المثقف الحقيقى هو القادر على أن يقول كلمة الرفض
بقلم: مستشار التحرير….. أحمد عزت سليم
يعرف الثقافة دافيد روتكوبف بأنها : ــــ ” نموذج كلي لسلوك الإنسان ونتاجاته المتجسدة في الكلمات والأفعال وما تصنعه يداه ، وتعتمد على قدرة الإنسان على التعليم ونقل المعرفة للأجيال التالية ” ، ويرى مسعد العربيد أنه وبالرغم من أن التعريف الشائع يؤكد عوامل التفاعل والتعايش المشترك في تشكيل ثقافة مشتركة كحالة جمعية ، فانه يؤكد ، في هذا الصدد ، على أمرين أساسيين : ـــ
ا ـ أولهما ، أن نشوء الثقافة وتطورها واكتمالها يتم عبر عملية تاريخية تتفاعل فيها التجارب المشتركة .
ب ـ والأمر الثاني ، هو أن الكثير من الباحثين ، يجمعون على دور ” العامل الاجتماعي ” أو ” النظام الاجتماعي ” في نشأة وتكوين الثقافة … إلا أن هذه المفاهيم تظل عائمة حيث أنها لم تتناول البعد الانتاجي ( الطبقي ) في هذه المسألة والذي يشكل عاملاً أساسياً في تكون الثقافة والمثقفين …. والمقصود هنا، بشكل أكثر تحديداً ، هو دور عملية الانتاج في المجتمع والعلاقات الناتجة عنها في تكوين الثقافة والمثقف وكذلك دور المثقف في العملية الانتاجية … فكل تشكيلة إجتماعية ـ إقتصادية تخلق ثقافتها ونسقها القيمية الخاصة بها وبهذا تصبح الثقافة ( والمثقف ) معبّرا عن مصالح طبقة معينة ، سواء كانت حاكمة أو محكومة ، مضطَهَدة أو غير مضطَهِدة ، و ـــ في هذا المقام نعرف ” المثقف ” كما قدمه المفكر العربي ” د. فهمي هويدي ” وهو : ـــ ” أن المثقف هو كل من تسلح بالمعرفة ووعى طبيعة عصره وعبرعن ضمير أمته , وشرعيته لا تقاس بحجم معارفه وإنما بمقدار التزامه الأخلاقي إزاء مجتمعه ” ، وهنا يؤكد الدكتور هويدي على أهمية الدور الأخلاقي الكبير الذي يقع على عاتق المثقف في بناء مجتمعه وحمل رسالته ” ، و ـــ كما يرى العلامة الراحل الدكتور حامد ربيع فإن المثقف يجب أن يعرف من خلال وظيفته ودوره السياسى وأن المثقف يتميز بأنه قد ربط وجوده ومصيره بمجموعة معينة من القيم ، وهو من هذا المنطلق تصير وظيفته أساسا هى التقييم ثم اتخاذ المواقف الواضحة الصريحة المعبرة عن هذا التقييم ، وأيا كان فإن مهمته الأصلية أن يحدد ويضع شيئا من النظام فى تلك الفوضى الفكرية التى يعيشها العالم المعاصر وطبقة المثقفين كما يرى تتجمع فى روافدها عناصر وظيفية ثلاثة : ـــ أنها تمثل الذكاء بمعنى القدرة على فهم الحقائق وتلمس الخفى من الظاهر ببعد نظر وقدرة ، و ــــ هى تمثل الشعور بالانتماء القومى فى أرقى مظاهره ، ثم هى تعبير عن الوعى الجمعى الحقيقى فى آماله وآلامه ، والجسد الكلى للطبقة المثقفة هو مرآة المجتمع السياسى …. فى فهم الحقائق ، فى التعبير عن الآلام ، فى صياغة الآمال ، لذا فالمثقف الحقيقى هو صاحب المواقف هو القادر على أن يقول كلمة الرفض ويوم أن يجرى وراء الحاكم يلهث للحصول على رضاه فإنه يكون قد خان وظيفته و يخلص محمد عادل شريح فى كتابه : ـــــ ” ثقافة فى الأسر ” إلى تعريف الثقافة في سياقها العربي بأنها تعني : ــ ” النشاط الواعي والمتقن الهادف إلى المعالجة والتقويم ، أي التثقيف ، وأنها فعل يمثل مبدأ الحركة في إطار المنظومة الأشمل والأكبر و ـــ هي الوحدة الحضارية المعينة والتي تبدو أكثر ثباتا ورسوخا في التاريخ ” ، وبحسبه تشتمل كافة الحضارات الإنسانية على مستويات / مكونات أربعة ، وهي : ـــ ما يفيد المعنى الوجودي وغايته ـ و ـــ ما ينبثق عن هذا المعنى من منظومات قيم حقوقية ، وأخلاقية ، وجمالية ، واجتماعية ، وسياسية ـ وما ينبثق عن منظومات القيم هذه من مؤسسات فكرية ( علوم ومعارف ) ، واجتماعية ( كالأسرة والقبيلة ) ، وسياسية ( كأنماط الحكم المختلفة ) ، وأخلاقية ( كمحددات للسلوك الإنساني ) ، وجمالية ( كالتعبيرات الفنية المختلفة ) ، وأخيرا هناك مستوى اللحظة الآنية ( مستوى الفعل والبناء ) والذي تندرج ضمنه ” الثقافة ” بطبيعة الحال .
موضوعات تهمك: