النظام الطائفي والموت ذلاً وحصاراً
- جعل النظام سوريا ساحة صراع لضباع وذئاب تنهشها.. أرضاً للآخرين لا لشعبها ثواراً كانوا أم أعداء للثورة!
- يود الاحتلال إذلال للنظام ويطالبه بالتخلي عن أصول الدولة السورية وحول سوريا لصندوق بريد لرسائله إلى خصومه.
- لماذا يصمت الاحتلال المزدوج تجاه الكوارث بينما تعاني مناطق احتلاله فلا يقدم مساعدات ولا يحل مشاكل اقتصادية؟!
- النظام قرر تدمير المجتمع السوري بعد الفتك بالدولة السورية وتدمير مؤسساتها، ومعها تدمير للحجر بعد البشر.
* * *
بقلم | أحمد موفق زيدان
كشفت الأيام الأخيرة عن حجم المآزق التي يعيشها النظام الطائفي في دمشق، وكشفت معها عن حجم الضغوط والابتزازات التي تمارسها قوى الاحتلال في دمشق، والذي لا يقوى على مقاومة تلك الضغوط، فضلاً عن معالجته أسبابها ومسبباتها.
رافق ذلك تململٌ شعبي ضده نتيجة افتقاد المواد الأساسية وتدهور قيمة العملة الوطنية السورية، وهو ما أدى إلى هزّات اقتصادية واجتماعية خطيرة على مستقبل العصابة.
ولم تنس روسيا في هذه الظروف العصيبة أن تسرّب صورة جديدة تزيد من إذلال بشار حين نشرت صورة للرئيس الروسي بوتين وهو محاط بقادته وجنرالاته وفي أقصى اليمين صورة لبشار الأسد وكأنه ضابط أو جندي يرافق الرئيس الروسي بوتين.
يتذكر السوريون بشكل عام، والسوريون الذين حوصروا بالأمس في ريف دمشق، حالتهم الرهيبة التي ستكون نقطاً سوداء في جبين البشرية والإنسانية، يتذكرون حالهم، ويستذكرون معها اليوم حجم الآلام التي عانوها، بينما كان الطائفيون يرقصون فرحاً على أنغام بكاء الأطفال وعويل الأرامل والمعذبين في ريف دمشق.
اليوم نرى طوابير من المقيمين بمناطق العصابة الطائفية المحتلة وهي تقف لساعات طويلة أملاً في الحصول على بضع ليترات من البنزين قد لا تكفيهم للوصول إلى البيت الذي غادروه من أجل الوقوف في هذه الطوابير الطويلة.
بينما كان البعض منهم يتظاهر سلبياً في هذه الطوابير ضد النظام الطائفي وسدنته، حين كانوا يلعبون الورق أو يحتسون الشاي منتظرين دورهم، في حين آثر البعض امتطاء الأحصنة والتوجه إلى الشوارع الرئيسية والساحات العامة.
ما يحصل أعاد إلى الذاكرة بالمقابل للحاضنة الاجتماعية فارق الحياة الذي تعيشه المناطق المحررة من توافر لكل المواد الأساسية وغير الأساسية وبأسعار منافسة.
وبالتالي بدأت شرائح كبيرة من تلك الحاضنة تعي وتدرك هوية سورية الحرة التي أراد شهداء الثورة ومعتقلوها وأحرارها أن يشدوا الجميع إليها؛ من حرية أولاً وأخيراً إلى وضع اقتصادي واجتماعي يليقان بالشام وأهلها.
ونحن هنا لم نتحدث حتى الآن عن الانهيار الأخلاقي والتعليمي والاجتماعي الذي تعيشه مناطق العصابة الطائفية، ومعه تسرّب أسئلة الامتحانات وغيرها من الرشى للأساتذة والجامعيين، وهو ما سيؤثّر ليس فقط على قطاع التعليم في المناطق المحتلة، وإنما قد يلقي بتأثيراته وتداعياته على هوية المجتمع السوري على المدى المتوسط والبعيد، وصورته أمام العالم كله.
هذا النظام الذي قرر تدمير المجتمع السوري بعد أن فتك بالدولة السورية قتلاً وتشريداً واعتقالاً، وتدميراً لمؤسساتها، ومعها تدمير للحجر بعد أن فتك بالبشر، تدمير سيكلف مادياً فقط مئات المليارات من الدولارات، فضلاً عن رهن الدولة السورية ربما لعقود مقبلة!
لكن السؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن: لماذا يقف الاحتلال المزدوج صامتاً تماماً تجاه هذه الكوارث وهو يرى مناطق احتلاله تعاني وتعاني، لا يقدم لها مساعدات، ولا يحل لها مشاكلها الاقتصادية التي ترزح تحتها؟!
اللهم إلا إذا كان الاحتلال يودّ المزيد من الإذلال للنظام ويطالبه بمزيد من التخلي عن أصول الدولة السورية، ويتنافس فيما بينه على سوريا بعد أن حوّلها الجميع إلى صندوق بريد يرسل من خلالها رسائله إلى خصومه وأعدائه…
هكذا أراد النظام سوريا، صندوق بريد، وأرض صراع لضباع وذئاب تنهش منها ما تريده وما ترغبه، أرضاً للآخرين ليست أرضاً لشعبها ثواراً كانوا أم أعداء للثورة…
* د. أحمد موفق زيدان كاتب صحفي وإعلامي سوري
المصدر: العرب – الدوحة
موضوعات تهمك:
عذراً التعليقات مغلقة