هل يكون بحر جنوب الصين مسرح التحول من الحرب التجارية إلى المواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة والصين؟
تتهم دول المنطقة الصين بأنها تستخدم سفن الصيد كغطاء لبسط نفوذها داخل المناطق الاقتصادية الخاصة للدول الأخرى.
الحاضر الغائب هو أمريكا التي تتنافس مع الصين حول النفوذ البحري منذ سيطرتها على المحيط الهادي بعد الحرب العالمية الثانية.
منظمة آسيان التي تضم دول المنطقة دون الصين منخرطة منذ سنوات في مفاوضات للوصول لاتفاق حول السيادة في المنطقة دون جدوى.
تطرح الصين منذ الحرب العالمية الثانية مطالبات ضخمة حول سلطتها على البحر من مطالبة بجزر وتكوينات بحرية مختلفة إلى بسط نفوذ عسكري بممرات التجارة الرئيسية.
شهد العقد الأخير تنامياً في التأثير الصيني من خلال تثبيت الوجود العسكري على جزر مختلف عليها وبناء جزر صناعية تستضيف مدارج طيران عسكرية ورادارات وبطاريات صواريخ.
تطالب الصين بالحد من المناورات العسكرية مع دول خارج الإقليم (الولايات المتحدة) والحد من التنقيب عن النفط والغاز ما يشكل عائقاً رئيسياً أمام المفاوضات.
* * *
بقلم: ماجد محمد الأنصاري
بحر جنوب الصين يعتبر من أكثر المسطحات المائية في العالم التي تحيطها خلافات حدودية، قانون البحار الدولي بشكل عام معقد ولكن هذه المنطقة من العالم تعاني من عقد خاصة ترتبط بتركيبة المنطقة السياسية والجغرافية.
فبينما تهيمن السواحل الصينية على شمال البحر تمتد السواحل الفيتنامية شرقه وتتناثر في غربه جزر ارخبيل الفلبين وفي جنوبه سواحل ماليزيا وأندونيسيا وتايلند وبروناي وسنغافوره، ومعظم هذه الدول منخرط في خلافات حول الحدود البحرية وتبعية بعض الجزر مع عدد من الدول الأخرى.
الجار الأكبر الصين، ومنذ الحرب العالمية الثانية تطرح مطالبات ضخمة حول سلطتها على البحر، هذه المطالبات أخذت أشكالا عديدة من المطالبة بجزر وتكوينات بحرية مختلفة إلى بسط النفوذ العسكري في ممرات التجارة الرئيسية.
لكن العقد الأخير شهد تنامياً في التأثير الصيني من خلال تثبيت الوجود العسكري على جزر مختلف عليها وبناء جزر صناعية تستضيف مدرجات طيران عسكرية ورادارات طويلة المدى وبطاريات صواريخ.
إضافة إلى ذلك تتهم دول المنطقة الصين بأنها تستخدم سفن الصيد كغطاء لبسط نفوذها داخل المناطق الاقتصادية الخاصة للدول الأخرى كما حدث مؤخراً مع الفلبين وإندونيسيا حيث انتشرت مئات سفن الصيد الصينية مصحوبة بقوات بحرية شبه عسكرية في المياه التابعة لهاتين الدولتين.
وفي مجال التنقيب عن مصادر الطاقة تقوم الصين بالتنقيب عن النفط والغاز في مناطق تدعي دول أخرى في المنطقة تبعيتها لها، كما تمارس ضغوطات على شركات الطاقة لتصدها عن المشاركة في عقود تنقيب مع جيرانها، هذه فقط ملامح من الإجراءات الصينية لبسط النفوذ على البحر الذي يحمل اسمها.
منظمة آسيان التي تضم دول المنطقة دون الصين منخرطة منذ سنوات في مفاوضات للوصول لاتفاق حول السيادة في المنطقة دون جدوى.
مطالبة الصين بالحد من المناورات العسكرية مع دول من خارج الإقليم، والمقصود هنا الولايات المتحدة، والحد من التنقيب عن النفط والغاز يشكل عائقاً رئيسياً أمام المفاوضات، والحاضر الغائب هو واشنطن التي تتنافس مع الصين حول النفوذ البحري منذ سيطرتها على المحيط الهادي بعد الحرب العالمية الثانية.
فمعظم الدول المنخرطة في خلافات مع الصين في المنطقة تعتمد على علاقتها مع واشنطن في تحقيق التوازن الإقليمي، ولكن غياب هذه الأخيرة وترددها في كبح جماح الصين لسنوات عديدة زاد من قدرة الصين على الضغط على هذه الدول.
واشنطن أصدرت مؤخراً تقريراً تتهم فيه بكين بأنها تنتهك القانون الدولي بإجراءاتها في بحر جنوب الصين مؤكدة على دعمها لدول الأسيان ولكن هذا مثال سوابقه يبدو حبراً على ورق مالم يشفع بإجراءات ميدانية.
الصين من ناحيتها أكدت على أن أعمالها في الجزر المختلفة انتهت وأن هدفها كان ضمان الأمن البحري لكل دول الإقليم، ومن المفهوم حرصها على فرض الهيمنة على هذا المسطح المائي باعتباره ممراً رئيسياً للصادرات الصينية ومنطقة احتكاك بالنفوذ الأمريكي على شواطئها، التطورات الأخيرة تشير إلى استمرار التمدد الصيني وتزايد ضعف التوازن الإقليمي.
وهذا يجعل هذه المنطقة أحد أهم بؤر الصراع التي يتابعها المراقبون خلال هذه الفترة، فهل يكون بحر جنوب الصين مسرح التحول من الحرب التجارية إلى المواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة والصين؟
* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي المساعد بجامعة قطر.
المصدر| الشرق – الدوحة
موضوعات تهمك: