تغلغل القداسة سلطة أوربية أمريكية نهائية
إنشقاق الأصولية الغربية
بعد ذلك بدأت الأصولية في الإنشقاق وإعادة التوجيه وكانت المجموعة الأبرز والأعلى صوتاً في الولايات المتحدة الأمريكية هي اليمين المسيحي، وهذه المجموعة التي تعرف نفسها بالأصولية كان لها دور في الحركة السياسية أكثر من غالبية المجموعات الدينية الأخرى ومع تسعينات القرن الماضي كانت مجموعات مثل التحالف المسيحي، ومجلس البحوث الأسرية لها تأثير على القضايا السياسية والثقافية . وفي فترة الثلاثينيات والأربعينيات أنشأت العديد من المعاهد والكليات الأصولية المختصة بدراسة الكتاب المقدس، رافق ذلك أيضًا انشقاق بعض الجماعات الأصولية – مثل المعمدانيين- عن كنائسها مشكلة كنائس جديدة ، لتظل الجماعات والطوائف البروتستانتية الأقوى تعبيرا عن الأصولية المسيحية التي تفرع عنها مذاهب متعددة أيضًا لعل أشدها تطرفًا مذهب “البيوريتانية التطهرية” الذي ساد في إنجلترا في القرن السابع عشر وبمكونات خطابها التاريخى ، ويوجد في الولايات المتحدة أكثر من 200 طائفة داخل المذهب البروتستانتي وهم في حدود 100 مليون أمريكي ، وأكثر هذه الطوائف تشددًا في مفهوم “عودة اليهود” (صهيوينة مسيحية) هي الطائفة التدبيرية Indispensationalism)) وأشهر دعاتها “بات روبرتسون” المبشر التليفزيوني المعروف، و”جاري فالويل”، و”جيم بيكر”، وآخرون، وجميعهم يبشرون بعودة المسيح بعد إنهاء بناء هيكل سليمان ، ومع أواخر القرن العشرين بدأت المسيحية الأصولية بتأسيس مؤسسات إعلامية من أجل التبشير ولنشر الأفكار الخاصة بها، كما أنها تمكنت من التتغلغل في الحياة السياسية الأمريكية وأصبحت طرفا نافذا في اليمين المسيحي الأمريكي . وهذا ما أكده الرئيس جيمى كارتر : ـــ “إن علاقة أميركا بإسرائيل أكثر من مجرد علاقة خاصة. لقد كانت ولاتزال علاقة فريدة، وهي علاقة لا يمكن تقويضها، لأنها متأصلة في وجدان وأخلاق وديانة ومعتقدات الشعب الأميركي. “وتعتمد الأصولية المسيحية كمصطلح غربى لاهوتى على إستخدام مصطلح الأصولية شعبيا للوصف التقيدى الصارم للمذاهب المسيحيه استنادا إلى التفسير الحرفي للكتاب المقدس.
وقد تصاعد الإلتقاء الفكرى المسيحى اليهودى في النظرة بداية مع الكتابات الغربية التى أسس لها في كتاباته مؤسس الإصلاح الكنسى البروتستانتي الفيلسوف القس مارتن لوثر ) . فلقد كتب القس مارتن لوثر عام 1523 فى كتابه المعنوان بــ : ــ ” المسيح ولد يهوديا ” حيث قدم فيه رؤية فكرية تأصيلية للعلاقات اليهودية المسيحية من منظور جديد آنذاك ومغاير تماما لما قد اعتاده المسيحيون من قبل ، فكان مما أكده في كتابه : ــ ” إن الروح القدس شاءت أن تنزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم . إن اليهود هم أبناء الرب ، ونحن الضيوف الغرباء ، وعلينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب التي تأكل من فتات مائدة أسيادها ”
ـــ قداسة الأصولية الغربية
وتاريخيا عزز البابا جريجوريوس الكبير ( 540 – 604 )م السلطة النهائية للكنيسة وقد وضعت هذه «العقيدة الشاملة» العقل في خدمة الإيمان، فلا مسّوغ للعلوم، في نظرها، إذا لم تكن مفيدة لعلم الإلهيات وتفسير الكتاب المقدس وتعاليم آباء الكنيسة، وتعليم أصول العقيدة ، وفي النصف الثاني من القرن العشرين برزت الأصولية الكاثوليكية التي ترى في الكنيسة “شعب الله” وتسعى إلى إقامة عالم كنسي مركزي ( حاضرته الفاتيكان ( وتضفي على البابا وعلى تعاليمه وتصرفاته صفة القداسة، وتغلق الباب في وجه أي حوار حول مسائل العقيدة أو الحياة الاجتماعية، وتقصر حق تفسير النصوص المقدسة على الكورية البابوية ورجال الإكليروس، وتنسب إلى البابا والكرادلة والمطارنة صفة العصمة، وهي تتسم كغيرها من الأصوليات بالعودة إلى الماضي، وبالرغبة في فرض قانونها عنوةً، وبادعائها امتلاك حقيقة مطلقة وناجزة في شؤون الدين والدنيا (مجموعة باحثين، “الأصولية المسيحية .. النشأة والتأثير في السياسة الخارجية الأمريكية)”. وحتى أكدت هذه الأصولية إعتمادا غلى إستغلالا للنصوص الدينية المقدسة لمصالحها الرأسمالية ورأت إنَّ الروح القدس يفيض القداسة في كلِّ مكان في شعب الله المقدس والأمين ، و لتصبح كافة التصرفات الإجرامية الغربية ضد الاخر مقدسة وغير قابلة للنقد حتى المذابح الأمريكية الإجرامية فى فيتنام واليابان وكوبا ومنذ أن صارت الإبادة الجماعية هو التدمير المنهجي والمتعمد، كليا أو جزئيا ، ضد الهنود الحمر واعتمادا مقدسا لهذه الجرائم التى ارتكبت ضد الإنسانية ode نفذ الجيش الأمريكي عددا من المذابح وعمليات النقل قسري للسكان الأصليين، وقبل أكثر من خمسين عاماً، في 16 مارس 1968، هاجم الجنود الأمريكيون قرية ماي لاي الفيتنامية، على الرغم من أن الجنود لم يواجهوا أي مقاومة، إلا أنهم ذبحوا أكثر من 500 امرأة فيتنامية وطفل ورجل مسن على مدى أربع ساعات.
موضوعات تهمك:
المعطيات الدولية الجديدة لرفض الهيمنة الغربية على العالم
الفكر الغربي الآن ما بين “قداسة الأصولية الغربية بالاستنكار” و”التقنين”
Sorry Comments are closed