المزاعم الصهيونية الكاذبة لإمتلاك الواقع والتاريخ
تعتبر الاستراتيجية الصهيونية المتبلورة والمتمثلة بقوة فى الجمع بين المتناقضات فى بنية واحدة ” القانون الكلى التلفيقى ” للجمع بين المتضادات للأصولية الصهيونية وتبرير صراعات القوى وعلاقتها العدائية المتنوعة والمتضاربة فيما بينها بهدف المحافظة على المصالح الكهنوتية والطبقية المتصارعة والمتناقضة حنى تدعى ملكيتها للتاريخ والجغرافيا والبشر ومن ثم تحكم سطوتها على الواقع وعلى الآخر ولتشكل برنامجا لاهوتيا عنصريا، تتجلى فيه ، وبه العنصرية الصهيونية الإسرائيلية كمقولة يتلبسها التعالى وتدعى امتلاك المطلق التاريخى فتغتصب لنفسها من المصادر المختلفة بما فيها من أحداث وصراعات ما تريد أن تؤكده لنفسها وما تؤكده عن الآخرين، من الكينونة القاطعة والجازمة التى لا ترتهن إلا بذاتها ولا تتحول ولا تتغير، ثابتة مستقلة ـ كما تزعم وتدعى ـ عما يدور حولها وبغض النظر عن علاقاتها بالواقع الإنسانى، فتختزل التفكير العقلى وقدراته التقويمية وتوقفها عن الإنتاجية وتأخذها إلى منتهى القداسة رغم انحرافات العقيدة وتناقضاتها التى تنفى هذه القداسة.
بل وتتبدى العنصرية حينما تجد هذه التناقضات والانحرافات، التبريرات التى تجعل منها مطلقاً مقدساً لا يقبل المعارضة أو المناقضة، ثم هى تسمى السرد التاريخى رغم ذلك بالوحدة، وتجعل من تناقضه التاريخى وتناقضه العقلى وبنائه الأسطورى المستعار موضوعاً لخصوصية مزعومة ونمطاً فوقياً جامداً يكون مبرراً لدعاوى اللا مساواة والتمييز والعنصرية التى تجعل من التصرفات الإجرامية والإرهابية ضد الأغيار ضرورة للحفاظ على هذه القبيلة الذهبية والتى ينقسم عندها البشر والشعوب إلى شعب أعلى وحيد متفرد وشعوب دنيا.
وتجعل من السرد التاريخى كنص مقدس بغض النظر عما هو قد ثبت انحرافه وانفضاح كذبه ونهبه لتراث الشعوب الأخرى وموروثاتها، لتحقيق التعالى عليها، وتشكيل قوة تفرض نفسها على الواقع الإنسانى على اعتبار أنها تاريخه الأول الذى تشكلت منه كل التواريخ الأخرى، وحصلت فيه إرادة الإله واتحد معه بحيث لا يبقى مجالاً للشك فيتجلى اليقين اليهودى المزعوم ويستقيم ذهن القبيلة الذهبية، ويزداد اعتقادها بعنصريتها وتميزها عن البشر ويصبح للامتداد التاريخى المزعوم والموسوم بالأبدية نوع من “الارتداد الرجعي” الشاذ القائم على أن النص التاريخى المزعوم بوحدته المزعومة والمقدسة قد تحقق بتحقق السلف والإله ، وامتدا كما هما فى الحاضر بصفات وراثية عنصرية وحدت بين اليهود باختلاف الأزمنة والأمكنة.
وهذه الصفات الوراثية المزعومة تصير علة وجود السرد التاريخى وعلة الوجود العنصرى الإسرائيلى الذى يتعذر قيام هذا الوجود بدونها، وتصير كذلك علة الحكم على ما عداها بكونها فوق البشر ويصير التاريخ الإنسانى عندها ليس حصيلة نشاط البشر أو ظروفهم الموضوعية، وإنما التاريخ يصير نتاج حركة المقدسين الذين اختارهم الإله واصطفاهم وجعلهم أمة مقدسة من الأنبياء والكهنة، يسعون إلى تطبيق الوعد الإلهى بامتلاك الأرض وأكل كل الثروات وسلبها كامتداد تاريخى مقدس منذ “الأمر الإلهى” بسلب المصريين ولا يتوقف السلب إلى ما هو مادى وإنما امتداده الإلهى المقدس إلى كل تراث الإنسانية، فجمع بين المتناقضات فى كل واحد وبنية واحدة، معدداً المصادر التى انتهب منها تاريخه وخالقاً انتصارات مقدسة مزعومة،
وصانعاً من انحرافاته العقائدية نسقاً بنائياً أسطورياً عنصريا ينفى تماما الآخر بقتله ومحوه.. وهكذا يتمركز الصهيونى حول التوراة والتلمود كأيديولوجيا تشكلها القيم اللاهوتية والتى أصبح بها اليهود خارج قوانين التاريخ التى تسرى على الجميع ولا تسرى هذه القوانين عليهم ، وأصبحت “إسرائيل” على حد رأى بن جوريون: دولة تضم ” الشعب الكنز “منارة كل الأمم، و كما يرى أحاد هعام: “الأمة السوبر”، عاملها أزلى كما يرى المفكر الصهيونى الاشتراكي نحمان سيركين، وديمقراطيها أزلي كما يرى لويس يرانديز أو كما يسمون أنفسهم ” عم عولام ” الشعب الأزلي ” وعم نيتسح “الشعب الأبدى”، و “عم قادوش”،، “الشعب المقدس”.
موضوعات تهمك: