قرارات وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل مخالفة للقانون والأديان السماوية والأخلاق.
ما السبب الذي يجعل ابنة لاجئين آسيويين – أفريقيين، تتحوّل إلى مناهضة شديدة الشراسة للاجئين؟
أصاب رئيس أساقفة كانتربري ببريطانيا في أن خطة إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا «تتعارض مع مشيئة الله» وهروب من المسؤولية، ومخالف للقانون.
قررت باتيل أن الصعود على سلم السياسة البريطانية يقتضي مواقف منافية للإنساني وقرارات تبرهن احتقارها لأصلها والتماهي مع أكثر النزعات عنصرية.
بؤس أخلاقي كبير وسياسة عنصرية تفرّق بين لاجئ أوروبي ولاجئ آسيوي وأفريقي فتُفتح الأبواب للأوكراني ويعامل الأفريقي والآسيوي كمجرم على الأرض البريطانية.
خرقت الأعراف الحكومية البريطانية بإجرائها لقاءات بدون تكليفا مع مسؤولين نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي جلعاد أردان وكانت تنوي تقديم مساعدات بريطانية للجيش الإسرائيلي.
* * *
وجدت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل حلا «جذريا» للاجئين الذين يصلون بالقوارب أو الشاحنات إلى بريطانيا: منحهم تذكرة ذهاب فقط إلى رواندا، التي ستستقبلهم مقابل «رشوة» اقترحت الحكومة البريطانية تقديمها، وقدرها 120 مليون جنيه استرليني.
شهدت رواندا، عام 1994، إحدى أكبر عمليات الإبادة العرقية في القرن العشرين، وأن سجل حكوماتها في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان والفساد بائس، وأنها إحدى البلدان التي تضطهد المعارضين، وأن كثيرين منهم يحاولون الالتجاء إلى دول أوروبية للنجاة بحياتهم.
حسب الأنباء فإن باتيل، هي مسؤولة «شخصيا» عن الخطة، فقد أصدرت «توجيها وزاريا» لتمريرها، وهذه هي المرة الثانية التي تستخدم فيها الصلاحية خلال 30 عاما، وهذه المسؤولية تبعث على التفكّر في مقدار القضايا المخزية التي صارت مرتبطة باسم وزيرة الداخلية الحالية، والتناقضات التي تثيرها هذه الشخصية.
أول هذه التناقضات هو أن بريتي سوشيل باتيل، ما كانت لتصبح وزيرة، ولا حتى بريطانية لولا قرار رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، والذي كان من حزب المحافظين أيضا، باستقبال أكثر من 28 ألف لاجئ من الآسيويين الذين قام الدكتاتور الأوغندي، عيدي أمين، بطردهم من البلاد عام 1972.
وفّر هذا القرار، لباتيل، التي ولدت في لندن في العام نفسه الذي سُمح فيه لأبويها باللجوء إلى بريطانيا، بالاستفادة من الفرصة التي مُنحت لها، بحيث أصبحت أول سياسية من أصل هندي-أفريقي، تتولى منصب وزيرة الداخلية، فما السبب الذي يجعل ابنة لاجئين آسيويين-أفريقيين، تتحوّل إلى مناهضة شديدة الشراسة للاجئين؟
يبدو أن باتيل، التي تعتبر نفسها «تاتشرية» نسبة إلى رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر، قد اتخذت قرارا، أن الصعود على سلم السياسة البريطانية، يقضي باتخاذ مواقف منافية للمنطق الإنساني البسيط، بل ويتجه لقرارات تبرهن احتقارها للأصل الذي جاءت منه، والتماهي مع أكثر النزعات العنصرية تطرفا وبؤسا ضد اللاجئين والأقليات، وكذلك ضد القضايا السياسية الأخلاقية.
من ذلك أن باتيل، التي هي نائبة رئيس جمعية المحافظين الأصدقاء لإسرائيل، جازفت بمنصب وزاري سابق، حين كانت وزيرة العلاقات الدولية، حين خرقت الأعراف الحكومية البريطانية، بإجرائها لقاءات غير مخول لها بها مع مسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بينهم رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الإسرائيلي جلعاد أردان، وأنها كانت تنوي تقديم مساعدات بريطانية للجيش الإسرائيلي.
ضمن «منجزات» باتيل «الشخصية» أيضا، القرار الذي أصدرته الحكومة البريطانية في تشرين ثاني/نوفمبر 2021، وذلك بحظر حركة «حماس» الفلسطينية، وقد زعمت باتيل حينها، في بيان نشرته على حسابها في موقع «تويتر» أن الحركة «تملك قدرات إرهابية واضحة تشمل امتلاك أسلحة كثيرة ومتطورة، فضلا عن منشآت لتدريب إرهابيين» مضيفة: «لهذا اتخذت اليوم إجراءات لحظر حماس كليا».
لا تستقيم هذه المنجزات طبعا من دون مواقف سلوكيّة تشير إلى طبيعة الوزيرة، فحسب تحقيق حكومي بريطاني، فإن باتيل مارست التنمر بحق موظفين يشتغلون معها، وذكر تقرير لـ«بي بي سي» ووسائل إعلام أخرى، أن تحقيقا بشأن اتهامات بالتنمر خلص إلى أنها انتهكت القواعد الوزارية، وكان رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، طلب من مسؤولين في عام 2020 إجراء تحقيق بسلوك باتيل، بعدما ترددت اتهامات ضدها بالتنمر على العاملين.
اختيار باتيل هذا التوقيت، الذي يشهد سياسة بريطانية وأوروبية داعمة للجوء الأوكرانيين، الهاربين من الغزو الروسي لبلادهم، يدلّ على بؤس أخلاقي كبير، فهو لا يعلن عن سياسة عنصرية وعرقية تفرّق بين اللاجئ الأوروبي واللاجئ القادم من آسيا أو أفريقيا، بل يفتح الأبواب للأوكراني ويعامل اللاجئ الأفريقي والآسيوي كمجرم بمجرد أن يطأ الأرض البريطانية.
لقد أصاب رئيس أساقفة كانتربري في بريطانيا بالقول إن خطة إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا «تتعارض مع مشيئة الله» وأنه هروب من المسؤولية، ومخالف للقانون، وإذا طبقنا هذا القول على باتيل، فالاستنتاج سيكون أن قراراتها مخالفة للقانون والأديان السماوية والأخلاق.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: