ترمب فوق حطام السلطة الرابعة
- هل خلقت «ووترغيت» من الصحافة ديكتاتورية فظة؟ فكيف تستمر هيمنة سلطة أخذت شرعيتها من عصر آخر؟!
- هل ترقى ضربات ترمب بالسلطة الرابعة وتقوّم اعوجاجها؟
بقلم: د. ظافر محمد العجمي
رغم أن أول من استخدم مصطلح «السلطة الرابعة» هو المفكر والسياسي الأيرلندي إدموند بورك في 1787 خلال مناقشة في البرلمان، ولم يربطها في حينه بالسلطات الدستورية الثلاث «التشريعية والتنفيذية والقضائية».
بل بالقوة التي تؤثّر في الشعب وتعادل-أو تفوق- قوة الحكومة، رغم ذلك لا يزال الفهم الخاطئ للتعبير متداولاً، لكن الرئيس ترمب اعتبر كون الصحافة والإعلام السلطة الرابعة مفهوماً مجادلاً فيه.
ومن مبدأ إذا كان سيفك قصيراً فـأطله بالتقدم خطوة نحو الغريم، تقدّم ترمب مهاجماً وسائل الإعلام الأميركية، واصفاً إياها بإعلام الأخبار الزائفة وأنها حزب المعارضة، وأضاف في تغريدة شهيرة:
«إنه أمر سيئ للغاية بالنسبة لبلادنا العظيمة، ولكننا في سبيلنا للفوز»، فترمب يشعر أن وسائل الإعلام تشنّ هجوماً مدروساً ضده أكثر من أي وقت مضى، وضد نصف البلاد من الذين يدعمونه، ويسفهون آراء من انتخبه ويحقّرون اختيارهم له.
وما يهمنا هنا، أن الإعلام وترمب يمتلكان أدوات كثيرة، لكن لم يوظفوها في الإثارة الرخيصة -على الأقل حتى الآن- رغم أن الصحافة الأميركية المناوئة لترمب قامت عبر تضامن حوالي 350 منصة إعلامية وصحافية أميركية بنشر مقالات افتتاحية 16 أغسطس 2018.
تهاجم سياسته، حيث وصفت تصنيفه للصحافة بأنها عدو على أنه وصف استراتيجي يهدف إلى تقويض السلطة الرابعة، ورغم كل ذلك، فإن ما جرى بين الطرفين لم يخرج عن القيم الديمقراطية الأميركية.
وقد راهن كثيرون على أن صِدام ترمب مع السلطة الرابعة يعني تقهقره السريع نحو تدمير نفسه، فالصحافيان كارل برنستين وبوب وودوَرد من «واشنطن بوست» أسقطا الرئيس نيكسون في فضيحة تجسّسه على مقر الحزب الديمقراطي المعروفة باسم «ووترجيت 1972»، مما أدى إلى خلق ديكتاتورية الإعلام التي سيطرت على باقي القرن العشرين.
ويمكننا القول بنجاح ترمب في هزيمة الصحافة في الجولة الأولى، بدليل بقائه في السلطة عامين حتى الآن وعبر القيم الديمقراطية، من دون أن يستعين بدرس من دروس قادة بعض دول العالم الثالث في تعاملهم مع الإعلام.
إن ما نكتبه حيال صراع ترمب مع السلطة الرابعة ليس فقط نظرة تحليلية، بل استشرافية لتصرفات رجل يفتتح سوق الكلام في كل مؤتمر يعقده بطرد الإعلاميين، لأنه يعتمد على «تويتر».
وبما أن السلطة الرابعة لم تهزمه ولا يزال في منصبه فهو بالضرورة المنتصر، وفيما يشبه العبور إلى اللحظة التي تتهاوى فيها أبراج الصهاينة الإعلامية.. ألا يجدر بنا الابتهاج؟!
لقد خلقت «ووترغيت» من الصحافة ديكتاتورية فظة، فكيف تستمر هيمنة سلطة أخذت شرعيتها من عصر آخر؟!
وفي تقديرنا أن هناك احتمالات أخرى غير مرصودة الآن جراء ضربات ترمب، فربما ترقى بالسلطة الرابعة وتقوّم اعوجاجها، ولينظر من يخالفنا إلى انحياز الإعلام للصهاينة والتعتيم الذي يفرضه على قضايانا.
* د. ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة أمن الخليج.
المصدر: العرب القطرية