الصهيونية ينشد أفرادها النفعية واللذة والشهوة وينتفى معها الانتماء
بقلم: مستشار التحرير …. أحمد عزت سليم
للصراع والتناحر الدينى تاريخ هو تاريخ هذا ” الجميع ” ، منذ أن طلب يعقوب أن يعزلوا الألهة الغريبة ، ومخاطبة الرب لموسى إلى متى تأبون أن تحفظوا وصاياى وشرائعى إلى التوزع بين الديانات الأخرى والشعوب من حولهم ، وإلى الصراع الدموى كما حدث لسبط بنى بنيامين على يد بنى إسرائيل فضربوهم بحد السيف ، المدينة بأسرها حتى البهائم وحتى كلما وجدوا ، وجميع المدن التى وجدوها للبنياميين أحرقوها بالنار ، كما يتحدث ، والنص يروى ذلك بأمر الرب ، حتى انتهت حكمة سليمان التى فاقت ـ كما يزعم النص ـ حكمة جميع بنى المشرق وكل حكمة مصر والذى كان متسلطاً على جميع الملوك من النهر وإلى أرض فلسطين وإلى تخوم مصر وكانوا يقدمون الهدايا ويخدمون سليمان كل أيام حياته ، إلى أن ذهبت هذه الحكمة وراء عشتروت الآلهة الصيدونيين وملكوم رجس العمونيين وبنى مرتفعة لكموش رجس الموآبيين على الجبل تجاه أورشاليم ويالها من عبارة ” تجاه أورشاليم ” وتكشف عن المسكوت عنه فى النص : ــــ
ـ أولا التناقض وتصدع العلاقات والتوافق والايمانات مع أورشاليم الرمز .
ـ ثانياً الصراع مع العاصمة الرمز وعمل ما هو مواز للقوة معها .
ـ ثالثاً عدم قداسة أورشاليم لديه فقد بنى رجساً مقابلاً وموازياً لها ، وبنى رجساً لملوك بنى عمون وفعل كذلك لجميع النساء الغربيات اللواتى كن يوقدن ويذبحن لآلهتهن ، رغم أن الرب قد ظهر لسليمان مرتين وأوصاه ألا يتبع آلهة أخرى .
ولم تنفع سليمان حكمته حتى انتهت به إلى خراب المملكة المزعومة ـ إن كان وجودها حقيقياً ـ ففرعون مصر الذى ادعى النص أنه يقدم المدينة جازر مهراً لإبنته ، يساعد الخصوم عليه ومفارقة غريبة تكشف عنها ـ أكذوبة حكاية جازر هذه ـ وهى إحدى مدن سليمان التى حصن أسوارها بمساعدة ملك صور ورغم ذلك حرقها الفرعون ولم يتحرك بحكمته لإنقاذها ، وقدمها فرعون مصر مهراً لإبنته ثم يظهر ملوك لم يسمع عنهم النص ولا يقدم عنهم شيئاً وهم ملوك العرب وأخفى ما حولهم وعلاقاتهم ، ويظهر يربعام ولنقرأ هذا التعبير الوارد فى النص … بعد هذا لم يرجع يربعام عن طريق الردية بل عاد فعمل من أطراف الشعب كهنة مرتفعات من شاء ملأ يدة فصار من كهنة المرتفعات ( ملوك الأول 13 / 33 ) .
ويربعام كان يمثل ثورة حقيقية على عهد داود وسليمان وما شهد هذا العهد من استغلال لأفراد ” الجميع ” وما شهده من نمو التناقضات التناحرية واحتدامها وتحولها إلى نزاع حاد تم حله عن طريق الثورة على رحبعام ابن سليمان وعلى الكهنة اللاويين ، وقد ملك ” جميع ” إسرائيل يربعام عليهم ما عدا بيت يهوذا وسبط بنيامين ، وأعاد يربعام العجل الذهبى ، وفعل كما فعل هارون قبل ذلك ، وقبل الشعب طائعاً أن تكون آلهته هى تلك وابتدع يربعام أعياداً ابتدعها من قلبه ومارس الكهانة مع الكهنة الجدد وصعد على المذبح ليوقد ، والمسكوت عنه فى هذا النص ، ومما سبق يستبين على النحو التالى :
1 ــ إن يربعام ليس فحسب أعادهم إلى عبادة أصلية حاول هارون إعادتها وحرمها منهم موسى وآل داود ، وظلت فى وجدان ” الجميع ” بل وهو القادم من مصر بكل ما تحمله من شبع ولحم أكله الأجداد عند القدور وبكل تأثير حضارى كبير ظل مكنوناً ومختبئاً فى الوجدان فتقبلوا طائعين .
2 ــ كما تدل أيضاً على انتفاء السيطرة على الداخل والخارج وانتفاء السيادة على أية مجتمعات وشعوب أخرى ، قد يكون الزعم أنها شكلت تحت حكم داود وسليمان دولة فريدة وإمبراطورية عظمى يدينون لها بالولاء والخضوع لقوانينها ، والحقيقة ليس الأمر كما يدعى النص بأن سليمان تسلط على شعوب أخرى ، ويبدو أن سليمان فى حقيقة الأمر حاكماً على هذه المنطقة من قبل فرعون فلما فشل فى إدارتها أرسل إليها يربعام ليعيد الأوضاع إلى طبيعتها ويزيل النير عنها ويقضى على القوى والطبقات المتعادية والتى تستخدم ” الجميع ” كأدوات للصراع بينهما، لذلك حاول يربعام القضاء على السلطة الكهنوتية الممثلة فى اللاويين واستبدل بهم كهنة آخرين وكذلك القضاء على رجال القوة على سلطة رحبعام وريث سليمان .
3 ــ الأمر فى جملته مؤداه أن هذه المنطقة كانت تشكل نوعا من الحكم التابع الذى يحرم عليه ممارسة أيه سيادة خارجية وتتمتع فيه الجماعات بمختلف تنوعاتها إلى نوع من تأكيد ذاتها وهذا ما يشى به المسكوت عنه فى النص: احتفاط بيت يهوذا وسبط بنيامين للولاء لبيت داود كجماعات متميزة داخل ” الجميع ” بينما انطاعت بنى إسرائيل ليربعام ، وهوما يؤكده تعبير ” كهنة المرتفعات ” حيث أصبح لكل جماعة داخل نطاق هذه المنطقة التى تمت السيطرة عليها وأعادتها إلى الهدوء ، مراسيمها الخاصة وتقاليدها المختلفة التى تميز كل منها عن الأخرى ، وما يقدمه تعبير ” من أطراف الشعب ” من تفسير مؤداها التناقض التناحرى وتواجد فئات متعادية بين قلب الحكم كمركز ( كهنوت ورجال قوة ) وبين الأطراف التى تضم عناصر أخرى ممتدة متخاصمة معها وغير معترفة بها .
4 ــ كذلك تبين الاختلافات بين عناصر” الجميع ” وما يضمه من جماعات متنافرة فيما بينهما ثقافياً ، شديدة التشتت الدينى فيما بينهما والانقسام إلى وحدات صغيرة وشديدة الصغر ينشد أفرادها النفعية واللذة والشهوة وينتفى معها الانتماء.
موضوعات تهمك:
المزاعم العنصرية اللاهوتية الصهيونية