الصراع الأمريكى الصينى (تاريخ المسرحية) 2
لمطالعة المقال الأول من السلسلة من هنا: الصراع الأمريكي الصيني (مسرحية الصراع) 1
ما بين صراع الدبلوماسية المكثفة والتنافس الدولى المتزايد والاقتصاديات المتشابكة والصراعات والحروب الإقليمية يمتد الصراع الصينى الأمريكى من آواخر الأربعينات من القرن الماضى ، ومنذ دعم الولايات المتحدة لحكومة تشيانج كاي شيك المعارضة للحزب الشيوعي الصيني برئاسة ماو تسي تونج الذى أسس جمهورية الصين الشعبية فى 1 أكتوبر 1949 والصراع والحصار والدعم العسكرى والقتالى وانتشار القوات العسكرية بين العناصر المؤيدة لكلاهما بإندلاع الحرب الكورية فى يونيو1950 وفى أول أزمة في مضيق تايوان فى أغسطس 1954 وتهديد الولايات المتحدة بشن هجوم نووي على الصين بسبب هذه الأزمة عام 1955، ثم ازمة التبت عام 1959حيث انضمت الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة في إدانة بكين لانتهاكاتها لحقوق الإنسان في التبت ، وساعدت وكالة الإستخبارات المركزية في تسليح المقاومة التبتية التي بدأت في أواخر الخمسينيات.
وتتصاعد التوترات فى أكتوبر 1964 حيث انضمت الصين إلى المجال النووي وأجرت أول تجربة لقنبلة ذرية ومع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين بشأن النزاع المتصاعد في فيتنام، ثم يتراجع التوتر مع الصراع الحدودي الصيني السوفيتي فى مارس 1969 لتحل موسكو محل واشنطن كأكبر تهديد للصين، ويساهم الانقسام الصيني السوفيتي في تقارب بكين مع الولايات المتحدة، وفى يوليو 1971 قام وزير الخارجية هنري كيسنجر برحلة سرية إلى الصين وبعد ذلك بوقت قصيرتعترف الأمم المتحدة بجمهورية الصين الشعبية ، مما يمنحها مقعد مجلس الأمن الدائم الذي كانت تشغله جمهورية الصين تشيانغ كاي شيك ، ثم يقوم نيكسون بزيارة الصين فى فبراير 1972 ويلتقي خلالها بالرئيس ماو تسي تونغ ويوقع على بيان شنغهاي مع رئيس مجلس الدولة تشو إن لاي حيث يمهد البيان الطريق لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والصين من خلال السماح للصين والولايات المتحدة لمناقشة القضايا الصعبة ليمتد التعاون فى 1979 حيث يمنح الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الصين اعترافاً دبلوماسياً كاملاً، مع الاعتراف بمبدأ الصين الواحدة في الصين ، وقطع العلاقات الطبيعية مع تايوان ومع ذلك ، في أبريل، وافق الكونغرس على قانون علاقات تايوان، مما يسمح باستمرار العلاقات التجارية والثقافية بين الولايات المتحدة وتايوان. يتطلب هذا الإجراء من واشنطن تزويد تايبيه بأسلحة دفاعية، لكنها لا تنتهك رسميًا سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين الواحدة، وفى عهد ريجان وفى أغسطس 1982.
وفى إطار التخوفات الأمريكية من تزايد القوة السوفيتية وقعت إدارة ريجان على بيان مشترك ثالث مع جمهورية الصين الشعبية لتطبيع العلاقات حيث يؤكد مجددا التزام الولايات المتحدة بسياسة صين واحدة على الرغم من أن رونالد ريجان عبر عن دعمه لعلاقات أقوى مع تايوان خلال حملته الرئاسية وفي يونيو عام 1984 سمحت الحكومة الأمريكية لبكين بشراء معدات عسكرية أمريكية وفى يونيو 1989 علقت الحكومة الأمريكية المبيعات العسكرية لبكين وتجمد العلاقات بعد مذبحة ميدان تيانانمن بسبب قيام قوات عسكرية صينية لتطهير ساحة تظاهرات آلاف الطلاب فى الميدان ببكين ، وفى عام 1993 أطلق الرئيس بيل كلينتون سياسة “المشاركة البناءة” مع الصين بعد أن أطلقت الصين سراح وي جينغشنغ وهو سجين سياسي منذ عام 1979 وآخرين في ذلك العام وترحيل المنشقين إلى الولايات المتحدة واستمرارية التلاعب بينهما مع أزمة اختبارات الصواريخ الصينية التي تهدف إلى التأثير على الناخبين التايوانيين ضد التصويت لصالح المرشح المؤيد للاستقلال في مارس 1996فقد وافقت واشنطن وبكين على تبادل المسؤولين مرة أخرى.
واهتزت العلاقات الأمريكية الصينية بعد أن قصف الناتو السفارة الصينية في بلغراد بطريق الخطأ خلال حملته ضد القوات الصربية التي تحتل كوسوفو في مايو 1999وقدمت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلنطي اعتذرا عن سلسلة أخطاء المخابرات الأمريكية التي أدت إلى التفجير المميت ، لكن الآلاف من المتظاهرين الصينيين يحتجون في جميع أنحاء البلاد، ويهاجمون الممتلكات الأمريكية الرسمية، وفى أكتوبر 2000 وقع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون على قانون العلاقات بين الولايات المتحدة والصين ويمنح بكين علاقات تجارية طبيعية دائمة مع الولايات المتحدة ويمهد الطريق للصين للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001 وفى إبريل من ذات العام تتصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة والصين بعد إصطدام طائرة استطلاع أمريكية بمقاتلة صينية وتهبط اضطراريا على الأراضي الصينية. وإحتجاز السلطات في جزيرة هاينان الصينية طاقم الولايات المتحدة المكون من أربعة وعشرين عضوا وبعد مرور اثني عشر يومًا ومواجهة متوترة، أطلقت السلطات سراح الطاقم، وليعرب الرئيس جورج بوش عن أسفه لوفاة طيار صيني وهبوط الطائرة الأمريكية.
وفى عام 2005 دعا نائب وزير الخارجية روبرت ب. الصين إلى أن تكون “صاحبة مصلحة مسؤولة” واستخدام نفوذها لجذب دول مثل السودان وكوريا الشمالية وإيران إلى النظام الدولي ، وفي عام 2006 ترتفع التجارة بين الولايات المتحدة والصين من 5 مليارات دولار إلى 231 مليار دولار ، وفى عام 2007 أعلن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني إن التعزيز العسكري للصين “غير متسق” مع الهدف المعلن للبلاد المتمثل في “النهوض السلمي” ، وفي سبتمبر 2008 ، تفوقت الصين على اليابان لتصبح أكبر حامل للديون الأمريكية – أو الخزينة – بحوالي 600 مليار دولار. يصبح الاعتماد المتبادل المتزايد بين الولايات المتحدة والاقتصاد الصيني واضحا حيث هدد بأزمة مالية للاقتصاد العالمي ، مما زاد من المخاوف بشأن الاختلالات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين وخاصة بعد أن تفوقت الصين على اليابان كأكبر اقتصاد في العالم بعد أن بلغت قيمتها 1.33 تريليون دولار في الربع الثاني من عام 2010 ، وليصرح صرح جيم أونيل كبير الاقتصاديين العالمى في جولدمان ساكس بأن الصين تسير على الطريق الصحيح لتجاوز الولايات المتحدة كاقتصاد رقم واحد في العالم بحلول عام 2027 ، ولتصبح الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وليتصاعد التوتر التجاري بينهما بعد تصاعد وارتفاع العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين فى فبراير 2012 من 273.1 مليار دولار في عام 2010 إلى أعلى مستوى على الإطلاق من 295.5 مليار دولار في عام 2011 ولتمثل الزيادة ثلاثة أرباع النمو في العجز التجاري الأمريكي لعام 2011 ، وليقدم الاتحاد الأوروبي واليابان”طلبًا للتشاور” مع الصين في منظمة التجارة العالمية بشأن القيود المفروضة على تصدير المعادن الأرضية النادرة ولتعلن الولايات المتحدة وحلفاؤها أن الحصة الصينية تنتهك قواعد التجارة الدولية ، مما يجبر الشركات متعددة الجنسيات التي تستخدم المعادن على الانتقال إلى الصين ، وتصف الصين هذه الخطوة بأنها “متهورة وغير عادلة” وتتعهد بالدفاع عن حقوقها في النزاعات التجارية ، ويتصاعد التوتر مع هروب المنشق الصيني الأعمى تشن جوانغتشنغ من الإقامة الجبرية في مقاطعة شاندونج في 22 أبريل 2012 إلى السفارة الأمريكية في بكين وطلبه اللجوء إلى الولايات المتحدة لينتهى هذا التوتر الذى هدد بتقويض العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين بالسماح لـ تشن بزيارة الولايات المتحدة كطالب ، وليس كطالب لجوء.
وفى 19 مايو 2014 أوقفت بكين تعاونها في مجموعة عمل الأمن الإلكتروني بين الولايات المتحدة والصين بعد أن إتهمت محكمة أمريكية خمس قراصنة صينيين سرقة التكنولوجيا التجارية من الشركات الأمريكية وأن لهم صلات بجيش التحرير الشعبي الصيني، وعلى هامش قمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ لعام 2014، أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الصيني شي جين بينغ بيانًا مشتركًا بشأن تغير المناخ ، متعهدين بخفض انبعاثات الكربون وحدد الرئيس الأمريكى أوباما هدفًا أكثر طموحًا لخفض الانبعاثات في الولايات المتحدة، ويعد شي جين أول وعد من الصين للحد من نمو انبعاثات الكربون بحلول عام 2030.
موضوعات تهمك:
الصعود الصيني والانفعال الأميركي.. العالم عند سفح أم هاوية؟!
عذراً التعليقات مغلقة