مع أفول 2021 ثمة مؤشرات متفائلة قد تساعد البشر في تعزيز الأمل بتغيّرات إيجابية أو تسمح بتوازن بين المشاعر السلبية والإيجابية!
ينتظر 2022 مزيد من كوارث الاحتلال والعنصرية وموجات اللجوء ومالم يتغيّر هذا المنطق السياسيّ جذريّا فسيكون العالم على شفا هاوية سحيقة!
أظهر الوباء هشاشة البشر أمام الموت وطبائع التضحية والأثرة والرغبة في المساعدة العابرة للحدود وطبائع العنصرية والأنانية والانغلاق ولوم الآخر والعداء.
لم يتمكن قادة العالم من وضع حدود كافية لمجابهة خطر كبير آخر يتهدد البشرية وهو احترار المناخ وتداعياته تصحرا وجفافا وفيضان بحار وأعاصير وكوارث.
صورة متشائمة للكوكب على خلفيّة نزاعات سياسية كبرى تتهدد بأعداد متزايدة من قتلى وضحايا ونازحين ولاجئين ولا تعطي أملا منظورا بانتهاء طرق النخب السياسية في حكم بلدانها.
إحدى الحلقات المشجعة إغلاق أمريكا ملف ترامب أحد كبار المساهمين في ربط الاندفاع الأهوج لدعم طغاة العالم والعنصرية ضد الشعوب بتجاهل خطورة الوباء والانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ.
* * *
إذا أخذنا في الاعتبار أن العدّاد الرقمي الذي يعتمده جلّ البشر في العالم يتحضّر، خلال أيام، لإعلان قدوم سنة شمسية جديدة، وتخيلنا أن أخبار العالم المتواترة بمثابة شاشة كبيرة تعطي مؤشرات على أوضاع البشرية، فإن الانطباع العامّ سيميل لرؤية 2021، التي تقترب من الأفول، بشكل تشاؤمي، على الصعيدين السياسي والإنساني، لكننا سنلمح، بالتأكيد، بضعة مؤشرات متفائلة، قد تساعد البشر في تعزيز الأمل بتغيّرات إيجابية، أو تسمح بتوازن بين المشاعر السلبية والإيجابية.
إحدى الظواهر التي فرضت تأثيرها الخطير على الإنسانية، وذكّرت البشر بمحدودية قدراتهم في مواجهة الطبيعة، كانت الموجة الجديدة من جائحة كورونا، وذلك بعد ظهور متحور أوميكرون الذي انضم إلى المتحوّرات السابقة في كسر قابلية العلاج واللقاح، وأضاف عليها قدرته على الانتشار السريع، فعزّز كثير من الدول من قيود السفر والحركة، وألغت شركات الطيران آلاف الرحلات، وهو ما سيعكس أثره، بالتأكيد، على اقتصادات الدول الفقيرة خصوصا، كما سيؤثر على كافة مجالات الحياة.
في الوقت الذي امتحن وباء كوفيد-19 البشريّة، ووحّدها في مواجهة الخطر، فقد أظهر أيضا خطوط التصدع الكبرى بين الأمم والشعوب، وكذلك العلاقات المتخلخلة بين النخب الحاكمة والشعوب، فأغلقت بلدان كثيرة حدودها الخارجية، كما قام بعضها بقيود على حركة مواطنيها الداخلية.
واستخدمت بعض النظم، وخصوصا العربية، الحاجة إلى العزل والتقييد ومنع التجمهر في إنهاء ملفات الحراكات السياسية ضدها، فتشابكت آثار الجائحة الخطيرة على الاقتصاد والمعيشة مع زج قادة الحراكات في السجون، وقمع التظاهرات والاحتجاجات، واستعادت النظم الدكتاتورية زمام المبادرة مجددا.
أظهر الوباء هشاشة البشر أمام الموت، وكما أظهر طبائع التضحية والإثرة والرغبة في المساعدة العابرة للحدود، فقد أظهر أيضا طبائع العنصرية والأنانية والانغلاق، ولوم الآخر والعداء له.
إحدى الحلقات المشجعة في هذا السياق تمثل في إغلاق الولايات المتحدة ملف الرئيس دونالد ترامب (حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة؟) الذي كان أحد كبار المساهمين في الربط بين الاندفاع الأهوج لدعم طغاة العالم، والعنصرية السياسية ضد الشعوب، مع الموقف المتجاهل لخطورة الوباء، وإلقاء اللوم على الصين، وإلغاء عضوية أمريكا في اتفاقية باريس للمناخ.
وقد شجعت هذه المواقف نظراء له في العالم، كما هو حال بولسونارو، رئيس البرازيل، الذي يتحمل مسؤولية حرائق غابات الأمازون، وساهم موقفه الشبيه بموقف ترامب، في انتشار هائل للوباء في بلاده.
يثير التفكر، في هذا السياق، أن أسباب هذا الوباء الذي يُعجز البشرية ويضعها أمام أسئلة وجودية، ما تزال غير معروفة، وأن قادة العالم، الذين اجتمعوا في مؤتمر غلاسكو هذا العام، لم يتمكنوا من وضع حدود كافية لمجابهة الخطر الكبير الآخر الذي يتهدد الناس عموما، على هذا الكوكب، والمتمثل في احترار المناخ وتداعياته التي تنعكس تصحرا وجفاف أنهار وفيضان بحار وأعاصير وكوارث.
وإذا وضعنا هذه الصورة المتشائمة لكوكب الأرض وسكانه على خلفيّة النزاعات السياسية الكبرى التي تتهدد بأعداد متزايدة من القتلى والضحايا والنازحين واللاجئين، ولا تعطي أملا منظورا بانتهاء طرق النخب السياسية في حكم بلدانها، مما يعني المزيد من كوارث الاحتلال والعنصرية وموجات اللجوء، وإذا لم يتغيّر هذا المنطق السياسيّ، بشكل جذريّ، فإن العالم، سيكون، عمليا، على شفا هاوية سحيقة.
المصدر| القدس العربي
موضوعات تهمك: