بينما يواصل الأسيران نزيه عثمان وإبراهيم أبو مصطفى -المصابان بأمراض القلب والكلى- إضرابهما عن الطعام، اضطر زميلهما في سجن عسقلان سعيد مسلم إلى وقف إضرابه بعد ثلاثة أيام من بدئه،
بسبب تدهور خطير في صحته ونقله إلى المستشفى عدة مرات.
وبعد أكثر من عشرة أيام على الإضراب المتواصل في سجون الاحتلال، الذي يشارك فيه أكثر من 1500 أسير فلسطيني لتحسين ظروف اعتقالهم، سمح الأربعاء لمحامي هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين كريم عجوة بزيارة الأسير مسلم الذي يعاني من مرضي القلب والضغط، ونقل في حالة حرجة إلى مستشفى برزلاي الإسرائيلي نتيجة إضرابه.
وقال عجوة إن مسلم -المحكوم عليه بـ18 عاما- خضع لعمليتي قسطرة خلال الشهور الأخيرة، وبات يتناول ثمانية أنواع من الأدوية يوميا كي يبقى على قيد الحياة.
وأبلغ مسلم المحامي أنه خضع لفحوصات طبية، ورفض أطباء السجون إبلاغه نتيجتها، وطالبت هيئة الأسرى إثر ذلك بإدخال طبيب لمعاينته ولم تتلق ردا، بينما يشتكي الأسير من إهمال طبي كبير.
وأخبر مسلم عن زميليه اللذين نقلا إلى العزل بعد إضرابهما ولم يسمح للمحامي بزيارتهما، وهما نزيه عثمان من نابلس وإبراهيم أبو مصطفى من غزة، اللذان نقلا إلى عيادة السجن عدة مرات، غير أنهما قررا المخاطرة ومواصلة الإضراب.
وقال إن عثمان خضع لعملية في القلب قبل فترة، وكان توقف عن تناول الأدوية من بداية الإضراب، وكذلك إبراهيم أبو مصطفى الذي يعاني من مشاكل في الكلى.
الحركة الفلسطينية
وفي عُرْف الحركة الفلسطينية الأسيرة أنه لا يسمح للأسرى المرضى بالمشاركة في الإضرابات الجماعية حفاظا على حياتهم، لأن المضربين يقاطعون الأدوية والفحوصات الطبية.
غير أن هيئة الأسرى أعلنت مشاركة سبعة منهم على الأقل في سجن عسقلان، منهم عثمان أبو خرج وياسر أبو ترك وأيمن الشرباتي وعبد المجيد مهدي.
وحسب الهيئة، فإن إدارة السجون فرضت سلسلة من العقوبات طالت الأسرى المرضى الذين التحقوا بالإضراب، وتمثلت في مصادرة الأجهزة الكهربائية والملابس والأغطية، قبل أن تخضعهم لمحاكمات داخلية وتفرض عليهم الغرامات المالية.
وقدمت المنظمات الحقوقية التماسا الخميس للمحكمة الإسرائيلية العليا من أجل السماح للمحامين بزيارة المضربين عن الطعام، وذلك بعد منع إدارة السجون لقاء المضربين.
وقال المحامي عجوة إن المطلوب استئناف الزيارات، خاصة للأسرى المرضى. وذكر أن المضربين عموما دخلوا جميعا في مرحلة تعب شديد وفقدان الوزن ويعانون من الغثيان والصداع الدائم.
العزل بعد الإضراب
من ناحية أخرى، تقول عائلة الأسير المريض محمد براش من مخيم الأمعري للاجئين (قرب رام الله) إنه سيلتحق بالإضراب بعد أيام، لكنه أوقف تناول الأدوية منذ عدة أيام إسنادا للمضربين، كما قمع الاحتلال شقيقه رمزي المعتقل معه ونقله إلى العزل بعد إضرابه.
ويعبر شقيقهما سعيد براش عن القلق الشديد على حياتهما، إذ يعاني محمد من فقدان بصره وإصابات في أطرافه أدت إلى بتر أحد قدميه جراء تعرضه لمحاولة اغتيال قبل اعتقاله عام 2002، ويعاني شقيقه رمزي من قرحة في المعدة، وكلاهما محكوم عليه بالسجن المؤبد.
ومؤخرا، أصيب محمد براش بمرض في القلب، وتقول عائلته إنه لا يتلقى العلاج اللازم، كما أنها طلبت تدخل طبيب من خارج السجن لمعاينته عبر مؤسسة أطباء بلا حدود وعدة منظمات دولية، غير أن الاحتلال لم يوافق على ذلك، وسمح لوالدته بزيارته منذ شهرين بعد وقت طويل من المنع.
وحسب نادي الأسير الفلسطيني، يحتجز في سجون الاحتلال المئات من الأسرى المرضى، لكن نحو 120 منهم يعانون من أوضاع صحية خطيرة، وبحاجة لعمليات جراحية وتدخل علاجي عاجل.
ويحتجز عشرون أسيرا بصورة دائمة في مستشفى سجن الرملة مكبلين بأسرّتهم أو على الكراسي المتحركة، وبينهم مرضى بالسرطان وأمراض مستعصية، ولا يتلقون العلاج الطبي اللازم، حسب شهادات الأسرى والمنظمات الحقوقية.
الإفراج عن المرضى
وأدرج الأسرى مطلب الإفراج عن المرضى ووقف سياسة الإهمال الطبي وإغلاق مستشفى سجن الرملة بوصفها شروطا أساسية لوقف إضرابهم.
وتسجل البيانات الرسمية استشهاد أكثر من مئتي أسير فلسطيني في سجون الاحتلال خلال العقود الأخيرة، بينهم 58 أسيرا قضوا بسبب ما يعرف بسياسة الإهمال الطبي.
ويقول رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس إن معلومات شحيحة تصل عن مصير الأسرى المضربين عامة، وعن المرضى خاصة، بسبب منع زيارة المحامين.
لكنه قال إن بعض المرضى -وهم الحلقة الأصعب في الإضراب- قرروا المشاركة كمناضلين مثل باقي الأسرى، وكذلك لتسليط الضوء على معاناتهم.
وقالت النائبة خالدة جرار -التي أفرج عنها قبل شهور من سجون الاحتلال- إن مشاركة الأسرى المرضى في الإضراب تدل على الأوضاع المأساوية التي يعانيها الأسرى في ظروف غير إنسانية مع غذاء سيئ ودون علاج.
الجزيرة