممثلين للحراك، والاتجاهات السياسية، ومع أنه فاض بالعدد إلى درجة الاختناق، فإن الكثيرين ما زالوا يوجهون النقد له بأنه لا يمثل أطياف الشعب، وانه تحت سيطرة الإسلاميين والإسلامويين، وأن الحديث عن إشراك الحراك الثوري مبالغ فيه، ومشكوك بنسبة تمثيل هؤلاء على الأرض.
ولتجنب الوقوع في هذا البحر الواسع.. فالاتجاه السائد في الائتلاف أن لا يعتمد مبدأ الباب المفتوح لأنه لن يرضي أحداً، وسيصبح العدد فيضاً وعبئاً.
عندما شُكل الإئتلاف بتلك الطريقة كان الخيار لممثل واحد عن كل مكون سياسي معروف من المعارضة التاريخية، وبعض الشخصيات الوطنية، إضافة إلى مندوب عن المجالس المحلية، ومندوب عن الهيئة العامة للثورة ولجان التنسيق المحلية والمجلس الأعلى للثورة.. ورفض البعض الالتحاق، وهم المحسوبون على هيئة التنسيق، والبعض لم يقبل الخروج من البلد. و”المنبر الديمقراطي” وضع شروطاً… مما أحدث خللاً في التوازن داخل الإئتلاف، وجعل ما تبقى من تلك الاتجاهات القومية واليسارية والليبرالية على العموم، وهي غير موحدة أصلاً، بوضع لا تحسد عليه، وغير قادرة على التأثير بالقرار والاتجاهات.. بينما قيل الكثير في مصداقية تمثيل المندوبين عن المجالس المحلية، وفي دور الضغوط والتأثيرات الإقليمية، والمال وتأثيره.. عدا عن ضعف الروح الجماعية، والمأسسة، وموقع العصبويات الحزبوية، والخلفيات الأيديولوجية، والحسابات الضيقة لصالح هذه “الكتلة” أو تلك المجموعة في ما يشبه الشلل، وفقدان البوصلة.
لذلك يميل معظم الموجودين إلى توسعة محدودة تقتصر على ملء الشواغر السابقة، وزيادة تمثيل المرأة ..لأن الدخول في دراسة مئات الطلبات الموجودة ستعيد تجربة المجلس الوطني دون أن يترافق ذلك مع الجدوى المأمولة.
نعم يحتاج الائتلاف للتوازن بين مكوناته التي تعبر عن الاتجاهات العامة الرئيسة في الشعب السوري بعيداً عن الاحتكار، وسياسة الإقصاء، أو الاحتراب، والحزبوية الضيقة.. والانتقال إلى مأسسة حقيقية، وإلى تفعيل يمكن أن يستوعب آلاف السوريين في اللجان والمكاتب والأنشطة المختلفة، وتنهيج المهام وبرمجتها.. والقيام بالأعباء الرئيسة المناطة به.
إن لم تتحقق التوسعة بحدها الأدنى المعقول، فأعتقد أن ما تبقى في الائتلاف من ممثلين لتلك الاتجاهات التي ذكرت ستعلن انسحابها منه لأنها تجد نفسها على الرصيف، وأن دورها لا يتعدى المَظهرة الديكورية.