العالم الجديد مع بدايات 2020أ

أحمد عزت سليم26 مايو 2020Last Update :
العالم الجديد مع بدايات 2020أ

2 ــ تزايد عدم الكشف عن الهوية للصراع العسكري

بقلم : ـــ أحمد عزت سليم … مستشار التحرير   

   فى إطار الفاعليات العالمية التى يشهدها الواقع العالمى هل تخلت الدول الكبرى عن سياساتها المستهدفة من أجل مزيد من السيطرة على الواقع العالمى ومن خلال زيادة الصراع العسكرى بين القوى المتصارعة وليشكل هذا الصراع تعبيرا قويا عن التوازنات الدولية بين القوى العظمى ، ومن خلال الإمتلاك والسيطرة على وسائل القوة المتنوعة بداية من الجغرافيا والقوى البشرية والموارد الطبيعية والطاقة والقوى الصناعية والتقنية والقوى العسكرية الشاملة والعددية والمتنوعة والقوى السياسية الخارجية والداخلية ، وتمثل القوة العسكرية منذ الأسهم والسيوف وكقوى مباشرة ضد الخصوم وإلى المناجيق والمقاليع التى مثلت استهداف العدو عن بعد ووصولا إلى القوات الجوية والبحرية العابرة للقارات والصواريخ بعيدة المدى وإلى الطيارات العسكرية بدون طيار والروبوتات والتى سمحت بإستبدال القوات البرية باحذيتها على الأرض بتقنيات ووسائل البروكسيات (  Proxies) التى تستهدف التحكم الخفى عن بعد والوصول إلى المناطق المستهدفة من مناطق مغايرة للقوة التى تمارسها ومن خلال عزلة لا يمكن التعرف عليها ، وكان من نتائج هذه التقنيات الجديدة  إستهداف إخراج أفراد القوة العسكرية والتى تقوم بالهجمات من الأذى كأمر مستهدف ، ولكن كان لذلك عواقب مشئومة تمثلت فى خاصية مستحدثة هى : ــــ

 عدم الكشف عن الهوية المتزايدة للصراع العسكري : ــــ

بحلول نهاية هذا العقد ، من المرجح أن العديد من رجال القوات العسكرية المتصارعة سيديرون القوات الجوية بدون طيار وربما الجيوش والبحرية ، هذه القوى ليست مجهولة بالضرورة ، لكنها يمكن أن تكون كذلك ، وبداية ــ على سبيل المثال لا الحصر ــ من استخدام الوكلاء مثل الميليشيات المحلية ، والجهات الفاعلة من غير الدول ، والخاصة ، على سبيل المثال ، لتوظيف جيوش المرتزقة والجهات الفاعلة غير الرسمية مثل ” الرجال الخضر الصغار ” (Little Green Men  ) والذى يمثل مصطلح شعبى واسع الإنتشار للتعبير عن قوة غير معروفة ومحددة مثلها مثل كائنات الفضاء ، وهذا ما قامت به روسيا في مثل هذا الشهر إبريل قبل خمسة أعوام فى 2014  بإستخدام قوة من ” الرجال الخضر الصغار ”  وهم جنود لا يحملون أي شارات عسكرية لأي دولة ــ حيث سيطرت على مركز للشرطة في قرية سلوفيانسك الصغيرة التابعة لإقليم دونيتسك شرقي أوكرانيا ، لتبدأ بذلك المرحلة الثانية من حملة روسيا لتقطيع أوصال أوكرانيا ، بعد قيامها بضم شبه جزيرة القرم بشكل غير شرعي في شهر مارس من ذلك العام ، وكما أوضحت بيانات الكرملين الصادرة آنذاك ، كان هدف روسيا إنشاء دويلة شبه مستقلة ــ وهي نوفوروسيا ( أو روسيا الجديدة ) ــ جنوب أوكرانيا ، وتحويل بقية الدولة إلى ما يشبه حكم ذاتى على نحو يماثل الحكم الذاتى جاليسيا أو جليقية العظمى والتى تقع في شمال غرب إسبانيا .

   في مثل هذه الحالة ، يصبح الخط الفاصل بين المجال العسكري والمدني ، بين المقاتلين وغير المقاتلين ، غير واضح وغير محدد في كثير من الأحيان ، لقد كانت هذه بالتأكيد تجربة للجيش الأمريكي المنخرط في عمليات عسكرية تحت حجج مكافحة التمرد ، وتعتبر فاعلية آليات النموذج من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية ، والوكلاء والأطراف الثالثة المرتزقة والتي تخضع رسميًا لعقوبات من الدول المستهدفة ومن القوانين الدولية ، والتى تمارس فاعلياتها بشكل مجهول ، خطرا بشكل متزايد في آليات النزاعات العسكرية حول العالم ، وتمثل هذا النموذج في سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم والاستيلاء الفعلي على الجزء الشرقي من حوض دونباس الأوكراني ، كما كان نموذجًا لإبراز النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن ، والنتيجة الإضافية لهذه الصراعات هي أن الخط الفاصل بين النزاعات العسكرية والأفعال الإجرامية يصبح مشوشًا بشكل متساو حيث ترى كل القوى المتصارعة على حدة أنها وحدها تمثل الحق المشروع .

    وتزيد آلية ” عدم الكشف عن الهوية المتزايدة للصراع العسكري ” من التهديدات التى يتعرض لها السلام العالمى ، ووصف عقيد سابق فى الجيش السوفيتى  هذه الآلية والممارسات الأمريكية فى هذه الآلية والصراعات العسكرية فى المستقبل قائلا : ــــ  أنه ” لا يمكنك فهم الجيش الأمريكي إذا كنت لا تفهم كرة القدم الأمريكية ؛ أمريكا تخوض حروبها بالطريقة التي يلعبون بها كرة القدم ” ومضيفا : ـــ ” لهذا خسرت في فيتنام ، لقد أحضرت فريق كرة قدم إلى مباراة كرة قدم  , فمن المرجح أن تكون الصراعات العسكرية في المستقبل ، حتى تلك ضد المنافسين من الأقران ، هي مباريات كرة القدم بدلاً من ألعاب كرة القدم ، حيث يتم خوضها في حقل غير واضح أبعاده ، وقواعده غير محددة ضد فريق لا يرتدي نفس الزي الرسمي .

 ويجرى ذلك أيضا فيما يعرف بحرب بالوكالة ( Proxy war ) والتى تنشأ بإستخدام القوى المتصارعة المتحاربة أطرافا أخرى للقتال بدلا عنها بشكل مباشر ، وكما يتم ذلك أيضا استخدام هذه القوى حكومات أخرى كوكلاء للحرب وكما يشكل ذلك إستخدام المرتزقة والقوى والتنظيمات العنيفة والإرهابية غير القانونية وكذلك بين مجموعات أو دول أصغر تمثل كل منها مصالح قوى أكبر أخرى وباستخدام أطراف أخرى غير مدرجة وغير معروفة بشكل أكثر ، حيث تأمل القوى التى تستهدف ذلك أن تتمكن هذه الأطراف من ضرب أطراف أخرى مستهدفة دون الانجرار إلى حرب شاملة .

    ومن هذا المنطلق تدرك الكثير من البلدان في جميع أنحاء العالم وخاصة الغرب وتحت القيادة الأمريكية بشكل متزايد أن الطريقة الأكثر ملائمة لإحتلال الأراضي الأجنبية وتدمير الدول المقاومة للسيطرة الغربية هي إنشاء “وكيل ” مع التزييف الدعائى والاحتفالي للدولة ، بما في ذلك حكوماتها وبرلماناتها وأعلامها لدعم الوكيل وتزييف الحقائق وجعل الوكيل الإرهابى صاحب الحق المشروع ، وحيث أن قواعد النظام الدولي الليبرالي الغربى المعلنة تحظر تغيير الحدود بالقوة وبما يؤدي إلى فرض عقوبات على الدولة الجانية فإن إنشاء نظام بالوكالة يحقق الأغراض الغربية الإجرامية ضد الاخر المستهدف وبتوليد زيفًا دعائيا يحجب الحقيقة الإجرامية الواقعية ويحقق أهدافها . ومن خلال هذه ” الوكالة ” تتحقق الخاصية التى يشهدها العالم الأن ” عدم الكشف عن الهوية للصراع العسكري ” والتى قادت إلى تسهيل وإنتشار هذا النشاط غير المشروع عالميا ومع عدم اعتراف أي دولة رسميًا بتبعية ” الوكلاء ” مطلقا لها وبالتالي عدم مسؤوليتها عن النشاط في ” الأنظمة الوكيلة ” ، ومن هذه الآليات أصبحت هذه المناطق مراكز للاتجار بالبشر وغسيل الأموال وإنتاج السلع المقلدة  كما أنها مواقع محتملة لانتهاكات العقوبات المقررة دوليا طبقا للمواثيق الدولية كعقوبات مخالفة حقوق الإ نسان .

موضوعات تهمك:

إدانة أممية لانتهاكات حقوقية بسوريا وإيران

” لاهوت الإبادة الصهيونى ” 2 ــ قداسة السرقة والسلب والإغتصاب

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News