بوتين حاكم ديكتاتوري لم يتعلم من الماضي
أمريكا مع ترامب تعيش أسوا عصورها السياسية
الحملة الروسية علي سوريا تنتهي بحل سياسي
أكد العميد أركان حرب صفوت الزيات، الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي، أن روسيا وقعت في الفخ الذي تم نصبه لها بعناية فائقة من قبل الدول الأوربية والولايات المتحدة وأنها أصبحت غير قادرة علي الخروج من المستنقع السوري إلا بخسائر فادحة.
وألمح الخبير الإستراتيجي في حواره لـموقع الساعة 25 إلى أن روسيا ستخسر كثيرا في الفترة المقبلة إذا ما زادت من عنادها مع استبسال المقاومة السورية عبر الدعم من بعض الدول التي تريد للمقاومة الانتصار وستكون سوريا أقسي بكثير من أفغانستان.
الكثير والكثير من المعلومات والحقائق الخطيرة سنتعرف عليها مع الخبير الاستراتيجي المصري العميد أركان حرب صفوت الزيات من خلال الحوار التالي.
كيف تنظر إلى إسقاط إسرائيل للطائرة الروسية في سوريا ؟
الوقت الحالي أصبحت السماوات مليئة بالعديد من طائرات الدول الأوربية والأمريكية والعربية وأسلحة هنا وهناك ، وفي ظل هذه الأمور المعقدة كنا نتوقع أو ننتظر هذه الأمور أن تحدث لا سيما مع حالة الفوضى التي يعيشها الشرق الأوسط منذ الربيع العربي الذي بدا لبعض الدول الأوربية أنها فرصة سانحة لبسط نفوذها علي بعض الدول العربية مما خلق حالة من العداء بين هذه الدول إضافة إلي الدور الروسي المشبوه في سوريا ووقوفه مع إيران صفا إلى جانب المجرم بشار ضد المقاومة السورية التي تطالب بالاستقلال وإبعاد بشار الأسد ، فكل هذه الظروف خلقت حالة استعداء واضحة يمكن من خلالها أن تكون سقوط الطائرة الروسية حالة طبيعية لوضع الشرق الأوسط حالياً.
من خلال ما قلته هل ترى أن الحادث متعمداً أم غير متعمد ؟
يمكن القول أن الروس لديهم أخطاءً كثيرة منها على سبيل المثال مساندتهم ووقوفهم بجانب بشار المجرم،و تغاضيها عما ترتكبه إسرائيل ، وبالطبع خلال الحروب تكثر الأخطاء أو لنقل محاولة إسرائيلية لضرب سوريا بروسيا لتخرج مستفيدة من الموضوع تحت مسمى “ضرب خطأ”
الغريب أن الموقف الأوربي يحاول استغلال مثل هذه الحوادث ذريعة لزيادة التواجد داخل سوريا ومقاتلة المقاومة السورية الشرعية بدلا من طرد بشار الأسد ، من هذا ما رأيناه مؤخرا في التعاون البحري والجوي لفرنسا بإرسالها حاملة الطائرات شارل ديجول عبر السواحل السورية لقصف بعض مناطق العراق تارة وضرب المقاومة السورية تارة أخرى مما يُشكل مددً لوجستياً لبوتين.
كيف ترى صورة بوتين العالمية؟
بوتين حاكم ديكتاتوري مثله مثل باقي حكام العالم الثالث لكنه يمتلك أسلحة نووية ومتطورة ، لكن الأمر لا يعدو عن تحرر بوتين من القيود الأوربية التي فُرضت عليه منذ فترة ويعرف كيف يستغل الظروف المواتية حوله ويُخرج ما في جعبته دون قيود من طائرات ومقاتلات وتوجيهها إلى المقاومة السورية تحت سمع وبصر الأمم المتحدة الصامتة في إطار الحرب علي الإرهاب كما يزعمون ، ومع كثرة اختراقه للمجالات الجوية في محاولة منه لبسط نفوذه على المنطقة ومنع الأمريكان من الاقتراب من هذه المنطقة نهائياً ، ولضرب معاقل الدولة الإسلامية داعش من ناحية أخرى وضرب المقاومة السورية التي باتت تمثل له صداعاً من ناحية ثالثة فلابد أن تحدث أخطاءً تنجم عنها إسقاط طائرات أو تدمير مدفعية والمشكلة أن بوتين أُصيب بالعته لشعوره بالإهانة البالغة في عدم تحقيقه أي نصر علي المقاومة السورية التي استطاعت إحراز تقدماً واضحاً في العديد من المناطق السورية رغم أسلحتها التقليدية في مواجهة الدب الروسي
وماذا عن التلميحات الروسية من بوتين برغبته في ملاحقة الإرهاب في أي دولة مجاورة؟
كما قلت ، فإن بوتين شخص ديكتاتوري فقد عقله بعد المستنقع الذي وقع فيه بسوريا ولذلك دائما تراه يميل إلى التهديدات والبيانات مثله مثل ترامب حاليا ، ودائما ما نسمع نحن العرب كل فترة تهديدات من الرئاسة الروسية بالتلويح بهجمات صاروخية على المعارضة الروسية وحماية بشار الأسد بإمداده بأسلحة دفاعية أو هجومية أو حتى غض الطرف عن استخدامه أسلحة محرمة دوليا وغض طرفها عنه في مجلس الأمن مستخدمة الفيتو وهو ما يمكنان نشير بجلاء انه في حال استمرار الوضع هكذا فربما يشعل المنطقة حتى نصل إلى حرب إقليمية أو عالمية ثالثة .
فالرئيس الروسي بوتين مشكلته أنه يحاول دائما رؤية تأثير تصريحاته باستخدام المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة في الدفاع عن أراضيه وشعبه بضرب معاقل الإرهاب في الدول الراعية له وهو أمر لا يمكن أن يستخدمه منفرداً لكنني أتخوف وبشدة من بوتين لأنه يحكم روسيا يشكل فردي ولديه من الأسلحة ما يمكن أن يُدمر العالم .
برأيك ما الخطأ الذي وقع فيه بوتين حتى الآن ؟
الخطأ الذي وقع بوتين فيه وهو غير مستعد للخروج منه الآن هو أنه أوقع نفسه في فخ الأوربيين بان دخل في حرب استنزاف مع المعارضة السورية ولم يكن مؤهلا لها رغم أن حرب أفغانستان ماثله أمامه ، فهو الآن في حرب لا يعرف متى ستنتهي ، وبوتين يتصرف كديكتاتور ورأيه من رأسه ولا يُشرك معه أحدا وبالتالي ستكون الخسائر أكبر بكثير مما حدث للجيش السوفيتي إبان حربه مع الأفغان ، في ظل المعاونة والمساعدة اللوجستية والعسكرية من بعض الدول للمقاومة السورية التي تسعى إلى إبادة الجيش وطرد بشار مما أعطى تقدما واضحة للمعارضة في مناطق سورية أعطتهم نحو تشكيل منطقة آمنة برعاية أمريكية تركية وهو ما يشير إلى الصمود الرائع للثورة السورية.
أين الدور الأمريكي في مواجهة روسيا بقضية سوريا؟
أمريكا في الأساس لا يهمها في المنطقة سوى استمرار تدفق النفط الخليجي وعدم المساس بإسرائيل وأخيرا منع صعود أي نظام نشيط يمكن أن يؤثر علي وجودها ونفوذها في المنطقة ، وفي سبيل ذلك نرى أن الحكومات الأمريكية المتعاقبة لن تتعاطى مع الأزمة السورية أو إيجاد حلاً جذرياً للأزمة على الأرض حتى بعد توقيع الاتفاق النووي 2015 ، أو بعد أن انسحبت منه أمريكا في مايو 2018 ، فالأمر لديها واحد لن نسمح بوجود من يهددنا وطالما الأمر باق كما هو فلماذا ندخل حروباً ليست تخصنا.. هذا هو شعار الأمريكان في هذه المرحلة .
برأيك ماذا عن التمدد الإيراني؟
التمدد الإيراني بدأ بالفعل عقب توقيع الاتفاق النووي 2015 ، أيام الرئيس السابق أوباما ، والذي بدأت معه القوى العالمية مستريحة نسبياً لوجود مخرج تجاري لأسلحتها وموادها التجارية مما ينعش اقتصادها وهكذا أمريكا ، وإيران رأت في الاتفاق انفراجه لمبالغ طائلة كانت أمريكا قد استولت عليها وجمدتها في البنوك الأمريكية ، وهكذا تصبح مقايضة .
أما الآن ، ورغم دخول ترامب الحلبة الأمريكية المجنونة وكم التصريحات التي يتحدث بها طوال اليوم عبر الأحاديث الصحفية أو عبر توتير ،إلا أن الأمر لن يختلف كثيرا ، لان توازنات السياسة لها حسابات أخرى، فإيران تعبث بسوريا من خلال الدعم الروسي ،وتركيا تقف على حدودها لمنع تسلل عناصر إرهابية،وسوريا تدك حصون المعارضة بمباركة بشار المجرم مستخدمة الطائرات سوخوي 24 وكأنها في حرب مع دولة أخرى ، وأمريكا تهدد السعودية في الوقت نفسه وتطالبها بدفع مبالغ رهيبة من اجل الدفاع عن عروشهم … وبين ذلك وهذا تستمتع إسرائيل بالمشهد لتضرب طائرة روسية وتقول أنه بطريق الخطأ ، أو تستمر في افتتاح مفاعل نووي سري وتطلق تهديدات صريحة للعرب وإيران .. نهاية المشهد المعقد أن أمريكا لن تتدخل حربياً إلا إذا تهددت مصالحها أو مصلحة ربيبتها إسرائيل.
فطالما أن المسلمات الأمريكية لم تُمس من قبل أية قوة علي الأرض السورية فهي لن تتدخل إلا بالقدر الذي يحفظ سيادتها ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط فقط ، لكنها تعلمت درس العراق جيدا وبالتالي فلن تغامر بقوات برية أو جوية في حرب الشوارع بين الجيش السوري والمقاومة .
متى تنتهي الحملة الروسية لملاحقة الإرهاب المزعوم في سوريا ؟
الحملة الروسية علي سوريا ستنتهي قريباً لكنها ستكون بحل سياسي طبقا لشروط المعارضة السورية مع وجود واستمرار الدعم القطري التركي السعودي والذي سيجبر الأسد علي التخلي عن منصبه ، وإن كانت أصعب الأشياء التي ستواجهنا مستقبلا هو “ما سنفعله فيما بعد ” فمع تغير الجغرافيا السورية سنكون أمام خارطة جديدة وهو ما يربك حسابات أمريكا ويجعلها تخشي تغير الواقع مثلما حدث في العراق فأكتوي الجميع بنيران الفوضى
أقرا/ي أيضا
خبير بالشئون الإيرانية في حواره للساعة 25: ما يحدث في سوريا تمهيد لنشوب حرب عالمية