العالم الجديد مع بدايات 2020 … تنامي وتصاعد للحرب الاقتصادية

أحمد عزت سليم28 مايو 2020آخر تحديث :
العالم الجديد مع بدايات 2020 … تنامي وتصاعد للحرب الاقتصادية

تنامي وتصاعد للحرب الاقتصادية/2/

بقلم : ـــ أحمد عزت سليم … مستشار التحرير

فى إطار تصاعد الحرب الإقتصادية عالميا تصاعدت تلك الحرب مع السياسات الأمريكية بقيادة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تجاه تركيز الحرب الإقتصادية مع الصين  حيث فضل الرئيس الأمريكى اتباع نهج أحادي الجانب تجاه الصين ، والذي يتزامن مع مبادئ سياسته ” أمريكا أولاً ” ، والأكثر من ذلك ، تواجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بينهما أيضًا صراعًا تجاريًا محدودًا ، وقد ضرب برونو لومير ، وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي ، المسمار على رأسه بالقول إن الفائز في الحرب التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة هو الصين ، ومع ذلك ، من الصعب على أوروبا أن تختار جانبًا في الحرب التجارية بين بكين وواشنطن ، كما أن دعم الصين أمرًا لا يمكن تصوره لأن الولايات المتحدة وأوروبا لديهما مخاوف مماثلة ولهما حلفاء أمنيون ، وفي الوقت نفسه ، فإن الموافقة على النهج الأمريكي من شأنه أن يتعارض مع مبادئ الاتحاد الأوروبي القائمة على نظام تجاري متعدد الأطراف قائم على القواعد ، وبالإضافة إلى ذلك فإن الصين تعد واحدة من الأسواق الأجنبية الواعدة لأوربا والتي سيكون من الأفضل إتخاذ موقف محايد وعدم تفاقم الصراع الإقتصادى معها ، ومن هذا المنطلق فإنه هناك أمل مع العقوبات الصينية الأمريكية المتبادلة ، بأن تصبح المنتجات الأوروبية أكثر تنافسية في كل من الأسواق الصينية والأمريكية ، ومن ناحية أخرى فإنه كما يرى الخبراء الأوربيين يجب على الاتحاد الأوروبي النظر في إمكانية أن تحويل بعض السلع التي تتحرك بين الجانبين المعاديين إلى السوق الأوروبية يمكن أن يسبب تشبعها المفرط مشاكل للمنتجين المحليين  ، ويؤكد الخبراء أن التأثير الاقتصادي للحرب التجارية بين دولتين من أكبر دول العالم معقد وله تأثير عالمي حيث يؤدي فرض قيود تجارية حتمًا إلى حدوث ركود اقتصادي ، كما أنه حتى إذا كانت الرسوم الجمركية تملأ خزائن دولة واحدة ، فإن تحصيلها يتطلب موارد إضافية والحواجز غير الجمركية أمام التجارة بتحولها من الحصص إلى معايير المنتج غير المعقولة – قد توقف التجارة تمامًا ، وفي الوقت نفسه فمن المرجح أن تثير العقوبات التجارية التي تفرضها إحدى الدول يكون لها رد فعل مماثل من دولة أخرى وبناء على ذلك فإن إحدى العواقب قصيرة المدى المحتملة لتصعيد الحرب الإقتصادية هي الأزمة الاقتصادية ، حيث لن تكون المنتجات والخدمات ( المتوسطة ) قادرة على عبور الحدود الوطنية ، وتتوقف صناعة الآنية المعقدة للاقتصاد الدولى ، وفى إطار هذه الفاعليات أكدت العديد من وكالات التنبؤ بالنمو الاقتصادي ، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بحدوث إنخفاض مؤشرات النمو الاقتصادي للسنوات القادمة .

وفى إطار التصاعد الممتد تاريخيا لهذه الحرب قررت العديد من الدول الدخول في اتفاقيات تجارية ثنائية وحيث يعتقد اقتصاديون أن مثل هذه الاتفاقيات تدعم تحرير التجارة العالمية ، تمثل اتفاقيات التجارة الحرة الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي وكندا واليابان وأنها قد أدت إلى تكامل اقتصادي أوثق بشكل كبير وتتضمن مجالات جديدة ، مثل حماية المؤشرات الجغرافية وحقوق الإنسان ومع رغبة دول أخرى في مشاركة فوائد تحرير التجارة فقد حفزها أيضًا على الانضمام إلى التجمعات التجارية الإقتصادية القائمة ، ومع إعتقاد الكثير من الخبراء أن إبرام الاتفاقيات الثنائية يؤدي إلى تجزئة التجارة العالمية واستقطابها ، مما يعيق أي تنمية متعددة الأطراف .

وفى إطار هذه الحرب لم تعد منظمة التجارة العالمية تحظى باهتمام القوى الكبرى إلا إذا كانت تفيدها بشكل خاص ، واعتبر ترامب وإدارته منظمة التجارة العالمية معاملتها الولايات المتحدة غير عادلة ومنعت تعيين أعضاء جدد في هيئة تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية وفى إطار المصالح الرأسمالية الأمريكية رحب ترامب بقرار المنظمة في أوائل أكتوبر بالسماح للولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بقيمة 7.5 مليار دولار على سلع الاتحاد الأوروبي بعد إدانة الدول الأوروبية بمساعدة حكومية غير قانونية لشركة تصنيع الطائرات إيرباص ، خضعت منتجات الطيران في الاتحاد الأوروبي لرسوم جمركية بنسبة 10 ٪ ، كما أن الصادرات الزراعية للاتحاد الأوروبي (مثل الجبن والنبيذ المختارة) إلى 25 ٪  ، وعلى الرغم من صلاحيات هذه المنظمة فإنها لم تستطع فى إطار الحرب الإقتصادية منع السطو على حقوق الملكية الفكرية لكافة المنتجات والتى إستطاعت الصين تجاوز كل القرارات الدولية المنظمة لهذه الحقوق ، وليثبت ذلك أن الإرادة السياسية المستهدفة للقوى الكبرى هي المحركة لتنامى الحرب الإقتصادية عالميا وعلى الرغم مما أكده الخبير الإقتصادى العالمى ريتشارد بالدوين أن منظمة التجارة العالمية مناسبة لتنظيم التجارة في القرن العشرين والقائمة على مبيعات المنتجات عبر الحدود والوصول إلى الأسواق ، فإنه يظل تصاعد الصراع الإقتصادى العالمى والوصول إلى الأسواق بقوة هو أساس فاعليات التعامل العالمى ودون أدنى إعتبار لغير ذلك .

وفى الوقت الذى أرادت الصين تبادل حقوق الوصول إلى سوقها مقابل تقنيات المصانع والتكنولوجيا الغربية ودون مزيد من الإلتزامات فإن هذه السياسة المصلحية الصينية أدت إلى مزيد من الصراع وفى إطار التضارب بين ما بين أن الاقتصاد الصيني حيوي للغرب لدرجة أن العديد من الدول الغربية ترى أنه يجب التعامل معه بشكل استثنائي ، وبما يتماشى مع أفكار أستاذ داني رودريك بجامعة هارفارد ، الذي دعا إلى منح الدول مساحة سياسية أكبر لمتابعة والدفاع عن أولوياتها الاقتصادية المحلية ، للصين منطقها التنموي الخاص الذي لا يمكن كسره بالقوة ، وأنه بدلاً من ذلك ، يجب أن يكون إطار العلاقات التجارية أكثر مرونة ، وما بين معاقبة الصين وحرمانها من فوائد التكامل الاقتصادي الأوثق معها فى إطار الحرب الإقتصادية ، ويبقى هذا الإحتمال مع سياسات ترامب الدافع القوى لإستمرارية وتنامى وتصاعد الحرب الإقتصادية العالمية .

موضوعات تهمك:

ترامب والإرهاب الاقتصادي

الحرب الاقتصادية العالمية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة