صراع بين التلفزيون والراديو .. السينما والمسرح
معركة التلفزيون الّتي أعلنها على الراديو إثر انطلاقه في منتصف القرن الماضي سبقها معركة السينما على المسرح وخيال الظل على الحكواتي. الترفيه و الفن لهم أدواتهم المختلفة تتنوع على مدار العصور و لأن هدف هذه الوسائل هو الجمهور قام الصراع بينهما في محاولة لسيطرة الأحدث على الأقدم وفرض نفسه على الساحة الفنية كوسيلة أجدر من سابقاتها. فيصارع الأقدم بكل الوسائل للإبقاء على جماهيريته، و لأن الجماهير تنجذب دوماً للوسيلة الأحدث تجد الوسيلة الأقدم نفسها في ورطة و لا بدّ لها من تطوير نفسها و محاكاة الواقع الجديد بأية طريقة و هذا يحتاج إلى وقت قد يمتد طويلاً يعتقد البعض أن نجم الوسيلة الأقدم قد أفل و عصره قد مضى الصراع هذا تكرر تاريخياً مراراً عدة عروض كركوز و عواظ الّتي طغت على الحكواتي و من ثمّ وجدت نفسها في موقف ضعيف أمام عروض المسرح الّذي اعتلى قمة الهرم الفني قبل أن يسلّم الراية للراديو ومن ثمّ إلى السينما. وفي منتصف القرن الماضي أطلّ التلفزيون وتسلم الراية لمدة طويلة و تفرّد بالساحة الفنية عصره امتد حتى مطلع القرن الحالي واستمر منافسا إلى حد ما حتى بعد أن وصل الكومبيوتر و تمدّد بأجنحته المختلفة ( برامج – عروض – ألعاب – نت …الخ) و ما تفرّع عنه من مدونات ومواقع ألكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي التي أخذت بلب الناس و احتلّت الصدارة الجماهيرية بجدارة و لقيت تفاعلاً عظيماً و متابعة شديدة كونها مكان للحوار يستقبل الآراء كما يطرحها و هو مكان يتسع للجميع و من بين هذه الوسائل برز الفيس بوك .. وجه الكتاب هذا شكّل منافسة على الكتاب بحد ذاته و خاصّة الكتاب الورقي الّذي وجد نفسه في مأزق و خاصّة مع ظهور مايسمى الكتاب الالكتروني (PDF)
الكتاب الورقي والكتاب الألكتروني
الورق الّذي صمد بوجه كل الوسائل الفنية الّتي سادت في الحقب الماضية بل فرض نفسه عليها كعنصر أساس لتغذيتها فكيف يمكن أن نرى فيلماً بلا رواية أو مسلسلاً بلا سيناريو أو برنامج بلا خطّة و حتّى أغنية أو مقطوعة موسيقية بلا كلمات و نوطة و كلّها لا بدّ أن تسطر على الورق …الذي مازال الكثير يعتبرونه الوسيلة الأجدر لاحتواء المخزون الثقافي والذي لايتخيلون له بديلا فمن ثناياه فقط تعبق ريح الفكر والابداع.
أما اليوم ونحن نعيش عصر النت والذكاء الاصطناعي و تطبيقاته الالكترونية التي تكاد تطبق الخناق على كلّ الوسائل الفنية التي ظهرت عبر التاريخ وتشن حرباً تطلق فيها النار على كل من يعتبر نفسه أداة للإعلام والثقافة بما فيها الكتاب الورقي الّذي صمد طويلاً وتأقلم في كل الظروف ووجد له دورا في كل المراحل فهل يعيد اعتباره في هذه الحقبة أيضا.؟ أم نحن قادمون على عصر لا ورق فيه وما تخطه أنامل المبدعين يحشره المبرمجون في شريحة الكترونية صغيرة أو ضمن حساب الكتروني في هذا العالم الافتراضي…؟؟!!!
عذراً التعليقات مغلقة