بقلم: غسّان المفلح
قال الرئيس الأميركي باراك أوباما محذراً”حتى الآن لم أعط أمر التدخل عسكرياً” في سورية، مضيفاً “لكن إذا بدأنا نرى نقلاً أو استخداماً لكميات من المواد الكيماوية فذلك سيغير حساباتي ومعادلتي”. وأضاف أن “مسألة هذه الأسلحة التي أقرت دمشق حيازتها لمخزون مهم منها لا تعني سورية فحسب, بل أيضاً حلفاءنا في المنطقة ومنهم إسرائيل”, وتابع قائلاً: “هذا الأمر يقلقنا. وتابع “كنا واضحين جداً مع نظام الأسد, وكذلك مع قوات أخرى موجودة على الأرض”.
”بعد سنة وثمانية أشهر من عمر الثورة السورية راح ضحيتها أكثر من 26094 ضحية منهم أكثر من2060 من الأطفال و 1960 من النساء إضافة إلى اكثر من 944 ضحية ممن ماتوا تحت التعذيب وأكثر من 76000 مفقود وأكثر من 216000 معتقل و جميعهم كانوا قد تعرضوا للتعذيب بالإضافة إلى ملايين اللاجئين الداخليين و الخارجيين. كل ذلك لم يدفع واشنطن لتبديل حساباتها الفعلية على الارض, والتخلي عن موقفها المتواطئ مع هذه العصابة الاسدية, لكن مجرد التفكير بإستخدام السلاح الكيماوي هو ما سيفتح على النظام أبواب جهنم من دون إنتظار مجلس أمن أو أمم متحدة أو غيره. أمثال هذه السياسات الانتقائية إنما هي وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي صم آذانه عن أنات واستغاثات النساء والشيوخ و الأطفال في سورية وصوبها للهواجس والمخاوف الإسرائيلية التي لا أساس لها من الصحة. ولايزال التصميم بادياً على السير في سياسة النفاق السياسي من خلال الحديث عن مساعدات انسانية في ظل عدم وجود ممرات آمنة أو مناطق عازلة أو حظر جوي, و في المقابل لا نسمع سوى التطمينات غير المباشرة من المجتمع الدولي, و ذلك بإعتماد وزير الخارجية الروسي ناطقاً رسمياً عن مجلس الأمن الدولي في ما يتعلق بالأزمة السورية ليمنح الفرصة تلو الفرصة للنظام السوري الذي يسابق الزمن في قتل شعبه جهاراً نهاراً تحت سمع العالم وبصره وتهديد السلم والأمن الدوليين علناً, وهو أمر يدعو إلى الرثاء على مجلس الأمن الدولي, الرثاء على هذا المجتمع الدولي الذي لن يفلح الموقف الروسي و الصيني في مسح وصمة العار التاريخية عن جبينه”.
هذا تكثيف لما يشعر به الشعب السوري حيال تصرفات الادارة الأميركية الحالية, ومجتمعها الدولي, ثم قبل أيام خرج علينا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس, بتصريح مفاجئ”هو لايريد ان يدعم الثورة بالسلاح لخوفه من ان يوجه هذا السلاح ضدنا” يقصد ضد فرنسا.
– يقلقهم الصراع المذهبي ان ينتقل لدول المنطقة, وكأن في سورية صراعا مذهبيا? وليس عصابة مجرمة تحكم شعبا يريد حريته وكرامته.
– يقلقهم وجود تنظيم القاعدة, وهم ووفقا لتصريحات اوباما اعلاه يعرفون على الارض ما هو موجود, وبالتالي موضوع وجود “القاعدة”, على فرض أنه موجود فعلا فوجوده هو نتاج تخاذل المجتمع الدولي, وليس العكس نتاج تخاذل موقف فرنسا واميركا وبريطانيا, وتدخل روسيا وإيران, أعتقد بعد القاء القبض على ميشال سماحة متلبسا في لبنان, يصبح حديث الغرب والشرق عن وجود لتنظيم القاعدة امراً في غاية عدم النزاهة وقلة الضمير, والدليل الآخر أن العصابة الأسدية نفسها لم تعد تستخدم خيوط “القاعدة” في تفجيراتها داخل سورية, لأنها غير موجودة أصلا, بل كل التفجيرات هي من صنعها واميركا وفرنسا تعرفان ذلك, ومع ذلك لايمكن في سورية أن يوجد تنظيم قاعدة من دون أن يكون هناك دولة تدعمه? نحن بدورنا نسأل مكاتب مكافحة الارهاب في مؤسسات الاستخبارات الغربية وعلى رأسها ال¯ “سي آي إيه” سؤالا: من هي الدول أو الدولة التي تدعم “القاعدة” في سورية إذا كانت موجودة ك“قاعدة”?
– يقلقهم الخوف من بديل اسلامي, وهم الذين يتواصلون أكثر ما يتواصلون مع الاسلاميين! لأنهم لايخافونهم.
– يقلقهم الخوف على أمن إسرائيل, وهذه أكثر نكتة في التاريخ السياسي الحالي لمنطقة الشرق الاوسط, يحاول الغرب تصديرها عبر اعلامه, حتى “حزب الله” موجود بفضل إسرائيل وسياساتها, وليس العكس?
– تقلقهم الاسلحة الكيماوية, لماذا اقلقتهم الآن? لماذا لم تقلقهم من قبل? لماذا لم تقلقهم في بداية الثورة? والتي من الممكن ان تستخدمها العصابة الأسدية ضد شعبنا?
مع ذلك نقدر قلقكم ولكن عليكم الاعتراف بحق شعبنا في الحرية, عليكم ان تدعموا منطق الثورة اولا وفيما بعد نستطيع ان نتحدث عما يقلقكم! لا تريدون التدخل حسنا, لكنكم تتدخلون لصالح الجريمة عندما تعبرون عما يقلقكم, ومن دون النظر لما يحدث لشعبنا كما تشير المعلومات اعلاه.
لو كان شعبنا معاديا للمجتمع الدولي لما طالب بتدخله منذ بداية الثورة? ولو كان اسلاميو سورية يشكلون خطرا لما طالبوا المجتمع الدولي بالتدخل ولما تواصلتم معهم علنا وسرا?
السيد اوباما تقلقه ان تصبح سورية دولة حرة وديمقراطية! لأن أميركا غير قادرة على فرض سلام حقيقي في الشرق الاوسط, ليس لأنها غير قادرة, بل لأنها حتى اللحظة لا تريد فرض مثل هذا السلام فتوازنات السياسة الأميركية لاتزال ترجح الأولوية الاسرائيلية, وهذا الترجيح ليس مؤامرة سرية تحاك خلف الابواب المغلقة, بل هي في الميديا الاميركية حديث يومي, لكن نحن العرب نعتقدها مؤامرة وهي ليست كذلك.
– يقلقهم الطابع الاسلامي, ولا يقلقهم بعض الطابع المسيحي في بعض الكنائس الشرقية والبروتستانتية, التي تبرر للعصابة الأسدية قتل شعبنا, والتي تقتل من كل الاديان والطوائف, بامكان القارئ البحث في الانترنت ليجد مئات من اشرطة الفيديو والمقابلات حول هذا الموضوع.
على الرئيس اوباما ان يقلق من الاسلحة الكيماوية, ولكن عليه ان يقلق ايضا على اطفال يذبحون في وضح النهار تحت نظره.