انسحابات ترمب وأثرها على الخليج
- ماذا أعددنا في الخليج لمرحلة الانسحاب من القواعد بعد اكتمال الانسحاب من الصراعات؟!
- انسحاب ترمب من أفغانستان وسوريا وسحب بطاريات «الباتريوت» من الخليج يظهر أن مبدأ «إذا احتجتني اطلبني» ستكون قاعدةعالمية.
بقلم: ظافر محمد العجمي
لا شك أن الرئيس دونالد ترمب قادر على إرباك خصومه، وجعلهم يتفاعلون بشكل ارتجالي، فقد أعلن عن عقيدته أو “مبدأ ترمب” أسوة ببقية الرؤساء، بمبادئهم الإرشادية أو الملزمة كمبدأ أيزنهاور، ومبدأ نيكسون ومبدأ كارتر، وملخصه: «إذا احتجتني اطلبني»!
والاختلاف الحاد عنها أنه يظهر عزوف ترمب عن مبادئ السياسة الخارجية الأميركية طوال قرن، محيّراً المراقبين إن كان ما يطرحه رؤية أم ارتجالاً، فقد بدأ بانسحاباته العجولة من مواقع عسكرية مثل سوريا وأفغانستان، بل وسبقها سحب «الباتريوت» من الخليج،.
لقد أقام الاستراتيجي القابع مستتراً في هيئة رجل أعمال اسمه ترمب، أقام مبدأ “الأمن عند الطلب” حيث يمكنكم طلب «البيتزا» أو دجاج «كنتاكي» إذا شعرتم بالجوع، وسوف نفرض شروطاً لصالح واشنطن تدفعونها صاغرين، لكنني لن أفتتح مطبخاً في بيتكم، وستعرفون قيمة ما نقدم إذا لم تروه إلا بعد مكابدة عناء التوصيل.
لم تحيّر الانسحابات العجولة حليفاً حكومياً في جبال أفغانستان، أو كردياً بشمال سوريا، أو عربياً على ضفاف الخليج فحسب، بل أثارت جزع أجنحة مؤسسة صنع القرار الأميركية، الأمنية والاستخباراتية والعسكرية.
وكأن ترمب قد تحرّر من قيوده الداخلية والخارجية، ففي الداخل هناك شعور بالخيانة، مما شرّع الأبواب أمام تخرصات منها إمكانية أن يعيد ترمب النظر فيما قرره من انسحابات، أو على الأقل عدم الاستعجال في تنفيذها، وفي الخارج نظرة شك في هذه التحركات، وتفسيرها على أنها إعادة انتشار وخلق جبهات جديدة.
لقد آمنّا طويلاً أنه ليس من المستحسن أن يشارك المشرّعون في اتخاذ قرارات استراتيجية لميلهم المصلحي لشعبية القرارات، لكن رجل الأعمال المسمى ترمب -القابع مستتراً في هيئة رئيس أقوى دولة في العالم- أخذ في خفض تكاليف الميزانية الأميركية في الخارج ليعززها في الداخل.
فقد سبق ذلك ضرائب على الواردات من الصلب والألمنيوم، مع استخدام التعرفة الجمركية كسلاح، ثم نجاحه في الحرب التجارية مع الصين، عبر إهانة بكين باعتقال مديرة «هواوي» -عملاق تكنولوجيا الاتصالات- وتقديم الصين تنازلات مذلّة كخفضها الضرائب على السيارات الأميركية من %40 إلى 15 % فقط، بذريعة نزع فتيل الأزمة لتجاوز ركود اقتصادها.
إن انسحاب ترمب العجول من ساحات القتال في أفغانستان وسوريا، وقبلها سحب بطاريات «الباتريوت» من الخليج، مؤشر على أن الانسحابات المقبلة بناء على عقيدة ترمب «إذا احتجتني اطلبني» ستكون من القواعد الأميركية حول العالم.
فماذا أعددنا في الخليج لمرحلة الانسحاب من القواعد بعد اكتمال الانسحاب من الصراعات؟!
* د. ظافر محمد العجمي المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة أمن الخليج
المصدر: العرب – الدوحة
عذراً التعليقات مغلقة