العتب على الفلسطينيين بأثر رجعي
- دعونا نرى ما يريده المطبّعون أن نتراجع ونتنازل ونبيع قضيتنا، أو قل نقبل بالتفاوض مع العدو.. فماذا يا ترى سنجني؟
- إنها أرضنا يا سادة فلماذا نفاوض أو نناقش؟! ونفاوض على ماذا؟ قد يقول أحدهم اقبلوا بالأمر الواقع، لكننا نجيب ولماذا نقبل؟
- ماذا سنجني من الخنوع؟ إنه احتلال.. إنه غزو.. إنه انتزاع لما نملك من أراضي ولن نقبل عنها بديلاً.
- العدو الصهيوني رفض المبادرات العربية للسلام فكيف نلوم الفلسطينيين أو ندعوهم للندم وهم لم يحصلوا على “قطرة” من بحر حقوقهم؟
*****
بقلم | أحمد الحناكي
يعتقد بعض السياسيين أو غير السياسيين العرب، أن من أسباب عدم وجود حلول للمعضلة الفلسطينية إنما يعود إلى أن الفلسطينيين لم ينتهزوا الفرصة منذ البداية. واستمر هذا المسلسل، ففي كل عقد أو عقدين يقلل العدو الصهيوني من تنازلاته المزعومة حتى وصل الأمر إلى ما نراه الآن..
وهو أن الكيان المحتل بدأ يكسب اعترافات في أحقيته بالجولان السوري وبعض المناطق البحرية اللبنانية، فضلاً عن نيته بسط نفوذه على الضفة الغربية بعد أن حصل على اعتراف أميركي بالقدس عاصمة له، إضافة إلى دول أخرى مؤيدة.
ومع كامل الاحترام لمن يعتقد ذلك، حرصاً على قضية فلسطين، وكامل عدم الاحترام لمن يعتقد ذلك وهو لا يؤمن بقضية فلسطين، فإن الأمور لا تفسر بهذه البساطة.
من حيث المبدأ؛ فإن النقاش حول أراضي محتلة لا يجب أن يحدث مهما كان ضعف صاحب الحق، وبالتالي، إن الأمر برمته كان احتلالاً لا يقبل النقاش أو التفاوض أو الجدل بأي حال من الأحوال.
إنها أرضنا يا سادة فلماذا نفاوض أو نناقش؟! ونفاوض على ماذا؟ قد يقول أحدهم اقبلوا بالأمر الواقع، ولكننا نجيب ولماذا نقبل؟ ماذا سنجني من هذا الخنوع؟ إنه احتلال.. إنه غزو.. إنه انتزاع لما نملك من أراضي يا كرام، ولن نقبل عنها بديلاً.
نعم، ربما كنا ضعفاء الآن، بل إننا بالفعل ضعفاء، ولكن ما لم نستطع صنعه، سيصنعه أبناؤنا وبناتنا، وما لم يستطيعوا هم فعله، فإن أحفادنا أو حتى أحفاد أحفادنا يستطيعونه. المهم، ألّا نقدم للصهاينة شيكاً مفتوحاً يوقعون فيه ما يشاؤون.
ومع كل هذا، دعونا نرى ما يريده المطبّعون، أن نتراجع ونتنازل ونبيع قضيتنا، أو قل نقبل بالتفاوض مع العدو… فماذا يا ترى سنجني؟
انظروا إلى ما يحدث في غزة، حصار وتهديم وتمزيق في بقعة صغيرة من الأرض تحولت إلى سجن كبير للفلسطينيين، فهل هذا ما نريد؟
يقول البعض أن مقترح الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة بتقسيم فلسطين قوبل برفض شديد وصل إلى حد اتهامه بالعمالة والخيانة، وأن الفلسطينيين يتحسرون الآن على ما اقترحه!
لكن يغيب عن بال البعض أن مقترحه آنذاك كان ضعيفاً في ذلك الوقت بالمقاييس التي يراها الفلسطينيون، أي أن كل ما اقترحه أو عرضه الكيان المحتل منذ نشوئه حتى يومنا هذا كان “فتاتاً” من الخبز مقابل سلة من الخبز بمقاييس القوة والعدل والمنطق والعدالة.
صحيح أن اتهام الحبيب بورقيبة بالعمالة أو غيرها كان مشيناً، غير أن اقتراحه اتباع سياسة المراحل في القضية الفلسطينية أسوة بتلك التي اتبعها في تحرير تونس كان فاشلاً، فالقضيتان مختلفتان تماماً، إذ إن الفرنسيين لديهم دولة وأرض يعودون إليها وهو ما حدث.
أما الكيان المحتل، فلا دولة ولا أرض له، إنما يهود من دول مختلفة أرادوا أن يستوطنوا فلسطين كمحتلين لها لاعتبارات تاريخية، كون القدس مدينة جمعت بين الديانات الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية). وبناء على ذلك، قدموا وفي نيتهم ألا يرجعوا مهما كانت الظروف، إلا إذا اقتلعهم نضال الفلسطينيين ومن معهم من العرب.
في آب (أغسطس) 1981 أعلن الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، عندما كان ولياً للعهد، مبادرة من 8 نقاط للسلام، إلا أن الكيان الصهيوني رفضها، معتبراً على لسان وزارة خارجيته أن إسرائيل ترى في الاقتراح السعودي خطة لتدميرها على مراحل.
وبموجب هذا الاقتراح فإن الاعتراف بإسرائيل تبعاً لذلك ليس سوى وهم، وأن هذه الخطة تناقض اتفاق “كامب ديفيد”. المملكة سحبت المشروع بعد ثلاثة أشهر لرغبتها بأن تكون المبادرة تحت إجماع عربي.
وفي أذار (مارس) 2002 أطلق الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز مبادرة عربية للسلام في قمة بيروت العربية بعد شبه إجماع عربي، لكنها أيضا قوبلت باستهانة وتجزئة من العدو الصهيوني ورفض غير مباشر، وبغض النظر عن الفلسطينيين، فإن العدو كان يرفض أي اتفاق لا يعطيه الحق من نصيب الأسد في الأراضي الفلسطينية.
العدو الصهيوني رفض كل المبادرات العربية للسلام، وبالتالي كيف نلوم الفلسطينيين أو ندعوهم لـ”عض” أصابع الندم على تفريطهم، وهم في الأساس لم يحصلوا على “قطرة” من بحر حقوقهم؟
* أحمد الحناكي كاتب صحفي سعودي
المصدر | الحياة
موضوعات تهمك:
«صفقة القرن»: الجميع يكسب إلا الفلسطينيين
الانقضاض على حق العودة الفلسطيني
عذراً التعليقات مغلقة