بدعوى تدخل الهيئة الوطنية للصحافة في إدارة المؤسسة التي يترأسها، قدّم رئيس مجلس إدارة صحيفة الأهرام المصرية أحمد السيد النجار استقالته من منصبه، في حين سارع صحفيون
بتقديم بلاغات ضده لمخالفات مالية وإدارية.
وجاءت استقالة النجار -الذي تولى رئاسة مجلس إدارة الأهرام قبل نحو ثلاث سنوات- احتجاجا على خطابات أرسلتها الهيئة الوطنية للصحافة لرؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية، تطالبهم بمراجعتها في أي قرارات مالية أو إدارية، وهو ما عدّه النجار “بقاء في المنصب بلا صلاحيات واعتداء على استقلال المؤسسات الصحفية”.
وسرعان ما قبلت الهيئة الوطنية للصحافة الاستقالة بإجماع الأصوات، في أول اجتماع لها الأربعاء الماضي.
ويفتح موقف رئيس مجلس إدارة أعرق صحيفة مصرية بابا لتساؤلات بشأن الدور الذي ستمارسه الهيئة الوطنية للصحافة خلال الفترة المقبلة داخل المؤسسات الصحفية، وأسباب التحكم في كيانات محسوبة على السلطة منذ عقود.
ويرى رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري أن قرار الاستغناء عن رئيس مجلس إدارة الأهرام “المستقيل” كان متوقعا، وهو ما جعل الرجل يبادر بالخطوة قبل إقالته.
وأوضح خضري أن النجار قدّم دعما إعلاميا قويا لصالح جهة سيادية معارضة لتوقيع اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين القاهرة والرياض خلال الشهور الماضية، مضيفا أن ذكاء النجار دفعه للمبادرة بتقديم استقالته قبل إقالته المتوقعة بسبب موقفه المعارض للاتفاقية”.
وعن دور الهيئة الوطنية للصحافة خلال الفترة المقبلة في تغيير القيادات الصحفية، قال خضري إن المؤسسات الصحفية المصرية سواء القومية أو الخاصة “بدأت مرحلة الانهيار منذ فترة، وتغيير رؤسائها أو القائمين عليها لن يغير من الواقع شيئا”، مبينا أن إنشاء هيئة لإدارة العملية الصحفية “ما هو إلا صراع أجهزة أمنية لإحكام السيطرة على المنظومة الإعلامية.
خطة للتصفية
من جهته، قال مؤسس نقابة الصحفيين الإلكترونية ومنسق المرصد العربي لحرية الإعلام أبو بكر خلاف إن “النظام الحالي لديه خطة ممنهجة لتصفية جميع المؤسسات الصحفية من أي أصوات معارضة، وتحويل وسائل الإعلام لأبواق تسبح بحمد السلطة”.
وأضاف خلاف “أن فشل النظام سياسيا واقتصاديا وأمنيا دفعه للمبادرة بمزيد من محاصرة الإعلام كخطوة استباقية، ويحاول تدارك حالة الانفجار الشعبي الوشيكة بالتخلص من أي عنصر معارض داخل الإعلام ربما يكون صوتا للرفض الشعبي في الفترة المقبلة”.
ولفت إلى موقف النجار المعارض لسياسات اقتصادية اتخذتها الدولة الفترة الماضية، مُذكرا بالخلاف الذي حصل بين النجار ورئيس تحرير الأهرام عبد الهادي علام، قبل أيام، الذي تسبب في تأخر طباعة الصحيفة، بسبب مقال للكاتب أحمد عبد التواب حول استهداف الإرهاب للمسيحيين، وهو ما نفاه النجار لاحقا.
وكان الصحفي المقرب من السلطة مصطفى بكري طالب على خلفية خلاف النجار مع علام بالقبض على الأول بدعوى أن تصرفاته تمس الأمن القومي.
وأشار أبو بكر خلاف إلى خطورة تصريح رئيس الهيئة الوطنية للصحافة بربط ضخ دعم مالي للمؤسسات بالتقييم الذي ستجريه الهيئة لها، متوقعا أن تلفظ الصحف بنفسها أي صحفي لديها لتضمن عدم منع الدعم عنها.
في المقابل، علق رئيس المجلس الأعلى للصحافة والإعلام مكرم محمد أحمد على استقالة النجار قائلا إن “هناك محاولات لإفشال جهد الهيئات الإعلامية التي تشكلت مؤخرًا”.
كما عدّ أسباب الاستقالة غير مقنعة، وإحدى المحاولات المستميتة لإفشال تجربة الهيئات الإعلامية. وقال مكرم إن النجار “كان على علم بأن وضعه في إدارة الأهرام قد انتهى، وأنه غير مرشح لتجديد رئاسته”.
الجزيرة