الصورة تبدو بائسة تماما إذ تزداد إشارات العاصفة السياسية في العراق احتداما وعنفا.
تجمّعت في شخص نوري المالكي كل مثالب “الطبقة السياسية” التي أطلقت الشعارات ضدها وهو ما دفعه لنشر صور له مسلحا.
اعتقد «الإطار التنسيقي» المؤلف من الأحزاب والميليشيات الشيعية أن الباب انفتح لتشكيل حكومة تأتمر بأمره إثر قرار كتلة مقتدى الصدر الانسحاب من البرلمان.
حتى لو أراد المالكي صد الصدريين بالسلاح فلن يكون بموقع المقرّر النهائي كما كان زمن رئاسته للوزراء ولن يجد رضا إيران وأمريكا وقادة الميليشيات الشيعية.
تجاوزت مطالب المتظاهرين رفض مرشح المالكي ونادت بدستور جديد، وحل مجلس القضاء الأعلى، وتغيير النظام ليتم انتخاب الرئيس مباشرة وتشكيل حكومة انتقالية لمحاكمة «جميع المسؤولين».
* * *
مع تقلبات الطبيعة الفظيعة التي تشهدها المنطقة العربية، والعالم، من حرّ شديد غير مسبوق، وفيضانات جارفة في عدد من البلدان، تزداد إشارات العاصفة السياسية في العراق احتداما وعنفا.
توضحت معالم هذه العاصفة بعد إعلان كتلة «الإطار التنسيقي» المؤلفة من الأحزاب والميليشيات الشيعية، تسمية مرشّح لرئاسة الوزراء مقرّب من زعيم حزب «الدعوة» نوري المالكي، بعد أن اعتقد «الإطار» أن الباب انفتح لتشكيل حكومة تأتمر بأمره إثر قرار كتلة الزعيم السياسي الشيعي مقتدى الصدر الانسحاب من البرلمان.
تجهّزت قيادات «الإطار» إثر الانسحاب المذكور، مع بعض الحلفاء من المكونين السنّي والكردي، لعدّ المكاسب والغنائم من كراسي الوزارات التي سيجري تقاسمها، لكن الذي حصل أن «التيار الصدري» فاجأهم بخطوة كبيرة لم يتمكنوا، على ما يظهر، من صدّها، حيث تمكنت جماهير التيار من دخول حواجز «المنطقة الخضراء» المحصنة والمحروسة عسكريا وأمنيا، واقتحام البرلمان لمدة ساعتين إلى أن أطلق زعيمهم تغريدة تقول إن رسالتهم «أرعبت الفاسدين فصلوا ركعتين وعودوا لمنازلكم سالمين»!
فهمت الأطراف السياسية العراقية الرسالة فعلا، وبدلا من التنديد باقتحام البرلمان، قال الرئيس برهم صالح، المحسوب على «الاتحاد الوطني الكردستاني» ومرشح «الإطار» للاستمرار بالرئاسة إن «التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق مكفول دستوريا، فيما دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المتظاهرين إلى السلمية و«الالتزام بتعليمات القوى الأمنية المسؤولة عن حمايتهم».
مطالب المتظاهرين تجاوزت بكثير قضية تسمية مرشح لرئاسة الحكومة قريب من المالكي، ورفعت شعارات كتابة دستور جديد، وحل مجلس القضاء الأعلى، وتغيير النظام ليتم انتخاب الرئيس بطريقة مباشرة، وتشكيل حكومة انتقالية مهمتها محاكمة «جميع المسؤولين».
رغم تصريحات المسؤولين السياسيين الكبار الهادئة فإن خطورة هذه الخطوة الجماهيرية (والرمزية) كانت واضحة لدى الشخص الذي تجمّعت في شخصه كل مثالب «الطبقة السياسية» التي أطلقت الشعارات ضدها، وهو نوري المالكي، وهو ما دفعه لنشر صور له مسلحا.
تتواجه بهذه الطريقة صورتان متعاكستان: الأولى لمتظاهري التيار الصدري وهم خلف مقعد رئيس البرلمان، بما يعنيه ذلك من كون هذه السلطات تنبع من الجماهير التي يفترض أن تمثلها، والثانية للمالكي وهو يحمل بندقية آلية ويحيط به عدد من الحرّاس المسلّحين.
يفترض بصورة المالكي أن تخدم وظيفة التحدّي، وأن تستعيد أيام زعيم حزب “الدعوة” حين كان الآمر الناهي في العراق، الذي تحميه قوات الجيش الأمريكي، من جهة، وإيران، ونفوذها الكبير في العراق، من جهة أخرى، وحين خاض ما سمّاه “صولة الفرسان” ضد “جيش المهدي” التابع لمقتدى، وهي الواقعة التي وجدت صدى لها في التسريبات المنسوبة للمالكي عبر الحديث عن شن هجمات على النجف وضرورة إراقة الدماء!
غير أن الصورة بدت بائسة تماما، ولا تتناسب مع واقع الحال، فحتى لو أراد المالكي العمل على صد تيار الصدريين بالسلاح، فإنه لن يكون في موقع المقرّر النهائي في هذا الأمر، كما كان الحال أيام رئاسته للوزراء، ولن يجد، على الأغلب، رضا من قبل إيران والأمريكيين، أو من قادة الميليشيات الشيعية.
المصدر: القدس العربي
موضوعات تهمك: