هل تؤثر تقلبات المناخ على الصراع السياسى والدولى؟

أحمد عزت سليم20 مارس 2020آخر تحديث :
تقلبات المناخ

هل تؤثر تقلبات المناخ على الصراع السياسى والدولى؟ في إطار الأبحاث العالمية الجارية توصل الباحثون فى الأحداث التاريخية إلى أن للتآثيرات المناخية فاعلية كبيرة فى تأجيج الصراعات المحلية والدولية وبأن عوامل المناخ تزيد من مخاطر نشوب هذه الصراعات ، وذلك من خلال الدراسات التى تناولت اشتداد الاحتباس الحراري.

وقد أكدت إحدى دراسات  العالم سولومون هسيانج أستاذ السياسة العامة ومدير مختبر السياسات العالمية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي ، على سبيل المثال لا الحصر، بأن خطر  إحتمالات نشوب الصراع الأهلي في البلدان الأفريقية قد ارتفع بنسبة 11 % منذ عام 1980 بسبب المناخ الدافئ “واعتبر ذلك نسبة كبيرة جدا وعدد كبير جدا” وكما لاحظ وأشار سولومون هسيانغ أيضا إلى أن الأبحاث الحديثة التي أجراها العلماء الآخرون قد أظهرت أن الانقلابات أصبحت أكثر احتمالًا بعد سنوات حارة للغاية، كما: “أن هناك الكثير من الأدلة على أن الاستقرار الداخلي للمجتمعات يرتبط بقوة بالمناخ”.

وفى دراسة جديدة نشرتها مجلة Nature  والتي قدمت آراء الخبراء بهذه الدراسة، أكدت أن الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن التغيرات في المناخ لعبت دوراً صغيراً على الأقل في النزاعات المسلحة المنظمة السابقة داخل البلدان، وأن الاحتباس الحراري من المرجح أن يزيد من مخاطر وقوع مثل هذا العنف في المستقبل ، كما يؤكد أحد الباحثين العلماء فى الدراسة وهو مارشال بيرك، الأستاذ المساعد في علوم نظام الأرض بجامعة ستانفورد: بأن التغيرات في المناخ قد تلعب دوراً مباشراً جدا في التأثير على الصراعات الداخلية مثل درجات الحرارة فالأكثر حرارة من المؤكد احتمال أن تؤدي إلى تفاقم العوامل النفسية التي تزيد من خطر ارتكاب أعمال عنف والقيام بها ، وأنه يمكن أن تؤثر وتقود هذه التغييرات أيضًا على وإلى الأحداث بشكل غير مباشر من خلال عوامل أخرى وبما يتضمن في ذلك التنمية الاقتصادية ، حيث ” يمكن لهذه التغييرات في النتائج الاقتصادية محليا أن تؤدى إلى تغيير الحوافز لأفراد هذه المجتمعات وبالتالى الانضمام والتكتل نحو الصراع أو بدء الصراع المدني ،  لذلك فإن كل ما تحتاجه هو أن يغيير المناخ النتائج الإقتصادية على الأرض ويعتقد مارشال بيرك كما يؤكد: “أن التنمية الاقتصادية المنخفضة ستكون وظيفة قوية للمناخ في المستقبل ” كما يؤكد العالم  فيكتور: إن الإخفاقات الاقتصادية المتأثرة بالمناخ من المرجح أن تحدث بشكل خاص في “الأماكن التي تعيش بالفعل على الحافة” و مثل المناطق الساحلية المغمورة بشكل متزايد، المناطق كما في دولة بنجلاديش.

ويؤكد العديد من المحللين الأمريكيين أن دور المناخ المحتمل في النزاعات الداخلية في أي مكان بالعالم يجب أن يكون مهما للولايات المتحدة ، وكما يؤكد ويقول الأمريكى بيرك: “تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دور حفظ السلام في جميع أنحاء العالم، وينتهي بها المطاف إلى المشاركة في بعض هذه الصراعات الأهلية ، ونعلم أنه يمكنهم فتح الأراضي أو إعطاء مجال للتنفس لجماعات مثل المنظمات الإرهابية”، ولذا كما يؤكد: “فإن النزاعات الداخلية ( في البلدان الأخرى ) لها آثار مهمة على أمن الولايات المتحدة الأمريكية “.

تتمثل التغييرات المناخية المحلية والعالمية والقارية إحدى النقاط الدولية المحتملة في الهجرة عبر الحدود وعلى الرغم من أن هذا في حد ذاته ليس صراعا فإنه يؤدى إلى الهجرة الجماعية التى تقود إلى إحتمالات الصراع، ويؤكد بعض العلماء أن هذه القضية هي مصدر رئيسي للتوتر في الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت الحالي – وتشكل جزءا مهما من فاعليات الصراع المناخي، وحيث يمكن لتغير المناخ أن يزيد من الهجرة مباشرة من خلال الأحداث المناخية القاسية ، وبشكل غير مباشر من خلال الصراعات الداخلية المتصاعدة.

كما يؤكد العالم نيل أدجر أستاذ الجغرافيا البشرية في جامعة إكستر ومؤلف آخر لدراسة الطبيعة الأخيرة: “إن ما يهتم به الأفراد مع الهجرة وتغير المناخ هو مستويات الهجرة غير الطوعية عبر الحدود الدولية، التي تعد مسألة رئيسية في السياسة العامة للدول  وهي شديدة الإرتباط للغاية للمناخ”.

يشير كل من بورك وهسيانج إلى دراسة توضح أن عدد طالبي اللجوء الذين هاجروا إلى أوروبا حتى الآن ارتفع هذا القرن في السنوات التي كانت أكثر دفئا من المتوسط وكما يؤكد هسيانج: أن “هؤلاء الأشخاص لا يزعمون أنهم لاجئون مناخيون، بل لاجئون يلتمسون اللجوء السياسي – لكن يبدو أن هذا يرتبط بما إذا كان المكان الذي ينتمون إليه أم لا هو الذي يعاني من فترات حرارة شديدة تؤدي إلى فشل المحاصيل ” وأكد أن: “هذه هي الطريقة التي يمكن أن يتحول بها الانكماش الاقتصادي المحلي إلى صراعات محلية ، الأمر الذي ينتج عنه أشخاص يحاولون الخروج والهرب من تلك المناطق” .

وإنطلاقا من هذه المخاطر وخاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية:

أصدر البنتاجون الأمريكى مؤخرًا تقريرًا مفاده بأن: ” تأثيرات المناخ المتغيير هي قضية أمنية وطنية لها آثار محتملة على مهام وزارة الدفاع وخططها التشغيلية ومنشآتها”، وقد أكدت هيذر باب المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية  لـ Scientific American في بيان لها إن “وزارة الدفاع الأمريكية” DoD ” يجب أن يكون لديها القدرة على تكييف العمليات الحالية والمستقبلية لمعالجة آثار مجموعة واسعة من التهديدات والظروف ، لتشمل تلك الناتجة عن الطقس والمناخ والأحداث الطبيعية”، ويؤكد بورك قائلا إنه تم الاتصال به مؤخرًا من قبل أعضاء مؤسسة الأمن والاستخبارات لمزيد من المعلومات، وبما يشمل معلومات لتحسين تخطيطهم، ويضيف مؤكدا أن: “إنهم يأخذون الأمر على محمل الجد ويحاولون معرفة ما ينبغي عليهم القيام به تجاه ذلك”.

يلاحظ الخبراء أن هناك العديد من الأدوات التي يمكن أن تستخدمها الولايات المتحدة والدول القوية الأخرى للمساعدة في كسر الصلة بين المناخ والصراع، مثل جهود المساعدات الدولية القائمة ، وكما يؤكد ويقول بورك: “هذه تدخلات مثل شبكات الأمان الاجتماعي أو برامج التأمين التي تساعد على حماية دخل الناس وسبل عيشهم ضد التغيرات في المناخ”.

ويؤكد الخبراء ان موقف إدارة الرئيس الأمريكى ترامب بشأن تغير المناخ أصبح أمرا مثيرا للقلق وبالنظر إلى الأبحاث العلمية واستنتاجات الجيش الأمريكى, حيث تمثل حكومة الولايات المتحدة تاريخ طويل من التوقف عن العمل المناخي ، وإن إدارة ترامب تزيد المشكلة سوءًا ولا توجد أية إجراءات قوية فى مواجهة هذه الآثار، وأكد بورك عن الحالة الأمريكية قائلا:  نحن في مكان أسوأ بكثير فيما يتعلق بهذه النتائج -الصراع وغيره – مما كنا لو كنا قد فعلنا شيئًا حيال ذلك”.

موضوعات تهمك:

هل سينقلب القطب الشمالي؟!

المقاومة السيبرانية والثورة والرفض والتمرد

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)
    الاخبار العاجلة