الكيان الصهيونى وصل فى ظل الأنظمة العربية إلى كل بيت
ينعم الكيان الصهيوني العنصرى “الإسرائيلي”، مع عمالة الكثير من الأنظمة العربية، بالشرعية والحماية والرعاية والدعم والمساندة الفورية والاستراتيجية ، وينعم بتدفق المساعدات والتعويضات المالية الضخمة كما ينعم بالتعويض البشرى عن أية خسائر تلحق به، فينتعش بالتهجير والإحلال ويحيا بالهجرة إليه ويتجدد ثم هو ينعم بتنظيم يهودى عالمى يتكفل ليس فقط بتحقيق أهدافه وإنما بتسييدها فى ظل نظام عالمى استعمارى جديد يضع اليهود مهما يرتكبون من مجازر وجرائم دموية فوق البشر أجمعين ويتعرض كل من يتناول المسألة اليهودية.. إلى افتراس وتمزيق كلاب الحراسة اليهودية ، فاليهود معصومون من النقد.. هذا هو قانون اليهود فليس من الجائز توجيه النقد إلى اليهود.. إن هذا محظور كما يرى ليونيل كرانا ولكن على حد تعبير موشيه سيملانسكى: “إن الصهيونية تعتبر العمل الواحد حقاً وصواباً إذا قامت هى به، وخطأ غير مشروع إذا قام به غيرها” وهو القائل إن القومية اليهودية فى فلسطين مبنية على أنانية عسكرية من العنف، وبعيدة كل البعد عن الإنسانية ، هذا هو المقصود بالصواب الصهيونى.
إن الصراع العربى- الصهيونى هو صراع يتعارض فيه الوجود العربى بالوجود الصهيونى بعيداً عن الحلول التلفيقية التى تؤجل حسم الصراع والتى تأتى نتيجة اختلال ميزان القوى لصالح العدو الصهيونى والذى يعرف جيداً بأن ما بين النهر والبحر لا يمكن أن تسود إلا سيادة يهودية أو عربية ويتغلب فيها من يتحلى بالإرادة الأكثرعزماً والرؤية السياسية الأكثر وضوحا ، كما عبر عن ذلك الصهيونى مارتين شارون ، وكما أن كل الحلول والتسويات التى تم غرسها فى المنطقة لم تأت بالسلام ، وإنما أطلقت يد “إسرائيل” فى التسوية والغزو والعدوان، ورداً على سؤال حول البيئة الاستراتيجية التى تقوم عليها “إسرائيل” فى ظل اتفاقيات السلام ، أجاب إيهود باراك: “إسرائيل ” القوية .. القوية جداً ، لأعوام طويلة مقبلة حتى بعد أن نتوصل لاتفاقيات السلام.. أقوياء فى جميع النواحى .. وهذه القوة ستكون الضمان لاستمرارنا “لقد وصلت القوة ” الإسرائيلية ” هذه فى ظل الأنظمة السياسية العربية المتعامية عن مصالح شعوبها والجاهلة بحقيقة الصراع إلى كل بيت من خلال الشراكة الاقتصادية وتسليم مشروعاتها إلى المستثمرين اليهود فى إطار التعاون الرأسمالى العالمى والذى سلمت به هذه الأنظمة قبل حل المشكلة وقبل السلام الدائم الذى ما فتأت تعلن سعيها إليه ، وقبلت لعب دور الوسيط والوكيل الدائم للسيطرة الاحتكارية العالمية على مقدرات شعوبها فقبلت تسليم أراضيها لإقامة القواعد العسكرية وقبلت تعديل مناهجها التعليمية وحذف بعض آيات القرآن الكريم من مناهجها التعليمية وكل ما يتعلق بـ “إسرائيل” العدو منها، وكما قال نيتانياهو: إن مصير العرب واليهود سيتحدد فى المدارس والجامعات وقاعات تحرير الصحف ، والمساجد ، وقال ساسون: لا بد من تلقين الجماهير فى مصر من خلال حملة تثقيفية مدروسة ومحسوبة.
هكذا كان الهدف من السلام هو الاستسلام الكامل ومحو ذاكرة شعوب الأمة العربية وتاريخها.
وينبغى أن نؤكد أن العدو الصهيونى “الإسرائيلى” لا يمكن مواجهته إلا فى إطار الروح النقدية الموضوعية والعقلانية التى تمكننا من مجابهته حضارياً فى إطارعلاقته بالغرب الأمريكى الاستعمارى ، وبالديمقراطية التى تجعل الشعوب أداة للتغيير وأداة للمقاومة، وذلك فى إطار التراث العربى الإسلامى العظيم الذى يمجد العلم ويؤمن بتعدد الشرائع والمناهج ويمجد العقلانية ويمجد المقاومة، وهذه العوامل ذاتها هى التى يجرى تغييبها عن الواقع العربى من الأنظمة الحاكمة بأساليبها السلطوية القهرية ، وبمساندة من قوى الغرب الاستعمارى ، ودعمه لها حتى تبقى فى مواقع السلطة، وبالتالى بقاء حالة التغييب ، تلك الأنظمة التى حولت الصراع بعد اتفاقيات كامب ديفيد وطورته بتخاذلها من مجرد صراع مع “دولة” مجاورة معتدية إلى مجرد صراع – يبدو دائماً وليس مؤقتا – على بنود اتفاقيات سلام مزمع توقيعها بين ” دولة ” ودول أخرى مجاورة لها وكل منهما يتهدد الآخر، كما تتوهم هذه الأنظمة – فتبدو هذه الـ “دولة”- “إسرائيل”- فى بحر العداء الذى يحيط بها من كل جانب وقد أضحت الضحية التى يجب أن يدافع عنها الجميع.
هكذا صار الحال بعد هذه الاتفاقيات وبعد اتفاقية أسلو ووثائق كوبنهاجن وجنيف وخريطة الطريق، ثم أن كلا الطرفين يسعيان سعيهما الحثيث من أجل توقيع اتفاقيات مرحلية أو دائمة لإقامة السلام والتعاون المسمى بالمثمر والبناء بين الجميع ويقع العرب والأنظمة العربية تحت وطأة “الجميع” الذى يدافع عن الـ “دولة” الضحية وبرعاية راعية السلام قائدة الحركة الاستعمارية الجديدة وهى الولايات المتحدة الأمريكية، ثم تحول ذلك الصراع تحت وطأة كل هذا على نحو ما نراه الآن إلى صراع بين ضحية تدافع عن نفسها وقلة إرهابية منبوذة ــ متناحرة فيما بينها ــ من هذا “الجميع” ومعه إجماع الدول العربية ــ وبين الـ “دولة” الضحية رمز الحضارة الغربية الأمريكية ، التى تحارب الإرهاب الفلسطينى ضمن معركة الغرب العالمية ضد الإرهاب.
موضوعات تهمك: