رسالة تحذير شديدة اللهجة وجهها قادة الحزب الشيوعي الصيني للمسؤولين الإسرائيليين.
مسار العلاقات بين الصين والكيان الصهيوني اتجه نحو مزيد من التدهور والتوتر، في ظل التموضع الإسرائيلي الجديد في جنوب شرق آسيا وبحر الصين الجنوبي.
لم يمتنع الكيان الصهيوني عن التعاون مع خصوم بكين وتزويدهم بمنظومات التسلح؛ أحدثها صفقة سلاح مرتقبة لتزويد فيتنام بمنظومة دفاع جوي لصواريخ “باراك 8″.
صفقة السلاح الإسرائيلي الجديدة لفيتنام تأتي في ظل تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي الذي يضم الخصمين الصين وفيتنام، والتصعيد بمضيق تايوان بعد زيارة بيلوسي.
التموضع الجديد والإعلان عن صفقة السلاح لفيتنام تزامن مع رسالة تحذيرية حادة وجهتها الصين لـ”إسرائيل” دعتها لـ”عدم السماح للضغوط الأمريكية بإفساد العلاقات مع بكين”.
* * *
بقلم: حازم عياد
رغم حرص الكيان الصهيوني على عدم استفزاز بكين دبلوماسيا باستضافة وفود أو مسؤولين من جزيرة تايوان مؤخرا؛ إلا أن مسار العلاقات بين الصين والكيان الصهيوني اتجه نحو مزيد من التدهور والتوتر، في ظل التموضع الإسرائيلي الجديد في جنوب شرق آسيا وبحر الصين الجنوبي.
الكيان الصهيوني فشل بتأثير من الضغوط الأمريكية في الحفاظ على حياده تجاه التنافس والتصارع الأمريكي الصيني.
فتحذير المسؤول الدبلوماسي الكبير في خارجية الكيان حغاي شغرير في يونيو/حزيران الماضي؛ سفراء الكيان من التعامل أو التفاعل مع نظرائهم التايوانيين في المناسبات الخاصة بتايوان والكيان الصهيوني تجنبا لإغضاب الصين وحفاظا على الحياد؛ تبخرت في آب/أغسطس الحالي؛ برسالة تحذير شديدة اللهجة وجهها قادة الحزب الشيوعي الصيني للمسؤولين الإسرائيليين، بحسب ما كشف موقع “واللا” العبري.
الكيان الصهيوني ورغم امتناعه عن التعاون العسكري والدبلوماسي مع جزيرة تايوان؛ ورغم التزامه بمبدأ الصين الواحدة؛ لم يمتنع عن التعاون مع خصوم بكين بتزويدهم بالتكنولوجيا ومنظومات التسلح؛ كان آخرها صفقة السلاح المرتقب التوقيع عليها بين الكيان الصهيوني وفيتنام، وتتضمن تزويد الأخيرة بمنظومة دفاع جوي لصواريخ “باراك 8″، بمبلغ نصف مليار دولار، وفق ما ذكر الموقع الإلكتروني لصحيفة “هآرتس” الخميس.
الصفقة التي سيتم التفاوض عليها خلال زيارة وفد من وزارة الدفاع الفيتنامية الشهر المقبل؛ ليست الأولى من نوعها، إذ سبقتها صفقة مماثلة في العام 2015 مع فيتنام، غير أن ما يميز الصفقة الجديدة أنها تأتي في ظل تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي الذي يضم الخصمين الصين وفيتنام، وفي ظل التصعيد في مضيق تايوان، والاستفزاز الأمريكي الدبلوماسي والعسكري بزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، والتي تبعتها وفود من الكونغرس.
أعباء جديدة ومخاطر كبيرة ستواجهها بكين؛ ناجمة عن التموضع الإسرائيلي الجديد، فلا معنى لاكتفاء الكيان بقطع العلاقات الدبلوماسية مع تايوان، في حين يعمد الكيان الصهيوني للعب دور الوكيل الأمريكي لتسليح خصوم بكين في بحر الصين الجنوبي وشرق آسيا؛ والتحالف مع خصومها في الغرب، وعلى رأسها الهند.
إعادة التموضع الإسرائيلي لم تقتصر على بحر الصين وجنوب شرق آسيا، إذ شملت توقيع اتفاق تملك واستثمار ما يقارب من نصف ميناء حيفا لشركات هندية منافسة للصين في يوليو/تموز الفائت، بل وبلغت حساسية الكيان المفرطة تجاه الصين حد دفعها لتقييد نشاط بكين التجاري والاستثماري في الكيان؛ بإعاقة المشاريع التي كان يتوقع أن تكون فيها بكين شريكاً غير مباشر للكيان؛ عبر الامارات، كمشروع أنبوب نفط عسقلان أم الرشراش (إيلات)؛ الذي أوقفته حكومة نفتالي بينت السابقة بحجة المخاطر البيئية.
في حين أن الحقيقة كانت كامنة في أن الشركات الإماراتية المعنية بالمشروع تملك الصين حصصاً كبيرة فيها، فالكيان ضحى بالمشروع وبالعلاقة الواعدة مع الإمارات؛ تجنباً لاختراق الشركات الصينية للقطاعات الحيوية وإغضاب أمريكا، كما أخضع الكيان علاقاته بالشركات الاماراتية لمزيد من التدقيق والفحص بتوصية من الإدارة الأمريكية؛ منعاً لحدوث اختراقات صينية عميقة نحو المتوسط وفي البحر الأحمر، أو لشركات السلاح والتكنولوجيا.
التموضع الجديد للكيان، والإعلان الأخير عن صفقة السلاح مع فيتنام؛ تزامن مع كشف الكيان عن رسالة تحذيرية حادة وجهتها بكين لـ”إسرائيل”، دعتها فيها إلى “عدم السماح للضغوط الأمريكية بإفساد العلاقات مع بكين”..
موقع “واللا” العبري أكد أن مسؤولين كباراً في الخارجية الإسرائيلية أفادوا أن “هذه المرة الأولى التي تتلقى فيها إسرائيل مثل هذه الرسالة الحادة والمباشرة من بكين”، والتي تم تسليمها الأسبوع الماضي إلى سفيرة “إسرائيل” في بكين إيريت بن آبا، من قبل رئيس قسم العلاقات الدولية في الحزب الشيوعي (منصب برتبة وزير) ليو جينشاو.
ختاماً.. لم يقتصر الانحياز الإسرائيلي للولايات المتحدة على التحالف مع الهند في غرب آسيا، ومحاصرة نفوذها الاقتصادي وطموحاتها الجيوسياسية، بل وشمل لعب دور الوكيل الاميركي لتسليح خصوم الصين في بحر الصين الجنوبي، وهو مبرر كافٍ لإغضاب بكين والبدء بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع الكيان الإسرائيلي.
* حازم عياد كاتب وباحث في العلاقات الدولية
المصدر: السبيل – عمان
موضوعات تهمك: