المكافأة الإلهية لكل التصرفات العدوانية .. هكذا تتشكل خصيصة بنائية خامسة وهى المكافأة الإلهية لكل التصرفات العدوانية التى تقود إلى سرقة الآخر واستباحة أملاكه وماله، ليتبلور بناء على ما سبق خصيصة بنائية سادسة استباحة قتل وسفك دماء الآخرين حيث يعتبر اليهود كل خارج عن مذهبهم غير إنسان، ولا يصح أن تستعمل معه الرأفة ويعتقدون أن غضب الله موجه إليه، وأنه لا يلزم أن تأخذ اليهود شفقة عليهم، وذكر فى كتاب التلمود (سنهدرين 1 ،92) “غير جائز أن تشفقوا على ذى جنة” وقال الرابى جرسون ليس من الموافق أن الرجل الصالح (يقصد اليهودى) “تأخذه الشفقة على الشرير غير اليهودى” وقال الحاخام أباربانيل: ليس من العدل أن يشفق الإنسان على أعدائه ويرحمهم (7).
فقتل موسى كما أمر الرب كل ذكر من بنى مدين وقتل جنوده ملوك مدين فوق قتلاهم وسبى بنو إسرائيل نساء مدين وأطفالهم ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكل أملاكهم وأحرقوا مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار وأخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم (عدد 31: 7- 12) وغضب موسى إذا لم يبق جنده على كل أنثى حية ، كان يريدوهن لبنى إسرائيل (عدد 31: 16) ونظراً لهذه الخيانة للرب فقد أمر أن يقتل من السبايا كل ذكر من الأطفال وكل امرأة عرفت رجلاً بمضاجعة ذكراً اقتلوها ، لكن جميع الأطفال و النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم حيات (عدد 31 : 17- 18) وهكذا فعل يوشع مع أريحا فيما عدا الزانية راحاب فحرموا كل من فى المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف (يوشع 6: 12 ) وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها ـ إنما الفضة والذهب وآنية النحاس والحديد جعلوها فى خزانة بيت الرب. (يوشع 6 : 2) وأما الزانية فقد سكنت فى وسط إسرائيل ( يوشع : 25)، وفيما عدا الذهب والفضة والأوانى التى توضع تذكاراً للرب فى خيمة الاجتماع وفيما عدا الزانية التى تسكن وسط إسرائيل.
وهذه الخصيصة هى ذاتها التى يعبر عنها حديثاً الحاخام كوك الأب الروحى للنزعة المسيانية فى الأصولية اليهودية قائلاً: “إن الفرق بين روح اليهود وأرواح غير اليهود أكبر وأعمق من الفرق بين روح الإنسان وروح البهائم ” (8) ويعبر الحاخام يهود أميتال عن هذه الخصيصة البنائية قائلاً : ” إننا نعلم إذن أن هناك تفسيراً واحداً للحروب فهى تهذب وتنقى الروح. فعندما يتم التخلص من الدنس، تصبح روح إسرائيل وبفضل الحرب نقية ـ إننا قمنا بالفعل بغزو الأرض، وكل ما تبقى الآن هو أن نقوم بغزو الدنس” (9).
ويضيف الحاخام أفنيرى: “إننا يجب أن نعيش فى هذه الأرض حتى بالحرب. علاوه على ذلك حتى لو كان هناك سلام، فإننا يجب أن نشعل حروب التحرير من أجل غزو هذه الأرض، وليس من المستبعد افتراض أن جوش أمونيم إذا ما امتلكت السلطة والوسيلة فإنها سوف تستخدم الأسلحة النووية من أجل محاولة تحقيق هدفها” (1) أما الحاخام دريفوس فقد عبر عن هذه الخصيصة قائلاً: ” إننا سوف نشعل حرباً لا تعرف الرحمة ضد الكيان الكنعانى الفلسطينى” (11)، هكذا يصير سفك الدماء خصيصة بنائية ضرورية للإبادة والمحو والإفناء منذ أن بارك الرب نوح وجعل سفك الدماء فريضة وسلوكاً إلهياً” سأسفك دم الإنسان بالإنسان يسفك دمه . لأن الإله على صورته عمل الإنسان. (تكوين 9 : 6)، كما أن “الإله يهوه ينتقل بنفسه من بيت إلى بيت وحيث كان لا يجد بيتاً مطلياً بالدم يقتل فيه الأولاد الذكور بلا تمييز بين ابن فرعون وابن أية أمة فى مصر، وحتى بكور المواشى لم تنج من عقاب يهوه” (12) فالإله هو إله الجنود ورب الجنود ، إذا انهزم الجنود انهزم الرب وإذا سقطت بنى إسرائيل سقط الإله، ولأنه إله بنى إسرائيل وحدهم فهو يحارب معهم ويسير أمامهم ويطرد من أمامهم الأغيار ويحل لهم القتل والنهب والسرقة ويذبح أمماً بأكملها وهو مسرور كإله للجنود من بنى شعبه، وتصور التوراة إله بنى إسرائيل قاسياً مدمراً متعصباً لشعبه وهو بهذا عدواً للآلهة الأخرى كما أن شعبه عدو للشعوب الأخرى ومن هنا فإن رب إسرائيل يأمر شعبه باستعباد جميع الشعوب ، وأن لا يبقى منها نسمة أبداً ، أى على الإسرائيليين أن يبيدوهم تماماً (13) “متى أتى بك الرب إلهك إلى الأرض التى أنت داخل إليها لتمتلكها وطرد شعوباً كثيرة من أمامك … لا تقطع لهم عهداً ولا تشفق عليهم” (تثنية 7ـ2).
المراجع:
7 ) المسيحيون والمسلمون فى تلمود اليهود ص 39.
8 ) الأصولية اليهودية جـ 1 ص 16.
9 ) نفسه جـ 2 ص 60.
10) الأصولية اليهودية جـ 2 ص 71.
11) نفسه جـ 2 ص 105.
12) الأسطورة والحقيقة فى التوراة ص 98.
13) د . محمد بيومى مهران ، دراسات فى تاريخ الشرق ـ 2 أسرائيل ، مطبعة الأمانة القاهرة ، 1983 ص 65.
موضوعات تهمك: