قال ولي العهد السعودي الحاكم الفعلي للمملكة محمد بن سلمان أن السعودية تتطور وفقًا لمقوماتها الاقتصادية والثقافية وشعبها وتاريخها وذلك في حوار مع مجلة أتلانتيك ونشرت نصه وكالة الأنباء السعودية الرسمية واس، مساء الخميس، لكن الحديث الأبرز كان حول جريمة مقتل جمال خاشقجي المتهم بإصدار أوامر بتنفيذها محمد بن سلمان.
بن سلمان يعلق لأول مرة
وسأل المحاور بن سلمان حول أمره بقتل أو اعتقال الصحافي جمال خاشقجي وفقا لمعلومات الاستخبارات الأمريكية التي أكدت مسؤوليته عن الجريمة التي وقعت في أكتوبر عام 2018، في القنصلية السعودية بإسطنبول. ورد بن سلمان للمرة الأولى حول اتهامه بإصدار أوامر لتنفيذ الجريمة، أنه يشعر بالألم لرؤية أي شخص يقتل دون وجه حق، واستكمل في حديثه قائلا: “حتى لو كان الشخص يستحق الإعدام أكثر من أي شخص آخر في العالم فيجب أن يخضع للنظام القضائي ويجب أن يكون له الحق في الدفاع عن نفسه”، معتبرًا أن ما حدث أمر مؤلم ويتمنى ألا يحدث لمواطن سعودي أو أي مواطن آخر في العالم بأسره.
وأضاف: “هذا كان فشلًا ذريعًا في النظام وقد بذلوا قصارى الجهد لإصلاح النظام والتأكد من عدم حدوث مثل هذا الأمر مرة أخرى، كما اتخذ إجراءات مابهة لما قد تتحذه أي حكومة منصفة حيث أحالوا أولئك الأشخاص إلى التحقيق ومن ثم للمحاكمة وبعد ذلك قررت المحكمة عقوبات مختلفة عليهم وهم يواجهون تلك العقوبات وهذا ما حدث عندما ارتكتب الأمريكيون أخطاء في العراق أو أفغانستان أو غوانتنامو فأنتم اتخذتم الخطوات الصحيحة وكذلك فعلنا نحن”، على حد تعبيره.
ويتحدث بن سلمان في هذه الفقرة عن العملاء السعوديين الذين حوكموا في جريمة خاشقجي وتم إصدار أحكام مختلفة بحقهم، لكن تقارير منظمات دولية وحقوقية وتقارير استخباراتية وصحافية أكدت أن المجموعة التي واجهت أحكاما في المملكة في جريمة قتل خاشقجي قدموا على اعتبارهم كبش فداء لولي العهد الذي أعطى الأوامر المباشرة بقتل الصحافي السعودي.
وأعاد المحاول السؤال: “أنت تقول أنه لا علاقة لك بالجريمة”، ليعقب بن سلمان مجيبًا: “لماذا أقوم بذلك؟ هذا أمر واضح لقد آلمتني الواقعة كثيرًا وآلمت المملكة من ناحية المشاعر”.
وأشار إلى أنه تعرض للوم لكنه يتفهم الغضب خاصة بين الصحافيين ويتقبل مشاعرهم ولكن هم أيضا لديهم مشاعر وألم في السعودية، فهم يشعرون أنهم لم يعاملوا بالطريقة الصحيحة، مضيفا: “أنا شخصيًا أشعر بأن قوانين حقوق الإنسان لم تطبق عليّ، حيث تنص المادة الحادية عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن كل شخص برئ حتى تثبت إدانته وأنا لم أنل هذا الحق لذلك كيف تتحدث معي عن حقوق الإنسان دون أن تتعامل معي بهذه الطريقة، ولكن في ذات الوقت يتفهمون المشاعر تلك ولكن السؤال بالنسبة لي هو لماذا قتل سبعون صحافيًا حول العالم تلك السنة، هل يمكنك تسميتهم لي؟ لا؟ إذن شكرًا جزيلًا وهل فعلًا إحساس بزميل صحفي؟ أم أنه صمم ضدنا وضدي أنا؟ إذا كان فعلًا إحساس بزميل صحفي إذن أعطني أسماء الصحافيين السبعين الذين قتلوا تلك السنة”.
وزعم بن سلمان أن الاهتمام بقضية مقتل خاشقجي لأن هناك العديد من الناس يريدون أن يتأكدوا من أن مشروعه رؤية 2030 يفشل ولكنهم “لن يستطيعوا المساس به، ولن يفشل أبدًأ ولا يوجد شخص على الأرض يمتلك قوة لإفشاله يمكنك إبطاؤه بنسبة 5 بالمائة هذا أكثر ما تستطيع فعله ولكن أكثر من ذلك لا أحد يستطيع فعل شئ، ولا يريد أن يوجه اتهامات لأحد فهناك مجموعات قليلة يستطيع أي شخص يمتلك معرفة جيدة أن يحدد الصلة بين المجموعات في الغرب والمجموعات في الشرق الأوسط الذي لديهم مصالح في أن يرونا نفشل”.
بن سلمان لم يقرأ لخاشقجي مقالًا كاملاً
وعن اعتقاده أن خاشقجي كان يجادل باستخدام حجج جماعة الإخوان المسلمين، قال أنه لم يقرأ مقالًا كاملًا لخاشقجي في حياته، سواء كان في صحيفة سعودية او في صحيفة أمريكية، وما أقرأه هو موجزي اليومي إذا كان هناك شئ مهم في الإعلام المحلي والإقليمي والإعلام الدولي، مشيرا إلى أنه لم يقرأ إطلاقًا أي مقال لجمال خاشقجي، وعن سؤاله: هل أنت متأكد أن شيئًا كهذا سيحدث مجددًا أجاب بن سلمان: “سأبذل قصارى جهدي للتأكد من أن لدينا الحوكمة والإجراءات الصحيحة للتأكد من أن مثل هذه الأشياء لن تحدث مرة أخرى والتزم بذلك”.
وزعم بن سلمان أنه يبذل كل ما بوسعه لعدم حدوث جريمة كتلك مرة أخرى، ولا يأمل في ذلك وهو يحاول فعل كل ما بوسعه لكي لا يحدث ذلك مجددًا فكما تعلم لقد عانوا وكان خطأ كبيرًا نريد أن نتأكد أن نظامنا ناضح وأنه لا شئ كهذا يمكن أن يحدث مرى أخرى.
وقد أبلغه الصحافي المحاور أنه التقى بالراحل جمال خاشقجي لمرة وحيدة قبل أسابيع من مقتله، وسأله ماذا يريد فعله هل يريد الإطاحة بعائلة آل سعود من السلطة، وكانت إجابته أنه يعتقد أن العائلة الحاكمة في المملكة يجب أن يستمروا في حكم البلاد إلى الأبد، وقد صدم عندما قتل شخص مع الحكم المستمر لآل سعود إذا كان يعد عدوًا إذن لابد أن هناك العديد من الناس يعدًون أعداء أيضًا، متابعا: “يبدو أن هناك جوًا عامًا من الخوف في السعودية؟”.
وأجاب بن سلمان قائلًا أنه لا يعتقد ذلك وعلى أي حال إذا كانت هذه هي الطريقة التي يديرون بها الحكم فلن يكون خاشقجي من بين أول ألف شخص على القائمة وإذا افترضنا جدلًا، أن هناك عملية أخرى ستجري في هذا القبيل بالنسبة لشخص آخر فلن تكون بتلك الطريقة.
واختتم حديثه في هذا الشأن قائلًا: “لماذا خاشقجي؟ كان خطأ كبيرًا نحن لا نؤمن بهذا النوع من العمليات ولا نؤمن بأي عملية خارج إطار القانون، ويعتقدون أنه إذا كان هناك شخص ارتكب جريمة أو أي شخص يشكل خطورة على السعودية أو يشكل خطرًا على العالم فسيتخذون الإجراءات بناءًا على القانون السعودي وبناءًا على القوانين الدولية وقوانين الدول الأخرى وهذا ما فعلوه من إجراءات في الماضي وما ستفعله مستقبلًا”.
وقد حوكم 8 متهمين بتهمة قتل خاشقجي في 2019 وحكم عليهم بالإعدام، لكن لاحقًا خففت المحكمة الحكم للسجن 20 عامًا، بينما وصفت خطيبة خاشقجي المحكمة بأنها: “استهزاء تام بالعدالة”.
وإن كان ولي العهد السعودي بن سلمان في حديثه نفى تهمة قتل جمال خاشقجي عن نفسه، فإنه أيضا لم يقدم اسمًا أطلق أوامر قتل الصحافي السعودي، ولماذا فعل ذلك؟
موضوعات تهمك: