من دون سابق إنذار طلب من “ريم” التي تعمل في شركة قطرية إخلاء شقة تقطنها منذ عامين في الدوحة في غضون أسبوع والانتقال إلى فندق، لتكتشف أن الشركة المالكة ستؤجر مقر سكنها خلال المونديال بسعر خيالي.
“شعرنا بالذل والوضع كان أشبه بكارثة لأننا انتقلنا من منازلنا إلى غرف مفردة في فندق مع جميع أغراضنا في حقائب وصناديق كثيرة”.
“الإيجارات ارتفعت في بعض المناطق بمتوسط 40 في المئة خلال عام واحد”.
تعرض شقق في البرج الذي كانت تقطنه “ريم” بـ1700 دولار لليلة الواحدة، بشرط أن يكون الحجز لـ14 يوماً وما فوق. وعندما كانت “ريم” تعيش في المكان، كان إيجار شقتها 2500 دولار شهرياً، مما يعني أن القيمة الإيجارية قفزت من 2500 دولار إلى 51 ألف دولار، بنسبة ارتفاع تبلغ نحو 1940 في المئة.
قد تتدنى الأسعار في الأسابيع القليلة المتبقية قبل المونديال بعد أن تخلى الاتحاد الدولي لكرة القدم أخيراً عن آلاف غرف الفنادق التي قد كان حجزها مسبقاً لاستضافة لاعبين ومسؤولين.
“قبل انطلاق المونديال، سنذل مرة أخرى وننقل أغراضنا إلى مكان غير معروف لأن الفندق محجوز أيضاً للمونديال”.
* * * *
من دون سابق إنذار طلب من “ريم” التي تعمل في شركة قطرية إخلاء شقة تقطنها منذ عامين في الدوحة في غضون أسبوع والانتقال إلى فندق، لتكتشف أن الشركة المالكة ستؤجر مقر سكنها خلال المونديال بسعر خيالي.
حالها حال مستأجرين كثر يجدون أنفسهم ضحايا سباق مالكي العقارات من أجل تحقيق أرباح أكبر خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم، فيرفضون تجديد عقود انتهت مدتها في الأشهر الأخيرة، في حين يجد مستأجرون آخرون، وفق إفادات جمعتها وكالة “الصحافة الفرنسية”، أنفسهم أمام خيارين، إما تجديد عقود شققهم بإيجارات أعلى ولمدة تصل إلى سنتين أحياناً، وإما ترك منازلهم طوعاً.
وتقول “ريم” التي فضلت استخدام اسم مستعار، “شعرنا بالذل والوضع كان أشبه بكارثة لأننا انتقلنا من منازلنا إلى غرف مفردة في فندق مع جميع أغراضنا في حقائب وصناديق كثيرة”.
وكانت الشابة الثلاثينية المقيمة في الدوحة منذ أربعة أعوام تتوقع أن يتم تجديد عقد إيجار شقتها كالعادة، لكن إدارة الشركة التي تعمل لحسابها، والتي تأخذ على عاتقها تأمين مساكن للموظفين، أبلغتها مع العشرات من زملائها، بأن الجهة المالكة للبرج الذي يقطنونه لا ترغب في تجديد عقود الإيجار، وأن أمامهم أسبوعاً للمغادرة لأن شققهم “محجوزة خلال فترة المونديال على أساس يومي”.
كم تبلغ الزيادة بالقيمة الإيجارية وفق القانون؟
وتشهد العاصمة القطرية التي تتوقع تدفق أكثر من مليون زائر لحضور المونديال الأول في الشرق الأوسط والعالم العربي بين 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، و18 ديسمبر (كانون الأول)، طلباً مرتفعاً على الشقق وتسابق الزمن للتمكن من تأمين أماكن إقامة لمشجعي المنتخبات المشاركة.
ويقول مسؤول في شركة عقارية فضل عدم الكشف عن اسمه، إن “معظم الملاك القطريين يريدون الاستفادة من فترة المونديال، لذلك لم يرحموا” المستأجرين، معتبراً أن القاعدة الآن هي “الجشع في سبيل المال”. ويؤكد أن الدوحة تشهد ظاهرة ارتفاع أسعار الإيجارات بدءاً من 10 في المئة، وهي نسبة الزيادة المسموح بها قانوناً، إلا أنه شدد على أن هناك جهات مالكة لشقق وأبراج زادت الأسعار “بشكل جنوني”.
وتقدر رئيسة قسم الأبحاث لدى مجموعة “فالوسترات” الاستشارية الدولية في قطر، أنوم حسن، أن تكون “الإيجارات ارتفعت في بعض المناطق بمتوسط 40 في المئة خلال عام واحد”.
فيما ذكر دبلوماسي غربي، أن موظفين في سفارته طالبوا بزيادة رواتبهم ليتمكنوا من تحمل عبء ارتفاع الإيجارات مع الاستمرار في قيام أصحاب العقارات برفع القيمة الإيجارية خلال الفترة الماضية، فيما كشف عدد من المستأجرين عن أنه لم يكن لديهم خيار سوى القبول بزيادة على قيمة إيجارات منازلهم، بينما امتنع كثيرون عن الرد على الأسئلة.
على موقع “بوكينغ دوت كوم” الإلكتروني المتخصص بعرض غرف ومساكن للإيجار، تعرض شقق في البرج الذي كانت تقطنه “ريم” بـ1700 دولار لليلة الواحدة، بشرط أن يكون الحجز لـ14 يوماً وما فوق. وعندما كانت “ريم” تعيش في المكان، كان إيجار شقتها 2500 دولار شهرياً، مما يعني أن القيمة الإيجارية قفزت من 2500 دولار إلى 51 ألف دولار، بنسبة ارتفاع تبلغ نحو 1940 في المئة.
ويقول نبيل غرة (59 سنة)، وهو لبناني أميركي مقيم في جزيرة اللؤلؤة في الدوحة، “ارتفعت الإيجارات في الشهر الأخير، وستكون مرتفعة لفترة معينة”، مضيفاً “أشعر بأن هناك أناساً يستغلون الوضع، لكن هذا يحصل في كل أنحاء العالم عندما يكون هناك حدث بهذا الحجم. وأعتقد أننا ندفع ثمن ذلك”.
على المتضررين اللجوء إلى لجان فض المنازعات
في السياق ذاته، أقر مسؤول حكومي قطري بـ”ارتفاع الطلب” على المساكن خلال فترة المونديال، إلا أنه لم يعلق على الحالات الفردية. وقال إنه في إمكان كل مستأجر يعتبر أن بنود عقد إيجاره لم تحترم “أن يتقدم بشكوى لمكتب لجان فض المنازعات الإيجارية”.
وسيمكث مشجعون كثر قادمون إلى الإمارة الثرية الغنية بالغاز لحضور المونديال الذي كلف تنظيمه مليارات الدولارات، في فنادق أو شقق أو مخيمات في الصحراء أو على متن سفن، مقابل أسعار متفاوتة ومعقولة، إلا أن آخرين فضلوا الإقامة في منازل فخمة أو في شقق قريبة من الملاعب، بأسعار مرتفعة جداً.
وتشير البيانات المتاحة إلى أن متوسط الأسعار لاستئجار شقة لشخصين على موقع “إير بي إن بي” المتخصص في تأجير المساكن الخاصة، في الدوحة خلال فترة المونديال، يبلغ 2500 دولار في اليوم، و77 ألفاً لشهر. والحد الأدنى لاستئجار منزل أو فيلا لشهر المونديال في الدوحة يبلغ نحو 13 ألف دولار.
وتوضح شريكة في ملكية أحد الأبراج في الدوحة أن مالكاً قطرياً في البرج “طلب 11 ألف دولار لليلة الواحدة مقابل تأجير شقته”، مشيرة إلى أنه قرر “تمضية فترة المونديال في أوروبا” لإخلاء الشقة. ويروى المسؤول في الشركة العقارية، أنه أراد أن يستفيد بدوره، فعرض منزله على موقع “إير بي إن بي” ليؤجره لمشجعين، لكنه لم ينجح في ذلك لأن عقد الإيجار يمنعه من تأجير المنزل من دون موافقة المالك.
وخطرت فكرة تأجير المنازل “من الباطن” لكثير من المستأجرين، لكن محاولات كثيرة باءت بالفشل، وبين هؤلاء عادل (اسم مستعار) الذي عرض شقته المؤلفة من غرفة واحدة للإيجار على موقع “إير بي إن بي” منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي مقابل 900 دولار لليلة الواحدة، و”كان الطلب كبيراً جداً”، لكنه ما لبث أن تلقى رسالة من الموقع تطلب منه مستندات رسمية تثبت “عدم ممانعة” المالك، فاضطر لإلغاء الحجوزات.
وقد تتدنى الأسعار في الأسابيع القليلة المتبقية قبل المونديال بعد أن تخلى الاتحاد الدولي لكرة القدم أخيراً عن آلاف غرف الفنادق التي قد كان حجزها مسبقاً لاستضافة لاعبين ومسؤولين. أما “ريم” فلم تنته معاناتها وزملائها، إذ سيتعين عليهم مغادرة الفندق قريباً. وتقول “قبل انطلاق المونديال، سنذل مرة أخرى وننقل أغراضنا إلى مكان غير معروف لأن الفندق محجوز أيضاً للمونديال”.
موضوعات تهمك: