باسل في عيون المصريين …
مقتل باسل الأسد في 21/1/1994 اعتبر حدثا مفصليا في سوريا ويجري احياء هذه الذكرى التي مر عليها 26 عاما وتعم مظاهر الحزن في اليلد وتتشح بالسواد المباني الرسمية والحكومية وتقام في بعضها مراسم التأبين فيما يسمى (ذكرى سنوية الشهيد الرائد الركن المظلي الفارس …. باسل الأسد)
باسل الأسد الابن البكر للرئيس حافظ الأسد لقي مصرعه في حاث سير
على طريق المطار حسب الرواية الرسمية للقيادة السورية في حينه … هذه الرواية شكك فيها الكثيرون وتناقل المواطنون السوريون سرا روايات مختلفة وخاصة في ظل شهادات كثر ممن يقطنون قرب مكان الحادث والذين زاروا المكان في ذات التوقيت لاسباب مختلفة حيث توافقت إفادات معظمهم بأن لا حادث سيارة جرى على طريق المطار اطلاقا في ذلك اليوم المزعوم. انطوى الحدث بتأكيد الرواية الرسمية وظلت بعض الروايات المتناقلة والتي تحمل اتهامات متنوعة تارة بتورط رفعت الأسد بالحادث انتقاما من شقيقه حافظ وتارة أبناء عمومته لأنه كان يضيق عليهم الخناق في مصدر رزقهم الوحيد (التهريب) بل ان بعض الروايات أشارت إلى تورط شقيقه بشار الرئيس الحالي ليتفرد بوراثة السلطة… كل ماروي بقي أسير الغرف المغلقة وصنف بمثابة شائعات ليس إلا، بعمر لم يتجاوز 32 عاماً وبرتبة رائد ركن رحل باسل الأسد حيث كان يتولى مهمة قيادة الحرس الجمهوري.. ذكرى رحيله دفعت بالذاكرة إلى السنوات الأولى لانطلاقة الثورة حيث اعتقل الجيش الحر العميد الركن منير شلبية وكان يترأس قسم الإرهاب في الأمن السوري، التحقيقات معه أدت لاعترافه بالمشاركة في تخطيط وتنفيذ عملية قتل باسل الأسد. وبحسب ماورد في اعترافات العميد شلبية بأن العملية تمت بإشرافه وبمشاركة العميد محمد سليمان، اللذان كانا يعملان وقتها بالقصر الجمهوري، وأحدهما كان مرافقاً لباسل الأسد، وان العملية تمت بزرع عبوة ناسفة في سيارة باسل تنفجر أتوماتيكيا عندما تصل سرعتها إلى 140 وهذا ماحصل عندما انفجرت على دوار المطار وأدت إلى انقلاب السيارة وانحرافها عن مسارها مما تسبب بمقتله على الفور
هل قتل بشار الأسد شقيقه باسل كي ينفرد بالسلطة؟؟
وقد أضاف العميد شبلية انه تلقى التعليمات بتنفيذ العملية من بشار الأسد شخصيا مع وعود بميزات ومناصب رفيعة المستوى لاحقا وهذا ماحصل بالفعل. وتضمنت اعترافاته معلومات خطيرة جدا عن مسؤوليته له في اغتيال العميد غازي كنعان بمكتبه بمشاركة العميد محمد سلمان الذي تم اغتياله لاحقا بواسطة قناص أمام شاليه كان يقيم بها في طرطوس … لطي صفحته نهائيا وخاصة أنه كان يملك معلومات عن جريمة اغتيال الحريري رئيس وزراء لبنان الراحل وورد اسمه في ملفات التحقيق بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان بصفة متهم في القضية.
الحادث الذي أدى لمقتل باسل حافظ الأسد المرشح الأوفر حظا لوراثة والده على رأس السلطة في سوريا أثار قريحة الكثير من الأدباء والفنانين لاستثمار هذا الحدث وتحقيق شهرة واسعة وأرباحا مادية كبيرة. ولعل أبرز هذه الأعمال كان كتاب “باسل الأسد في عيون المصريين” الذي حظي بانتشار واسع كون الكتاب صادر عن دار الإهرام للنشر لمؤلفه المصري عزت السعدني. وهي شهادة تغنى بها النظام السوري طويلا كونها قادمة من خارج الحدود وقيمتها مضاعفة كون كاتبها لا يمكن تصنيفه في خانة (وشهد شاهد من أهله). الكتاب الذي صدر 21/1/1995بمناسبة الذكرى الأولى لاغتيال باسل حقق الغاية المنشودة منه فقد فرضت السلطات السورية على المؤسسات الرسمية والدوائر الحكومية اقتناء الكتاب بقرار رئاسي حملته المؤسسة العربية للتوزيع التي تعنى بتوزيع المطبوعات وسرعان ما انتشر الكتاب وتسابق المسؤولون والنواب وأعضاء حزب البعث الحاكم إلى إقتناء الكتاب كوسيلة للتقرب من رأس السلطة حافظ الأسد وأضحى الكتاب هدية قيمة يتناقلونها فيما بينهم، وسرعان ما انتهت كل النسخ الموزعة وصار المسؤول الذي لا تحوي مكتبته نسخة منه يحمل وصمة عار على جبينه بل ويشكك في ولاءه و وطنيته.
باسل حافظ الأسد وألقاب لاحصر لها
وقد أورد المؤلف في كتابه معلومات تداولتها وسائل إعلام النظام مرارا وتكرارا حيث قال .. باسل حافظ الأسد (23 مارس 1962 – 21 يناير 1994)، الابن البكر لحافظ الأسد كان مهندساً مدنياً ومظلياً وفارساً رياضياً. كانت أول دوراته في الكلية العسكرية وقيادة الأركان والقفز بالمظلة، حيث تسلم بعد فترة وجيزة مهمة قيادة الحرس الجمهوري. وعرف عنه محبته للمعلوماتية، وهو أول من أدخل تطبيقات المعلوماتية إلى سوريا. انضم إلى اتحاد شبيبة الثورة وهو في الحادية عشرة من عمره، وبدأ يتدرب على الرماية وركوب الخيل والقفز بها فوق الحواجز في هذه السن. في الثالثة عشرة من عمره، أي في عام 1975 انتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي وثابر على القيام بالنشاط الحزبي. بدأ رياضة القفز المظلي منذ عام 1978، وعندما اشترك في أول دورة للقفز المظلي الحر للشبيبة عام 1980 كان بطل تلك الدورة. في عام 1981 فاز ببطولة دمشق في الرماية.
بعد حصوله على الثانوية العامة ـ الفرع العلمي، انتسب إلى كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق عام 1979-1980 وحصل على شهادة بكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1983-1984 حيث انهى دراسته في اربع سنوات، ثم انتسب إلى القوات المسلحة متطوعاً في 24/9/1984، وتخرّج في كلية المدرعات مهندساً قيادياً برتبة ملازم أول. وفي عام 1987، رُفِّع إلى رتبة نقيب، والتحق بدورة كلية القيادة العليا في القوات المسلحة السورية، وتخرج فيها «ضابط ركن مدرعات» وذلك عام 1988 وهو في عمر 26 عاما.
أعدّ باسل الأسد بحثاً علمياً في المجال العسكري تقدم به إلى الأكاديمية العليا للعلوم العسكرية في الاتحاد السوفييتي ولقي تقدير المسؤولين فيها وموافقتهم على تشكيل لجنة علمية لمناقشته في البحث المذكور، وجرت هذه المناقشـة فعلاً في أكاديميـة (ك.ي. فوروشيلوف) بموسكو، وحضر المناقشة خمسة عشـر عالماً عسـكرياً بتاريـخ 27/11/1991، وفي نهاية المناقشة منحته لجنة التحكيم شـهادة الدكتوراة في العلوم العسكرية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى الاستثنائية. كان من جملة تحصيله العلمي في القوات المسلحة اتّباعه دورة تدريبية على قيادة الحوامات القتالية عام 1990، ودورة على قيادة الطائرات المقاتلة فوق الصوتيـة الميغ 21 ولكنه لم يستكملها.
توفي وهو في بداية الثلاثينات من عمره في حادث سيارة قرب مطار دمشق الدولي في 21 كانون الثاني / يناير من العام 1994. أبرز الكاتب كل الأحداث التي واكبها باسل الأسد وصنفها على أنها إنجازات قلَّ نظيرها
وأفرد مساحة واسعة من الكتاب عن إنجازات الفارس الذهبي في مجال الرياضة كبطل الجمهورية في الفروسية مرات عدة والميدالية الذهبية لدورة المتوسط 87 التي أقيمت في اللاذقية إضافة إلى جائزة اللعب النظيف وتكريم اللجنة الأولمبية في باريس. وضمنه مجموعة واسعة من الصور بعضها عن لوحات بورتريه لفنانين سوريين وعرب توثق لانجازاته في الميادين العسكرية والرياضية. رحلة التملق للسلطة في سوريا عبر مديح فارسها التي وصلت إلى حد تأليهه كان لها أشكال كثيرة لكن هذا الكتاب يعتبر أبرزها وقد عرف مؤلفه كيف يستثمر الحدث ويحقق منافع شخصية لكنه أساء للمصريين عندما أطلق على كتابه اسم (باسل في عيون المصريين) في حين ان الكتاب لايخرج عن كونه (باسل في عيون مؤلفه) وربما في عيون دار النشر التي تولت طباعته على أبعد تقدير.
عذراً التعليقات مغلقة