بقلم: طارق الحميد
حسنا التأم اجتماع لجنة الاتصال الرباعية الخاصة بسوريا بمقترح مصري، مرتين، وليس مرة واحدة، وهي اللجنة المكونة من السعودية ومصر وتركيا وإيران، والواضح الآن أن الجميع قد أدرك أنه ليس لتلك اللجنة أي فرص في النجاح، وهذا ما ذكرناه هنا مرتين، وقبل أول اجتماع لتلك اللجنة.
الواضح اليوم أن الجميع قد أدرك أن لا أمل في تلك اللجنة، وأن مجرد دعوة إيران لذلك الاجتماع تعني فشله؛ فطهران أحد أبرز المعوقات في سوريا، فكيف تكون جزءا من الحل؟! وعندما نقول الجميع قد أدرك ذلك، فهذا ما يظهر من بعض المواقف، خصوصا مع تغيب السعودية عن الاجتماع الأخير في القاهرة، وكذلك الآراء التي باتت تجهر الآن بصعوبة الوصول لاتفاق في ظل مشاركة إيران، ناهيك عن التصريحات الرسمية التي تصب في هذا الاتجاه، وآخرها تصريح الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد نبيل العربي الذي أعلن أن كل الأبواب قد طرقت في الأزمة السورية من دون تحقيق أي نجاح. وهذا أمر متوقع أساسا، وكنا، وغيرنا من القلة القليلة في هذه الصحيفة، نقول هذا الأمر، ومن أول أيام الثورة السورية، فمن عرف النظام الأسدي لا يمكن أن تنطلي عليه حيل الأسد على الإطلاق.
وبالعودة للجنة الرباعية الخاصة بسوريا، فالمهم الآن أنها أكدت للبعض نوايا إيران الحقيقية تجاه سوريا، وخطورة مجرد الاعتقاد بأن طهران ممكن أن تكون جزءا من الحل. فإيران دعت في القاهرة لإرسال مراقبين من السعودية ومصر وتركيا وإيران نفسها لسوريا، وخطورة هذا الطرح أن إيران تقول لنظرائها من القوى الإقليمية في المنطقة، ومن القاهرة، تعالوا نتقاسم سوريا، وعلى الطريقة اللبنانية، حيث يصعب تخيل تشكيل حكومة في لبنان من دون تراض بين كل من السعودية وإيران ومؤخرا تركيا. وبدلا من أن يعالج هذا الوضع غير الصحيح فإن إيران تريد تطبيقه في سوريا، وتحت غطاء عربي، ومن عاصمة عربية!
ومجرد القبول بمثل هذا الطرح يعني أن البعض في منطقتنا لا يزال يؤمن بأنصاف الحلول، وتحت أعذار واهية، مثل البراغماتية، أو التعامل بواقعية، وهذا هو الخطر بعينه. وكما قلنا مرارا وتكرارا، فإن إيران ليست دولة جارة لسوريا، ولا حتى تركيبة سوريا الطائفية تسمح لإيران بالتدخل. فالسوريون يقولون «لا إيران ولا نصر الله»، بينما نجد بيننا من يحاول إعطاء غطاء للنفوذ الإيراني في سوريا، ويشرع لإيران خلق فصيل من شاكلة حزب الله في سوريا. وهذا أمر وارد، ويستحق الحذر، خصوصا في حال ما انزلقت سوريا إلى حالة فوضى عارمة، حيث ستسعى طهران حينها لخلق شرعية جديدة لها في سوريا مثلما فعلت مع حزب الله في لبنان وبحجة تحرير الأراضي المحتلة، وهذه نقطة تستحق التنبه لها من الآن، طالما لم يتم التعجيل بسقوط الأسد!
وعليه، فإن المؤمل الآن هو التنبه لخطورة إيران في سوريا، خصوصا بعد اجتماع لجنة الاتصال الرباعية في مصر، التي كان يفترض بها المطالبة بطرد قوات فيلق القدس من سوريا التي اعترف قائد الحرس الثوري الإيراني بوجودها بدلا من أن تطالب طهران اللجنة الرباعية بإرسال مراقبين من بينهم إيرانيون أيضا، فالمطلوب هو طرد إيران من سوريا، وليس تشريع تدخلها!