المراهق يصعب عليه اتخاذ القرار .. كيف نساعده؟
يعاني المراهق الصغير من صعوبة اتخاذ القرارات حتى في الأمور اليومية البسيطة من مثل ما يأكل، وما يلبس، وهذا التردد أمام القرارات ناتج عن القدرة المكتسبة حديثاً لدى هذا المراهق على التفكير الافتراضي، حيث أصبح لديه قدرة على أن يُبقي في ذهنه أفكاراً كثيرة في الوقت نفسه، وبالتالي يكون أمامه احتمالات كثيرة يختار منها، ويشبه (ديفيد إلكند) ذلك بحيرة الطفل عندما يطلب منه أبوه أن يختار نوعاً من الحلوى، أو الشكولا في دكان الحلوى، ويقول: إن المراهق دكان الحلوى في رأسه، ويحتار أيها يختار.
وعندما يضطر المراهق إلى اتخاذ قرار، فإنه كثيراً ما يأتي باختيارات قد تبدو غريبة للكبار. فالفتاة التي تحتار فيما تلبس للمدرسة، تسأل النصيحة ثم تختار عكس ما اقترحته أمها، والفتى الذي يصر على ارتداء معطف شتوي في جو حار، وعلى خلعه في جو بارد. ويذكر ديفيد إلكند مثالاً آخر من واقع المجتمع الأمريكي، وهو إدمان المراهقين والمراهقات الوجبات السريعة، ويعلل ذلك أن الوجبات السرعة تتطلب قرارت قليلة، وبأنه ما إن يقرر المراهق وجبة مفضلة، حتى يشعر أن المشكلة انحلت وللأبد، بينما تقدم قائمة الطعام في المطعم خيارات عديدة، وكثيراَ ما يحل المراهق المشكلة بأن يختار في المطعم وجبة هي الأقرب إلى وجبته السريعة التي اعتاد عليها.
والفرق بين المراهق والراشد في هذا المجال هو مقدار الخبرة في صنع القرارات، إذ نتيجة هذه الخبرة فإن الراشد يكتسب قواعد، واستراتيجيات لصنع القرار؛ فعلى سبيل المثال، يقرر البعض ما يلبس حسب مزاجه ذلك اليوم، والبعض الآخر يستخدم طريقة التناوب الدوري، كأن يلبس مشاركة لونية مختلفة كل يوم، والبعض قد يلبس حسب التقويم، كأن يلبس البني يوم السبت، والأزرق يوم الأحد.
أما المراهق الذي لم يضع لنفسه قاعدة، ولم يكتسب استراتيجية تعينه على اتخاذ القرار، فسيجد صعوبة في تقريره ما يلبس ذلك اليوم.
ومن جهة أخرى فإن الكبار يستفيدون من حالاتهم المزاجية لتحديد القرار الذي يتخذونه، فلو أخذنا مثال اللباس، فإن الذي يحس بالكآبة قد يرغب في ارتداء ثياب زاهية لتوازن مزاجه، وتحسن منه، أما الذي يحس بالرضا والسرور لشيء فعله، أو حصل له، فقد يرغب في تناول وجبة في مطعم ذي إطلالة جميلة، وقد يرغب من يحس بالوحدة في مشاهدة ملهاة رومانسية تنعش معنوياته.
وهكذا فإننا نرى الإنسان في هذه الأمثلة المسوقة من واقع المجتمع الأمريكي يصغي إلى حالاته الوجدانية، ويقرر بناء عليها، أما المراهق فغير قادر على ذلك لسبيين:
الأول: أنه يعيش الوجدانات، والعواطف المختلفة، لكنه غير قادر على تحديدها بالدقة التي يحددها الكبار؛ لذا يمكن أن تكون اختياراته محيرة للكبار، كأن يختار مشاهدة فيلم حزين عندما يحس بالكآبة.
والسبب الثاني: أن مشاعره تتبدل بسرعة إلى حد أن اختياراته المستندة إلى مشاعره في لحظة ما، قد لا تتناسب مع مشاعره في اللحظة التالية.
لكن بازدياد الخبرة لدى المراهق فإنه يكتسب المزيد من القدرة على تمييز مشاعره، أو أمزجته أو تحديدها، ووصفها وتسميتها بأسمائها، كما انه بمرور الوقت، وبالنضج المتزايد تختفي منه التأرجحات العاطفية السريعة، وتغدو حالاته الوجدانية أكثر استقراراً .
ومن المفيد للمراهق أن نساعده على تمييز مشاعره، وتحديدها، ووصفها، بأن نقترح عليه ما نعتقد أنه يحس به، كأن يقول الأب لابنه الذي بدا له كئيباً: (إنك تبدو مكتئباً بعض الشيء، هل تحب الذهاب للتسوق معي، أو أن تذهب لنتمشى في المنتزه؟).
إن مثل هذه العبارة تعلم المراهق كيف يصف، ويسمي حالة وجدانية يحس بها وقد لا يدري ما هي، وماذا تدعى.
وإن مساعدة المراهقين في تمييز مشاعرهم، وتحديدها من الأهمية بمكان، بحيث لا يقل أهمية عن مساعدتهم على تحديد أفكارهم، وفهمها.
موضوعات تهمك:
كنز من المعلومات في قسم بنون حول تربية الاطفال والمراهقين، بقلم المفكر الاسلامي استشاري الطب النفسي الدكتور محمد كمال شريفة ننصح كل أب وكل أم ان يطلعوا عليه الرابط هنا
عذراً التعليقات مغلقة