العليمي أصبح لا يستطيع اتخاذ أي خطوة أو إصدار أي قرار إلا بعد موافقة “القائد الإماراتي”، الذي أصبح هو الحاكم الفعلي للبلد!
أبوظبي تلعب دورا كبيرا لـ”تهميش مقصود لدور الرئيس العليمي بمجلس القيادة الرئاسي وإبراز عضو المجلس عيدروس الزبيدي رجلا أول بالمشهد السياسي اليمني”.
تعرض العليمي لحصار سياسي كبير ووضع قيد الإقامة الجبرية بقصر معاشيق في عدن بالشهور الماضية ومنع من التواصل مع العالم الخارجي الا في نطاق محدود جدا.
مواجهات مسلحة بشبوة بين القوات الحكومية الشرعية والقوات الانفصالية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي أفضت لإقالة مسؤولين حكوميين واستبدالهم بانفصاليين موالين للإمارات.
* * *
بقلم: خالد الحمادي
شهدت الساحة السياسية اليمنية تراجعا ملحوظا لدور رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وبروز عضو مجلس القيادة عيدروس الزبيدي كشخصية أولى في المشهد السياسي والقيادي في اليمن، وذلك بتدبير وضغط من قبل الإمارات، أدى إلى تغييب مقصود لدور العليمي وتقييد حريته في ممارسة نشاطه الرئاسي.
وقال مصدر سياسي رفيع فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، إن أبوظبي تلعب دورا كبيرا باتجاه “تهميش مقصود لدور الرئيس العليمي في مجلس القيادة الرئاسي وإبراز عضو مجلس القيادة عيدروس الزبيدي كرجل أول في المشهد السياسي اليمني”.
وأوضح أن العليمي تعرض لحصار سياسي كبير وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية عند إقامته في قصر معاشيق في محافظة عدن، خلال الشهور الماضية، منذ تشكيل المجلس الرئاسي، مطلع نيسان/أبريل الماضي، ومنعه من التواصل مع العالم الخارجي الا في نطاق محدود جدا.
وأكد أن العليمي أصبح لا يستطيع اتخاذ أي خطوة أو إصدار أي قرار إلا بعد موافقة “القائد الإماراتي”، الذي أصبح هو الحاكم الفعلي للبلد، بينما تراجع دور العليمي إلى أن أصبح يشبه دور (الكومبارس)!
وهو ما أزعج العليمي كثيرا ودفعه إلى مغادرة عدن، الإثنين الماضي، إلى أبوظبي للاستنجاد بقيادتها بشأن هذا الوضع غير المقبول، إلا أن الأخيرين لم يعيروه أي اهتمام ولم يستقبلوه بشكل يليق بمقامه كرئيس دولة.
ووصل الأمر الى أن تم منع وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) النسخة الحكومية، من نشر أخبار سفر العليمي إلى الإمارات في البداية، وهو ما اضطره إلى نشر أخباره في حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بصياغة ركيكة وغير محترفة وصفت زيارته للإمارات بـ”غير الرسمية” لتفادي الإهانات السياسية التي تعرض لها هناك، ما أثار ردود فعل غير مسبوقة لدى الوسط السياسي اليمني دفعت العليمي إلى حذف تغريداته المتعلقة بخبر زيارته، وذلك بعد إجراء أكثر من 10 تعديلات على صياغتها.
وفي وقت لاحق، نشرت الوكالة خبرا مقتضبا لهذه الزيارة بدون نشر أي صور لاستقباله. ووصفت الزيارة بأنها “خاصة” و”زيارة عمل غير رسمية”. وقالت “من المتوقع أن يجري رئيس مجلس القيادة الرئاسي، على هامش زيارته الخاصة، لقاءات مع المسؤولين الإماراتيين حول سبل تعزيز هذه العلاقات والدفع بها الى آفاق أرحب في مختلف المجالات”.
وفي الوقت الذي نشرت فيه سبأ، أمس الثلاثاء، ثلاثة أخبار رئيسية عن عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي، في واجهة موقعها الإخباري، لم تنشر أي خبر عن العليمي. وأصبح الزبيدي هو المتصدر للمشهد السياسي اليمني الحكومي، بإيعاز من أدوات الإمارات في الداخل والخارج.
وكان الظهور الرسمي للعليمي في عدن، في اجتماعه بقيادة وبعض أعضاء مجلس النواب (البرلمان) الأسبوع الماضي، كشف عن الوضع الصعب الذي يعيشه، والدور البارز الذي يقوم به الزبيدي في إدارة الأمور بمجلس القيادة الرئاسي، إذ ظل العليمي يكرر في حديثه اسم الزبيدي عدة مرات مع كل فقرة تتحدث عن المهام والمنجزات التي قام بها المجلس، بشكل أثار سخرية نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، ودفع بهم إلى إعادة مونتاج كلمته وتكرار ذكر اسم الزبيدي فيها بشكل ساخر.
وبدت القرارات والمواقف الأخيرة للعليمي بشأن المواجهات المسلحة بمحافظة شبوة بين القوات الحكومية الشرعية والقوات الانفصالية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وتداعياتها، التي أفضت إلى إقالة المسؤولين العسكريين والأمنيين الحكوميين واستبدالهم بآخرين انفصاليين موالين للإمارات في قيادة المؤسسات الأمنية والعسكرية بمحافظة شبوة.
وهو ما أثار استهجانا كبيرا في الوسط السياسي اليمني وخاصة بعد قيام القوات الانفصالية بنشر صور لها وهي تدوس بأقدامها العلم اليمني وكأنها قوات غازية من دولة أخرى.
وواجه العليمي ومجلس القيادة الرئاسي خلال الأسبوعين الماضيين انتقادات حادة غير مسبوقة، تجاوزت في حدّيتها كل الانتقادات التي واجهها الرئيس السابق عبدربه منصور هادي خلال سنوات حكمه العشر.
وأوضحت بعض المصادر أن القرارات التي اتخذها العليمي بشأن الأحداث في شبوة جاءت تحت ضغوط إماراتية، لإحراق سمعته وتدمير مستقبله السياسي، وأن الحملة المجنونة الموجهة ضده مؤخرا جاءت لخدمة الهدف الإماراتي، الذي يدفع لتصدر الزبيدي المشهد السياسي، من أجل استكمال إجراءات “شرعنة” مشروع انفصال الجنوب عن الشمال، مع قرب النهاية المتوقعة للحرب في اليمن.
* خالد الحمادي كاتب صحفي وناشط حقوقي يمني
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك:
اليمن: الهدنة تنتهي حيث بدأت وتعز ضحية التعنّت الحوثي والتخاذل الأممي