3 ــ تنامي وتصاعد للحرب الاقتصادية ــ1
بقلم : ـــ أحمد عزت سليم …. مستشار التحرير
مع إرتفاع فاعليات الصراع العالمى تصاعدت الحرب الإقتصادية إلى ذروتها الحاضرة وبما أدى إلى آثار عميقة على السياسة الاقتصادية الدولية وكجزء من صراع عالمي أوسع نطاقا على السلطة بكل مستوياتها الدولية والقومية ، ومع عدم إمكانية التوصل إلى أي اتفاق يتم التفاوض عليه والتصالح به بين القوى المتصارعة وإيقاف التوترات بين الدول والاحتكاك الاقتصادي الدولي الهائل والعوامل التي تركز على المصالح الخاصة وحيث يمكن أن يؤدي ذلك وكما هو متوقع إلى حرب تجارية عالمية واسعة النطاق وأزمات مالية على المدى القريب ، وكذلك على المدى الطويل وفى هذا الصراع فإن شد الحبل بين القوي العظمي يهدد بإحداث تهميش كامل لأدوار وأهمية المنظمات الدولية كمنظمة التجارة العالمية والاتحاد الأوروبي ومع إعتبار النظر لهذا الصراع من ضرورة الموازنة بقوة بين المصالح الاقتصادية والاعتبارات الأمنية .وعلى أثر ذلك شهد العالم موجة متصاعدة وإندفاعية جديدة من الحرب الإقتصادية ومن خلال الاتجاه الحالي للسياسة التجارية الأمريكية هو عولمة الاقتصاد الدولي والتي لم يتم تقاسم أرباحها على قدم المساواة بين الدول بحقوق أمن الإنسان الإقتصادى وتأمينه والمساوة وكذلك لم يتم على جميع شرائح المجتمع فى مختلف الدول ، فكما يساعد إزالة الجمارك والحواجز التجارية الأخرى على زيادة الرفاهية المالية لبلد ، سواء كان ذلك بسبب التخصص أو وفورات الحجم أو الابتكار فمع ذلك ، قد لا يتم تقاسم هذه الفوائد على قدم المساواة في المجتمع أيضًا بل أكثر من تأثر بالحرب على مستوى العالم الفقراء بالقرى والمدن والصحارى والعمال والطبقات المتوسطة .
وكما يؤكد التاريخ القريب وعلى مدى العقد الماضي وكمثال لقوى الحرب الإقتصادية ، لجأت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل متزايد إلىها ، وبشكل أساسي من خلال فرض العقوبات ، ومنع الوصول إلى النظام المالي الدولي الخاضع للسيطرة الأمريكية ، ومنع الشركات الأجنبية من الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية والقدرة على العمل في اقتصاديات التسلح الأمريكية ولم يكن هذا جديدا تمامًا فقد فرض فرانكلين روزفلت عقوبات على اليابان في عام 1941 ، وحظر تصدير النفط الأمريكي والخردة الفولاذية ، لمعاقبة طوكيو على استيلائها على الهند الصينية الفرنسية ومع عالم مترابط من خلال العولمة المتزايدة ، أصبحت الحرب الاقتصادية سلاحًا أقوى بكثير مما كانت عليه في الماضي نظرًا لأن الولايات المتحدة تمثل ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي ومنها تسعى بشكل دائم إلى تجنب ومواجهة أية عواقب مدمرة قد تستهدف إقتصادها وذلك بالمبادرة بشن الحرب الإقتصادية ، ومن منطلق إن استخدام الحرب الاقتصادية له مزايا واضحة حيث تجنب تعريض الجنود الأمريكيين للخطر كما إنها أرخص بكثير من إدارة العمليات العسكرية ويتم تجنب الضرر الجانبي للنزاع العسكري ، وكما تظهر تجربة الولايات المتحدة مع إيران حيث أكدت العقوبات الاقتصادية أنها أكثر فعالية في تحقيق النتائج المرجوة باستخدام القوة العسكرية ، ويكون استخدام الحرب الاقتصادية في بعض الأحيان سهلًا للغاية مما قد يؤدي إلى استخدامها بطرق متعددة ، فقد يخضع نشر القوات العسكرية الأمريكية في الخارج إلى الضوابط والتوازنات في الكونجرس ، وإن لم يتم اتباعها أو فرضها دائمًا ، من الناحية النظرية ، تخضع الحرب الاقتصادية أيضًا لمثل هذه الضوابط والتوازنات ، ولكن في الواقع هذه القيود أقل بكثير من العسكرية .
كما أن النزاعات الاقتصادية بين الدول تخضع لمجموعة واسعة من الاتفاقات الدولية ، إلا أن حل النزاعات الرسمية في مثل هذه الحالات غالبًا ما يكون بطيئًا وممتدًا ولا يمثل استجابة فعالة وفى ظل عدم الإلتزام بها أو التحايل عليها ، وفي كثير من الأحيان فإن الإنتصار الإقتصادى السائد يكون عادة باهظ الثمن والتكاليف وخاصة عندما تقاوم الدول المتصارعة الإقتصادية الضرر الذي لحق بها والذى يهددها بإستمرارية الحرب الإقتصادىة .
وكما يرى الخبراء العالمين فإن قيام إدارة ترامب مؤخرًا بفرض تعريفات عقابية على النبيذ الفرنسي كجزء من نزاع تجاري مستمر مع الاتحاد الأوروبي وعلى الرغم من أن فرنسا هي أقدم حليف للولايات المتحدة الأمريكية فمن المؤكد أن واشنطن حصلت على نصيبها من النزاعات مع باريس ، ولكن على الرغم من هذه الخلافات الواسعة النطاق والمتعددة ، لم تفكر أي إدارة حديثة بجدية في نزاع عسكري مع فرنسا وكان فرض الرسوم الجمركية على النبيذ الفرنسي بنسبة 100٪ هو المعادل الاقتصادي لعمل عسكرى يماثل قصف سلاح الجو الأمريكى بطائرات P2 منشأة بوردو النووية الإيرانية بقنابل GBU_57B وبسرعة تزيد عن ضعفى سرعة الصوت وتحويلها لشظايا وتحرق 60 مترا عمق لخرسانة مسلحة وحيث يبلغ وزنها 13 طن ونصف من المتفجرات وثمن القنبلة 3 مليون دولار ونصف ، وكان صراع النبيذ / الشمبانيا في الواقع أقوى من الأسوء إذا أرسلت قاذفات بقنابل كما فعلت إيران ، ومن هذا الصراع ستخرج وستتكشف قوى الخمر الفرنسية وبإماكنها المنافسة وبالتالى يمكن القضاء عليها ، حتى وأن بقى بعضها على قيد الحياة وستكون التعريفة الجمركية التأديبية هي سلاح يوم القيامة لأنه هو الذى سيؤثر على الجميع .
ومن هذا المنطلق المستهدف سيزداد تصاعد وتنامى استخدام الحرب الاقتصادية عالميا وعلى نطاق واسع وممتد كنتيجة طبيعية للسياسة الخارجية والعسكرية في السنوات المقبلة لأنها تقدم مزايا كبيرة للبدائل ، حتى لو كان ذلك يعني وجود خطر من استخدامها بسهولة شديدة وضد الأطراف الخاطئة ، وكما يرى الخبراء كنموذج للحرب الإقتصادية يكون نسيان وتأجيل تصوير وإكمال سلسلة الفيلم العالمي ” Top Gun” لنجم السينما الأمريكية توم كروز والممتدة من عام 1986 قد يكون أعلى من حرب العصابات بحرب النبيذ والتى قررت ” سوميلير “سيطرة النبيذ كسيطرة فى حرب لوجستية إقتصادية روسية تعتمد قوتها على صنع النبيذ فى شبه جزيرة القرم وبقوة تحارب صراعات أمريكا المستقبلية ، وجيث إمتد غربيا كحرب إقتصادية تمثلت كنموذج فى كأس للنبيذ مطبوعا على الملابس للترويج التجارى كقميص النبيذ صنع نادل وتقديمه كهدية لــ ” سوميلير النبيذ ستيوارد ” .
موضوعات تهمك:
صندوق النقد الدولي يتحدث عن أزمة بسبب كورونا