أثبتت العديد من الدراسات الحديثة أن هناك علاقة وثيقة بين نقص فيتامين د والاكتئاب. حيث يعتقد الخبراء أن ما بين 1٪ و 3٪ من البشر يعانون من الاضطراب العاطفي الموسمي، كما اثبتت الدراسات أن النساء تتعرض بشكل أكبر لتلك الاضطرابات وبخاصة في فصل الشتاء.
ليصبح السؤال الأهم الأن ما إذا كان فيتامين (د) نفسه له أي تأثير على الاضطراب العاطفي الموسمي، وما إذا كان تناول فيتامين (د) خلال أشهر الشتاء يمكن أن يحسن أعراض الاكتئاب. هذه هي الموضوعات التي سنناقشها فيها في هذا المقال، ونبحث في الأدلة والأبحاث العلمية المنشورة….
المحتويات
العلاقة بين نقص فيتامين د والاكتئاب
نقطة الانطلاق في رحلتنا هي ما إذا كان هناك أي دراسات علمية أثبتت العلاقة بين تناول فيتامين (د) والاكتئاب بشكل عام.
لتقييم هذا الارتباط، جمعت عيادة نفسية عينات دم من مرضاهم. ثم تم مقارنة تركيز فيتامين (د) مع الاشخاص الأصحاء. أظهرت نتائجهم أن حوالي 58٪ من مرضاهم النفسيين يعانون من نقص في فيتامين (د)، ولكن متوسط مستوى فيتامين (د) في عيناتهم كان أقل بنسبة 29٪ من الأشخاص الأصحاء بشكل عام.
دراسة مماثلة في هولندا نظرت في حالة فيتامين (د) في المتقاعدين. على الرغم من وقت فراغهم الأكبر (وبالتالي القدرة على قضاء الوقت في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس)، لوحظ وجود علاقة واضحة بين مستويات فيتامين (د) واضطرابات الاكتئاب. في المتوسط ، تم العثور على مستويات أقل من فيتامين (د) بنسبة 14 ٪ في أولئك الذين تم تشخيصهم بالاكتئاب.
أخيرًا، نظرت إحدى الدراسات الأوسع نطاقًا تم اجراءها على حوالي 8000 أمريكي. ووجدوا أيضًا دليلًا قويًا على وجود صلة بين فيتامين (د) والاكتئاب، قائلين إن “احتمال الإصابة بالاكتئاب لدى الأشخاص المصابين بنقص فيتامين (د) أعلى بكثير مقارنة بأولئك الذين لديهم مستويات طبيعية.”
بشكل عام إذن، يمكننا القول بأمان أن الدراسات لاحظت مرارًا وتكرارًا وجود روابط مذهلة. العلاقة لا تساوي بالضرورة العلاقة السببية. فهل يسبب الاكتئاب بشكل طبيعي انخفاض مستويات فيتامين (د)، أم أن انخفاض مستويات فيتامين (د) يزيد من فرص الإصابة بحالات الاكتئاب؟ وبنفس القدر من الأهمية، هل يمكن لزيادة مستويات فيتامين (د) عن طريق المكملات الغذائية تقليل أعراض الاكتئاب؟
هل مكملات فيتامين د تحسن من الاكتئاب؟
سعت عدد من الدراسات إلى فهم أفضل علاج لحالات الاكتئاب. قارنت إحدى الدراسات، على سبيل المثال ، تأثير مكملات فيتامين (د) مع تأثير العلاج بالضوء. ووجدوا أنه بينما تحسنت مستويات فيتامين (د) في كلا المجموعتين، شهدت المجموعة التي تتناول مكملات فيتامين (د) تحسينات أكبر بكثير. وخلص الخبراء إلى أن “فيتامين (د) قد يكون علاجا هاما لحالات الاكتئاب العامة وحالات الاكتئاب الموسمي بشكل خاص.
دليل آخر على هذا التأثير يأتي من تحليل صغير نسبيا حيث تم تزويد مرضى الاكتئاب إما بفيتامين D أو قرص وهمي. والجدير بالذكر أن هذا النظام بدأ في أواخر الشتاء، عندما تميل مستويات فيتامين (د) إلى أدنى مستوياتها بالدم. أظهرت النتائج أن فيتامين D3 “بشكل ملحوظ” أدى الى تحسن كبير فى أعراض الاكتئاب لدى المتطوعين.
في مكان آخر، أخذ 441 من سكان النرويج إما 20.000ius من فيتامين (د) أو دواءً وهمياً، بينما خضعوا لعمليات تقييم منتظمة لـلاكتئاب على مدار عام. أظهرت النتائج أن “تناول جرعات عالية من فيتامين (د) يبدو أنه يخفف من أعراض الاكتئاب، مما يشير إلى وجود علاقة سببية محتملة.”
أخيرًا، على الرغم من أن معظم الأبحاث شملت مكملات فيتامين (د) عن طريق الفم، استخدم تحليل واحد من إيران حقن فيتامين (د) كطريقة لزيادة نسبة الفيتامين بالدم. تم تزويد 120 مريضا يعانون من الاكتئاب وضعف فيتامين (د) بجرعة هائلة تبلغ 300000iu من فيتامين (د). وجد العلماء أن “تصحيح نقص فيتامين (د) حسّن حالة الاكتئاب لدى هؤلاء المرضى”.
في حين أن هذه كلها نتائج إيجابية، يجب القول إن ليس كل العلماء متفقون ولا تظهر جميع الأبحاث هذه النتائج الساحقة. لا يزال تأثير فيتامين (د) على الاكتئاب والاضطراب العاطفي الموسمي مثيرًا للجدل، حيث يدعي أحد الدراسات التحليلية المدروسة جيدًا أن “الأدلة الحالية لا تثبت بشكل قاطع أن … فيتامين (د) علاج فعال للاكتئاب”.
إذن ماذا نفكر؟ في حين أنه من الخطأ القول بشكل قاطع أن مكملات فيتامين (د) تساعد على علاج الاكتئاب أو الاضطراب الموسمي العاطفي، إلا أن هناك أدلة تشير إلى أنه يمكن أن يساعد في العديد من الحالات.
الفوائد الصحية الأخرى لفيتامين (د)
يحتوي فيتامين (د) على مجموعة متنوعة بشكل مدهش من الآثار الإيجابية على الجسم. إلى جانب القدرة على تخفيف أعراض الاكتئاب، قد يجد الأفراد الذين يتناولون مكملات فيتامين (د) بانتظام فوائد أخرى مصاحبة.
بعض الفوائد الأكبرلفيتامين (د) يمكن أن تشمل:
قوة الهيكل العظمي
ربما يكون فيتامين (د) مشهورًا لدوره في الحفاظ على أسنان وعظام قوية. يقوم بذلك عن طريق تسهيل امتصاص الكالسيوم من الطعام، حيث يمكن استخدامه كقاعدة بناء رئيسية في الهيكل العظمي. في حالة انخفاض فيتامين (د) يكون الشخص معرض بشكل أكبر للكسور وتسوس الأسنان.
النساء بعد انقطاع الطمث أو الأفراد الأكبر سناً هم الاكثر احتياجاً لتناول مكملات فيتامين (د).
تقوية المناعة
يكتشف العلماء على نحو متزايد أن فيتامين (د) يساعد على الحد من الأمراض المعدية، وربما يكون ذلك أحد الأسباب التي تجعل السعال ونزلات البرد أكثر انتشارًا في أشهر الشتاء على الأقل. إذا كنت عرضة للإصابة بأحد الأمراض المعدية، فيجب عليك تناول مكملات فيتامين د.
وظيفة القلب
لاحظ العلماء منذ فترة طويلة أن هناك صلة بين ارتفاع ضغط الدم وانخفاض نسبة فيتامين (د). على الرغم من أن العلاقة المباشرة ليست مفهومة تمامًا بعد، إلا أن أي شخص مهتم بصحة القلب ينصح بتناول مكملات فيتامين د لضمان مستويات فيتامين د المناسبة في الجسم.
العلاجات البديلة للاكتئاب
بينما يبدو أن فيتامين (د) يمثل علاجًا “طبيعيًا” واعدًا لـلاكتئاب، إلا أنه ليس الخيار الوحيد. في الواقع، قد يوصي بعض الخبراء على الأرجح بالحلول التالية قبل النظر في مكملات فيتامين (د).
المعالجة ضوئية
يمكن أن يكون التعرض للضوء الساطع فعالاً للغاية في العديد من حالات الاكتئاب وبخاصة الاكتئاب الموسمي المرتبط حدوثه بفصل الشتاء. لا تتفق الدراسات مع معدل النجاح الكلي، لكن يشير البعض إلى أن ما يصل إلى 75 ٪ من المرضى يحسون بالتحسن نتيجة لهذا العلاج البسيط.
على أي حال، هذا هو واحد من العلاجات الموصى بها بشكل متكرر من قبل الأطباء المتخصصين. النتائج يمكن أن تكون سريعة بشكل مدهش. حيث أبلغ العديد من المرضى عن حدوث تحسن في أقل من أسبوع إلى أسبوعين من العلاج.
مضادات الاكتئاب التقليدية
يمكن أن تكون مضادات الاكتئاب التقليدية فعالة للغاية في حالات الاكتئاب العامة وحالات الاضطراب العاطفي الموسمي، ولكن بالطبع يمكن أن تأتي أيضًا مع بعض الآثار الجانبية السيئة. يجب أخذها فقط بناءً على نصيحة طبيبك، الذي سيفحصك بالضرورة لضمان ملاءمتها.
أهمية استشارة طبيبك
لنكن واضحين: الاكتئاب هو حالة ‘طبية خطيرة. نتيجة لذلك، لا ينبغي أن يتم التعامل معها بأقل من حجمها. في حين أن هناك من يختارون إضافة نظامهم الغذائي العني بفيتامين (د) كعلاج طبيعي، فمن المهم أن تسعى للحصول على رعاية طبية إذا كنت تعاني من أي شكل من أشكال الاكتئاب.
سيكون طبيبك قادرًا على قياس مدى خطورة حالتك واقتراح أفضل مسار لحالتك الخاصة. قد يشتمل هذا على أي أو كل العالجات التي تمت مناقشتها في هذه المقالة. من المهم أيضًا استشارة الطبيب قبل تناول أي مكملات إذا كنت تتلقى أي علاج طبي آخر، لضمان عدم حدوث آثار جانبية سلبية.
الاستنتاج النهائي
إذا كنت تعاني من الحزن والاكتئاب، فهناك العديد من طرق المساعدة المتاحة. يجب أن يبدأ هذا دائمًا بزيارة الطبيب الذي قد ينصح بمجموعة من العلاجات المختلفة.
اذا لم تتحسن حالتلك بالرغم من تناول الأدوية المضادة للأكتئاب، فهناك العديد من الأبحاث أثبتت أن فيتامين (د) قد يساعد في التخلص من أعراض الاكتئاب
قد يهمك أيضا:
عذراً التعليقات مغلقة